استئناف المساعدات من قبرص لغزة بعد توقفها جراء مقتل موظفي إغاثة

نيقوسيا - قال مصدر قبرصي إن شحنات المساعدات استؤنفت من قبرص إلى غزة في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، بإبحار سفينة تحمل مواد غذائية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر بعد توقف المساعدات عقب مقتل سبعة من موظفي الإغاثة في غارة إسرائيلية، في وقت أعلنت الأمم المتحدة أنها أغلقت أو علقت خمس قضايا بشأن موظفي الأونروا لعدم كفاية أدلة إسرائيل.
وأوقفت منظمة المطبخ المركزي العالمي (وورلد سنترال كيتشن) غير الحكومية المساعدات لمراجعة نشاطها في القطاع بعد الهجوم الذي وقع في أوائل أبريل، في قرار أدى إلى تعليق الشحنات المباشرة من قبرص إلى غزة.
وقال المصدر القبرصي إن سفينة شحن صغيرة غادرت ميناء لارنكا مساء الجمعة محملة بمساعدات تبرعت بها الإمارات.
والإمارات هي الممول الرئيسي للمساعدات عبر الممر البحري إلى غزة، فيما تعمل وورلد سنترال كيتشن على ترتيب طرق استقبال المساعدات.
وأبحرت من قبرص سفينة دعم بريطانية سيتمركز على متنها مئات العسكريين الأميركيين المشاركين في بناء رصيف بحري في غزة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، كما ذكر مصدر عسكري السبت.
وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن بناء الرصيف بدأ الخميس ويفترض أن يكون جاهزاً للعمل "اعتبارا من بداية مايو".
وتقول الولايات المتحدة إن القدرة التشغيلية لهذه المنصة ستكون في البداية 90 شاحنة مساعدات يوميا ثم 150 شاحنة يوميا. وستصل المساعدات أولا إلى قبرص حيث ستخضع للتدقيق ثم سيتم إعدادها لنقلها إلى غزة.
وشدد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس في بيان على الدور "الأساسي" لطاقم سفينة الدعم "كارديغن باي" (Cardigan Bay) التابعة لـ"الأسطول الملكي المساعد" (RFA) في مساهمة المملكة المتحدة في زيادة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وتؤكد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية أن مبادرات من هذا النوع لا يمكن أن تحل محل زيادة كبيرة في دخول المساعدات الإنسانية عن طريق البر إلى القطاع المحاصر حيث يتهدد خطر المجاعة أكثر من مليوني شخص، وفي ظل نقص حاد في التجهيزات الطبية وخروج غالبية المرافق الصحية عن الخدمة جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة للتخفيف من حدة الجوع الشديد في قطاع غزة الذي دمرته شهور من الحرب. وتعرض جزء كبير من قطاع غزة المكتظ بالسكان لدمار مهلك ونزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
واتهمت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى إسرائيل بعرقلة توزيع المساعدات من خلال وضع عقبات بيروقراطية والتقاعس عن توفير الأمن لقوافل الغذاء، وهو ما أبرزته كارثة وقعت في 29 فبراير وأودت بحياة نحو 100 شخص كانوا ينتظرون تسلّم المساعدات.
وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة أنها أغلقت أو علقت خمس قضايا من أصل 19 قضية في شأن موظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تتهمهم إسرائيل بالتورط في هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وقد أدت هذه الاتهامات إلى اضطرابات في نشاط الأونروا وانخفاض تمويلها، فيما يواجه قطاع غزة الذي تحاصره وتقصفه إسرائيل كارثة إنسانية، بما في ذلك خطر المجاعة على نطاق واسع.
وأعلن مكتب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن مكتب الرقابة الداخلية "حقق مع 19 موظفاً في الأونروا"، وهم أول 12 موظفاً اتهمتهم إسرائيل في يناير (كانون الثاني) وتم "إنهاء" عقودهم، إضافة إلى سبعة آخرين تم الإبلاغ عنهم لاحقاً.
وفي ما يتعلق بالموظفين الـ12 "تم إغلاق قضية واحدة، لأن إسرائيل لم تقدم أي دليل يدعم الاتهامات الموجهة ضد الموظف"، وتم "تعليق ثلاث قضايا أخرى، لأن المعلومات التي قدمتها إسرائيل لم تكن كافية للسماح لمكتب خدمات الرقابة الداخلية بإجراء تحقيق".
أما في ما يخص الموظفين السبعة الآخرين فتم "تعليق إحدى القضايا لحين تلقي أدلة إضافية"، بحسب مكتب المتحدث. وفي المجمل، لا يزال 14 موظفاً قيد التحقيق.
وأضاف المصدر نفسه أن المحققين زاروا إسرائيل لإجراء مناقشات مع السلطات ومن المقرر إجراء زيارة أخرى في مايو (أيار). وكانت هذه المناقشات "بناءة" و"ساعدت في تقدم التحقيقات".
تأتي هذه الإعلانات بعد أيام قليلة من الكشف عن تقرير صادر عن بعثة تقييم مستقلة حول "حياد" الأونروا في غزة.
وخلص التحقيق الذي أنجزه متخصصون تحت إشراف وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا إلى أن الوكالة تعاني "مشكلات تتصل بالحياد" السياسي لكن إسرائيل لم تقدم بعد "دليلاً" على الروابط المزعومة لموظفين معينين مع "منظمات إرهابية".
وشدد التقرير أيضاً على أن "الأونروا لا بديل عنها على صعيد التنمية البشرية والاقتصادية" للاجئين الفلسطينيين في غزة وكذلك في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية.
ودفعت الاتهامات الإسرائيلية كثيراً من الدول المانحة إلى تعليق تمويلها للأونروا. وقد استأنفت دول عدة التمويل منذ ذلك الحين، لكن ليس من بينها الولايات المتحدة الحليف الأبرز لإسرائيل.
ويعمل في الأونروا أكثر من 30 ألف موظف يخدمون 5.9 مليون فلسطيني في المنطقة.
وفي السياق، قالت الحكومة الهولندية الجمعة إنها ستدرس استئناف تمويل وكالة الأونروا في غزة إذا نفذت الوكالة توصيات لتعزيز حيادها.
وأشارت الحكومة الهولندية إلى أنها قدمت بالفعل تبرعها السنوي للأونروا في يناير، قبل ظهور الاتهامات الموجهة للوكالة.
وأضافت هولندا أنها لا تتوقع أي تبرعات إضافية في المستقبل القريب، لكنها ستعتبر الأونروا شريكاً محتملاً إذا تم تقديم طلبات للمساعدة.