استئناف المساعدات الغربية للسودان رهن تكريس الحكم المدني

الولايات المتحدة تعلق مساعداتها المالية للخرطوم عقب الاتفاق السياسي الذي أبرم بين المكون العسكري ورئيس الوزراء.
السبت 2021/12/04
حماسة الشارع تؤرق حمدوك

الخرطوم - تراجعت آمال السودانيين بعد تشدد الولايات المتحدة في استمرار تعليق مساعداتها المالية للخرطوم عقب الاتفاق السياسي الذي أبرم الأسبوع الماضي بين المكون العسكري ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، فيما يؤكد مراقبون أن عودة المساعدات الغربية للسودان رهن تكريس الحكم المدني في البلاد.

وشدد حمدوك لدى لقاء الخميس مع القائم بأعمال السفارة الأميركية بالإنابة لدى الخرطوم برايان هانت على أهمية استمرار الحوار مع الولايات المتحدة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.

وأفاد هانت أن بلاده والشركاء “ينتظرون خطوات عملية واضحة لتنفيذ الاتفاق السياسي، إضافة إلى إكمال مؤسسات الحكم الانتقالي كأساس للانطلاق نحو التحول الديمقراطي في السودان”.

وفي السابع والعشرين من أكتوبر الماضي علقت واشنطن مساعدات مالية بقيمة 700 مليون دولار عقب الإجراءات التي أعلنها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.

وفي الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس تعليقا على الاتفاق الذي تم بين البرهان وحمدوك “هذه خطوة أولى، ويجب ألا تكون خطوة أخيرة”.

وأكد الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية عاصم إسماعيل أن استمرار الدعم من عدمه يتوقف على دور الحكومة المقبلة واستمرارها بنفس النهج الذي يفضي إلى تعاون المجتمع الدولي وعودة الدعم.

نيد برايس: الاتفاق السياسي خطوة أولى ويجب ألا تكون خطوة أخيرة

ووفقا لإسماعيل فإن ما جعل الأميركيين يوقفون الدعم هو “الانقلاب العسكري الذي حدث في أكتوبر الماضي”.

وقال “واشنطن ما زالت ترى أن الواقع السوداني يدار بواسطة العسكريين، على الرغم من أنها تراجعت عن طريقتها في كيفية إدارة السودان بقولها إنها حريصة على الشراكة”.

ونوه إلى أن الإدارة الأميركية ترغب في معرفة تكوين الوزارات، ومن هم الوزراء الجدد. ونبّه إسماعيل إلى وجود مخاوف من عودة بعض أنصار حزب المؤتمر الوطني المحلول.

ولفت إلى أن قرارات حمدوك من إقالة وتعيين لبعض قيادات الأجهزة الشرطية والأمنية عبارة عن رسالة مهمة للخارج بامتلاكه زمام الأمور وأن الحكومة المدنية هي المسؤول الأول في البلاد.

وأصدر حمدوك السبت الماضي قرارا بإعفاء مدير الشرطة الفريق أول خالد مهدي إبراهيم ونائبه الفريق الصادق علي إبراهيم من منصبيهما.

وفي المقابل يرى المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي أن الأحداث السياسية منذ الخامس والعشرين من أكتوبر ساهمت في أن تعلق وتوقف بعض الدول المانحة مساعدتها المالية للسودان.

وقال فتحي إن هذه الدول وعدت وتعهدت في السابق بدعم السودان ماليًا عقب الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها البلاد منذ نهاية العام الماضي باتفاق مع البنك وصندوق النقد الدوليين.

وأوضح أن هذه الدول تعهدت بدعم برامج اجتماعية وبرامج حماية لتخفيف آثار هذه الاصلاحات على الشرائح الضعيفة.

وتابع “هذه الوعود من قبل المؤسسات الدولية ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تم تعليقها بعد الإجراءات التي قام بها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان”.

وفي الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي رحب الاتحاد الأوروبي بتوقيع اتفاق سياسي بين قائد الجيش السوداني وحمدوك، في محاولة لإنهاء الأزمة بالبلاد.

وأعلن سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم روبرت فان دوول الخميس وفق بيان الحكومة السودانية استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم للحكومة السودانية في مجالات السلام والاقتصاد والأمن والتحول الديمقراطي.

ويقول مراقبون إن إعلان النوايا الأوروبية لمساعدة السودان مرهون بمدى تكريس الاتفاق السياسي على الميدان وتركيز أسس الحكم المدني وإجراء انتخابات شفافة ونزيهة.

ستيفان دوجاريك: لا بد من انتخابات تؤدي إلى نظام ديمقراطي مدني

ودعت الأمم المتحدة الخميس السلطات السودانية إلى اتخاذ خطوات جادة نحو إجراء انتخابات نزيهة ترسخ نظاما ديمقراطيا مدنيا.

وجاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.

وقال دوجاريك “هناك حاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة وجادة من قبل السلطات السودانية، لتمهيد الطريق نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة تؤدي إلى نظام ديمقراطي مدني”.

وأضاف “اتفاق الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي كان خطوة أولية نحو استعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي المدني، لكن هناك المزيد من العمل الذي ينبغي إنجازه”.

واشترط دوجاريك لحصول السودان على قبول محلي ودولي “الإفراج بشكل عاجل عن جميع المعتقلين والمحتجزين بشكل تعسفي منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي”.

وتابع “لا يمكن تحديد مسار الانتقال الديمقراطي دون شركاء ثورة السودان، ولذلك فإننا ندعم جهود رئيس الوزراء عبدالله حمدوك للانخراط مع قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وغيرها”.

وفي الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي وقع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا تضمن 14 بندا منها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة حمدوك إلى منصبه بعد نحو شهر من عزله وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية). وتعهد الطرفان بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي.

ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي أزمة سياسية حادة حين تم إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ما أثار رفضا من قوى سياسية واحتجاجات شعبية تعتبر ما حدث “انقلابا عسكريا”.

2