ازدواجية باكستان في التعامل مع طالبان ليست لها حدود

باكستان تواجه مشكلة إرهاب متزايدة منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة.
الأربعاء 2022/11/02
عدم الوثوق بباكستان في الوفاء بأي وعود

إسلام أباد - رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها باكستان ضد الإرهاب في العقد الماضي أو نحو ذلك، فإنها تواجه مشكلة إرهاب متزايدة منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة. وينعكس هذا من خلال عدد متزايد من الهجمات الإرهابية داخل باكستان. ومع ذلك تحتفظ إسلام أباد بموقف غير بات في تعاملها مع طالبان.

ويقول الكاتبان، صديق صديقي نائب وزير الإستراتيجية والسياسة السابق بوزارة الداخلية الأفغانية، وجايسون كريس هوك المدير والمؤسس المشارك لمنظمة “أصدقاء أفغانستان في العالم” ومقرها الولايات المتحدة، إنه في فبراير 2020، قبل أيام فقط من توقيع اتفاق الدوحة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، اجتمع مجتمع الاستخبارات وقادة الاستخبارات العسكرية من جنوب ووسط آسيا في مؤتمر للقيادة المركزية الأميركية في تامبا بولاية فلوريدا.

وكان الموضوع حربا غير تقليدية، وكانت إحدى أكثر اللحظات إثارة عندما وصف أحد أعضاء اللجنة كيف فشلت أجهزة الأمن الباكستانية مرتين في الحصول على اعتراف الأمم المتحدة بـ“أنظمتها العميلة”.

وكان الجنرالان الحاضران من الاستخبارات الباكستانية المشتركة بين الأجهزة غاضبين في البداية من أن شخصا ما كان يفضح حملتهم للسيطرة على الحكومة الأفغانية من خلال المقاتلين بالوكالة.

وفي وقت لاحق، اعترف أحد قادة الاستخبارات الباكستانية بأن عناصر من القوى الحاكمة في باكستان قد دعمت بالفعل الجهود الفاشلة لقلب الدين حكمتيار في الحرب الأهلية الأفغانية وميليشيا طالبان في التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين للحصول على اعتراف الأمم المتحدة كحكومة أفغانستان.

جايسون كريس هوك: للسيطرة على الإرهابيين بجب عدم الوثوق بباكستان
جايسون كريس هوك: للسيطرة على الإرهابيين يجب عدم الوثوق بباكستان

ويقول الكاتبان إن جعل ضابطين باكستانيين يعترفان علنا بأن بلادهما تواصل دعم ومساعدة شبكة طالبان – حقاني الإرهابية لهزيمة الجمهورية الأفغانية وشركائها في حلف شمال الأطلسي كان ينبغي أن يكون إشارة إلى أفراد أجهزة الاستخبارات المجتمعين بأنه لا يمكن الوثوق بباكستان في قضايا مكافحة الإرهاب. وبدلا من ذلك، قوبل الاعتراف بتجاهل.

وتم التوقيع على اتفاق الدوحة، واعتبرت باكستان ذلك ضوءا أخضر لمواصلة جهودها. وأخذ الأفغان باتفاق الدوحة، وفي وقت لاحق، كان هناك قرار الرئيس جو بايدن بالتخلي عن جميع الوعود الأمنية الأميركية – الأفغانية، حيث سلمت الولايات المتحدة البلاد إلى إرهابيين مقرهم في باكستان.

وفي الواقع، كانت الأموال التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى باكستان تمول في نهاية المطاف نفس الإرهابيين الذين كانوا يشوهون ويقتلون الجنود الأميركيين لمدة عقد من الزمان. وحتى مع وجود هذه الأدلة الواضحة، رفضت الولايات المتحدة تغيير سياستها بما يكفي لتغيير سياسة باكستان.

وبعد أن استولى إرهابيو “طالبان – حقاني” على كابول في عام 2021، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك عمران خان أن طالبان “كسرت أغلال العبودية” بهزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان. وأعربت الحكومة الباكستانية علنا عن سعادتها بسقوط جمهورية أفغانستان الإسلامية واحتفلت بعودة طالبان. وأثبتت باكستان صراحة أن مولن على حق.

وبعد عشرين عاما من الحرب والمشاركة الدولية، ظلت آفاق السلام الدائم والاستقرار والتسوية السياسية المقبولة لأفغانستان بعيدة وظهرت العديد من الأطراف الفاعلة الإقليمية التي لديها رغبة متزايدة في التدخل في أفغانستان لمساعدة طالبان، بدعم من باكستان.

والآن، نرى باكستان تعيد ضبط اللعبة. وخلال زيارته إلى واشنطن في أوائل أكتوبر، قدم قائد الجيش الباكستاني الشعار القديم، محاولا تسويق نفوذ باكستان على نظام “طالبان – حقاني” كرصيد للولايات المتحدة. ولكن لن يكون هناك أي تغيير في وجهة نظر باكستان بشأن التعاون مع الولايات المتحدة. ستكون نفس قصة الازدواجية.

ويرى الكاتبان أن الخيار الأفضل للسيطرة على الإرهابيين في جنوب ووسط آسيا هو عدم الوثوق بباكستان في الوفاء بأي وعود. وتدير باكستان أساسا مصنعا للإرهاب في جنوب آسيا.

ويمكن للولايات المتحدة بدلا من ذلك أن تدعم الجهات الفاعلة القائمة في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة. إن تعميق العلاقات الإستراتيجية مع باكستان دون موازنة مع الهند من شأنه أن يطيل أمد وجود الملاذ الآمن للإرهابيين الذي هو أفغانستان الجديدة.

ويخلص الكاتبان إلى أن تكرار السياسة الأميركية الساذجة السابقة تجاه باكستان لن يغير طبيعة الأزمة الحالية في أفغانستان. فالاعتماد على باكستان والاستعانة بمصادر خارجية للشؤون الأفغانية محكوم عليه بالفشل ولا يؤدي إلا إلى تأخير التوصل إلى تسوية مقبولة في أفغانستان.

5