ازدهار قوي للإدراجات السعودية وسط طفرة في الاكتتابات الخليجية

السعودية، التي يتجاوز عدد سكانها 37 مليون نسمة مقارنة بنحو 11 مليونا في الإمارات، تمتلك سوقا مالية أعمق وأكثر سيولة على المستويين المؤسسي والتجزئة.
السبت 2025/01/18
إحدى الوجهات المهمة للمستثمرين في الشرق الأوسط

الرياض- غذت طفرة الاكتتابات في منطقة الخليج العربي من عمليات الإدراج في السوق السعودية، والتي تحولت إلى إحدى الوجهات المهمة للمستثمرين في الشرق الأوسط بفضل الإصلاحات التنظيمية والمبادرات المتعلقة بتحفيز الأعمال وتدفق رؤوس الأموال.

وينظر المحللون إلى التحول الكبير والمتسارع في السعودية على جبهة الأعمال بفضل إصلاح القوانين وتقديم الإغراءات على أنها نقطة مفصلية ليصبح البلد بالنسبة إلى المستثمرين الذين يطاردون الأرباح والنمو بمثابة صين جديدة في المنطقة.

وحققت الاكتتابات العامة الأولية في البلد نجاحا بارزا ضمن سلسلة الطروحات الأخيرة للأسهم في الشرق الأوسط، بينما شهدت بعض صفقات الإدراج البارزة في المنطقة أداء ضعيفاً خلال الأشهر الماضية.

فيجاي فاليتشا: الحماسة الإيجابية المحيطة بالطروحات مستمرة بلا توقف
فيجاي فاليتشا: الحماسة الإيجابية المحيطة بالطروحات مستمرة بلا توقف

وفي السابق لم تجذب السعودية، التي انضمت إلى مؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة في عام 2019، سوى القليل جدا من المليارات من الدولارات التي يخصصها مستثمرو الأسهم لأسواق الأسهم العالمية.

وسجلت شركتي الموسى الصحية ونايس ون بيوتي للتسويق الإلكتروني السعوديتين عوائد قوية في أولى جلسات تداول أسهمهما في شهر يناير الجاري، ولا تزال أعلى من سعر الطرح.

ولم تحقق أسهم بعض الشركات المطروحة في بورصة تداول النجاح المطلوب على مدار الأشهر الاثني عشر الماضية، بما في ذلك ثلاث شركات لطحن الدقيق وصندوق استثمار عقاري لا تزال أسعار أسهمها دون المستوى.

ومع ذلك فإن الأسهم التي طُرحت جنت مكاسب قوية في أول أيام التداول، وحققت أداءً أفضل في السوق مقارنة بأي بورصة خليجية أخرى، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة بلومبيرغ.

ويأتي ذلك مخالفاً لأداء ثلاث من أكبر الاكتتابات في المنطقة العام الماضي. فقد سجلت أسهم طلبات هولدينغ ولولو ريتيل هولدينغز من الإمارات وأوكيو للاستكشاف والإنتاج العُمانية بدايات مخيبة للآمال مع بدء تداولها.

وحاليا، يُتداول منها فقط سهم طلبات لنقل الطرود المملوكة لمجموعة دليفري هيرو الألمانية بسعر أعلى قليلاً من سعر الطرح. باستثناء الاكتتاب الناجح لشركة باركن في دبي، حققت جميع الأسهم الجديدة المدرجة في الإمارات مكاسب محدودة.

وقال فيجاي فاليتشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار لدى شركة الوساطة سنشري فايننشال، ومقرها الإمارات، “لا تزال الحماسة الإيجابية المحيطة بالطروحات الأولية في السعودية مستمرة بلا توقف.”

وأشار في تصريح لبلومبيرغ إلى وجود “تفوق واضح” بين أداء الأسهم المدرجة حديثاً في السعودية وبقية المنطقة.

وأوضح فاليتشا أن متوسط أداء الأسهم في أولى جلسات التداول بعد طرحها في الإمارات خلال العام الماضي بلغ 17 في المئة، بينما حققت الأسهم التي طُرحت في السعودية مكاسب بمتوسط 37 في المئة خلال نفس الفترة.

ويقول المحللون إن السعودية، التي يتجاوز عدد سكانها 37 مليون نسمة مقارنة بنحو 11 مليونا في الإمارات، تمتلك سوقا مالية أعمق وأكثر سيولة على المستويين المؤسسي والتجزئة.

أشيش مارواه: الاكتتابات تستفيد من توسع قاعدة المستثمرين والسوق
أشيش مارواه: الاكتتابات تستفيد من توسع قاعدة المستثمرين والسوق

ووفقا لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تمتلك السعودية أكبر صناعة لإدارة الأصول بين دول الخليج العربي الست، بإجمالي أصول مُدارة تجاوزت 250 مليار دولار بحلول يونيو الماضي.

ويوضح أشيش مارواه مدير ورئيس الاستثمار في نيوفيجن ويلث مانجمنت أن “الاكتتابات العامة الأولية في السعودية تستفيد من قاعدة أوسع من المستثمرين المحليين لاستيعاب الطروحات، وسوق ذات رسملة أكبر بشكل عام.”

وتبلغ القيمة الإجمالية للشركات المدرجة في السعودية نحو 2.7 تريليون دولار. ورغم أن أكثر من نصف الرقم يعود إلى شركة أرامكو العملاقة، فإنه يتجاوز بكثير القيمة الإجمالية للأسهم المدرجة في بورصتي الإمارات، والتي تبلغ تريليون دولار، بحسب بلومبيرغ.

كما يعني عدد السكان الأكبر في السعودية سوقا استهلاكية أوسع، وهو ما استفاد منه قطاعا التجزئة والرعاية الصحية، إلى جانب النمو خارج القطاع النفطي.

وأرجع المحللون الأداء الضعيف لاكتتابي طلبات ولولو ريتيل إلى التقييمات المرتفعة، بالإضافة إلى الزيادات التي حدثت قبيل نهاية الاكتتابات في حجم الصفقات.

وكان هذان الطرحان من بين أكبر الاكتتابات في المنطقة خلال العام الماضي، الأمر الذي يتطلب طلباً أكبر لتغطية الطرحين بالكامل. أما في السعودية، فقد تركزت الطروحات على شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، وفق فاليتشا.

وبينما قدم مؤشر دبي الرئيسي أداء أفضل العام الماضي مقارنة بمؤشر تداول، مدعوما بطروحات جديدة مثل باركن التي حققت عوائد ضخمة، وأيضا ارتفاع أسهم إعمار العقارية في ديسمبر، فإن السعودية أثبتت أنها خيار أفضل للمستثمرين عند النظر إلى الاكتتابات الجديدة.

وقال فاليتشا “في الإمارات، استقبلت الأسواق بعض طروحات أسهم الشركات المملوكة للحكومة بشكل جيد، بينما عانت الاكتتابات الخاصة من أداء ضعيف أو مكاسب محدودة.” وأضاف “في حالة السعودية، كانت المكاسب أكثر انتشاراً على نطاق واسع.”

10