اردوغان يسعى للتنسيق مع روسيا بشأن مستقبل سوريا

انقرة - أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة، أهمية التعاون بين البلدين لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا على أساس وحدة أراضيها. وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس تشهد فيه سوريا تحولًا في موازين القوى خاصة بعد تراجع النفوذين الروسي والإيراني إثر سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وفي المقابل تركيا التي تزايد نفوذها بعد سقوط الأسد في سوريا، تتطلع إلى لعب دور محوري في رسم ملامح المستقبل السوري ربما بتعاون أكبر مع موسكو.
ويعتقد ان أنقرة تسعى إلى التنسيق مع موسكو للحد من تأثيرات النزاع الطائفي والعرقي في سوريا، الذي تعمق من خلال التدخلات الإقليمية والدولية. فيما يُعزز هذا التنسيق التركي الروسي من إمكانيات تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
ولا تزال موسكو تمتلك أوراقًا هامة في سوريا رغم سقوط الأسد فالوجود العسكري الروسي في سوريا يتجسد في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط، وهما مركزان استراتيجيان في المنطقة.
ولعل ما يزيد من أهمية موقف روسيا في سوريا هو رغبتها في تعزيز العلاقات مع أنقرة والتعاون في قضايا إقليمية، خاصة في سياق تطور الموقف التركي الذي أصبح أكثر تأثيرًا في الملف السوري في السنوات الأخيرة.
ويبدو ان الرئيس الروسي الذي كان قد دعم نظام الأسد بشكل غير محدود طوال الحرب، بات الآن على استعداد للانخراط في تنسيق مع تركيا والتعامل مع سلطات الرئيس السوري الجديد احماد الشرع، مما يشير إلى تحول استراتيجي في سياسات موسكو.
ومواقف تركيا وروسيا تجاه مستقبل سوريا قد تكون محورية في إعادة بناء استقرار البلد الذي مزقته الحرب. وقد شدد الرئيس التركي في تصريحاته على ضرورة العمل المشترك مع روسيا من أجل القضاء على محاولات تقسيم سوريا على أسس عرقية وطائفية، حيث أشار إلى أهمية أن تظل وحدة البلاد أولوية أساسية.
كما أشار إلى أنه لا بد من التعاون بين البلدين من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل، وهو ما يُعد خطوة باتجاه تحسين الوضع الاقتصادي السوري المتدهور، حيث أدت العقوبات الدولية إلى عواقب اقتصادية وخيمة على البلاد.
وفي إطار هذا التعاون، كذلك أكد اردوغان على أهمية مشاركة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الإدارة المركزية السورية، معتبرًا أن الدمج السياسي لهذه القوات ضمن النظام السوري سيكون خطوة ضرورية لتعزيز الاستقرار في البلاد. ويأتي ذلك في وقت يتزايد فيه النقاش حول مستقبل هذه القوات، التي يهيمن عليها الأكراد، والتي تُعتبر من جانب تركيا تنظيمًا إرهابيًا مرتبطًا بحزب العمال الكردستاني.
ويبدو ان تصريحات اردوغان فيها نوع من قبول الامر الواقع خاصة بعد الاتفاق الذي عقده الشرع مع قائد قسد مظلوم عبدي والذي ينتظر تجسيده على الأرض. لكن تركيا رغم ذلك لن تفرط فيما تراه جزءا من امنها القومي والذي يمنع انشاء دولة كردية مستقلة على حدودها.
وكانت لتركيا تجربة في التعامل مع روسيا في فترة الحرب الاهلية وشاركت في اجتماعات استانا التي دعت اليها روسيا حينها وبالتالي يمكن للبلدين أن يلعبا أدوارا هامة في المستقبل.
بدوره تؤكد السلطات السورية الحالية أنها مستعدة للتعاون مع الجانب الروسي في إطار المصالح المشتركة.