ارتفاع فاتورة الاستيراد يدفع الصومال إلى تأسيس نواة لصناعة الدواء

الصومال تحفز المستثمرين على إنشاء مصانع للأدوية.
الثلاثاء 2023/06/20
لا شيء مستحيل!

مقديشو - يحاول الصومال لأول مرة منذ نحو ثلاثة عقود الانضمام إلى عالم صناعة الأدوية عبر تأسيس نواة تقودها شركة يني صوم، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي والحد من العلاجات المستوردة.

ووفق إحصائيات غير رسمية، فإن الفاتورة السنوية للأدوية تقدر بأكثر من 80 مليون دولار، نتيجة اعتماد البلاد كليا على الاستيراد، جراء غياب مصانع في القطاع بعد انهيار الحكومية المركزية عام 1991.

ويشكل الاستقرار الذي تشهده البلاد عاملا مشجعا لزيادة قطاع الصناعات في المجالات المختلفة، ما يؤهل البلد الأفريقي الذي يتعافى من مشاكل أمنية، لخلق صناعات محلية تنافس أسواق المنطقة.

ويرى القائمون على شركة ينيسوم للرعاية الصحية التي تم تأسيسها حديثا أن السوق المحلية بيئة مناسبة تحفز على إنشاء مصانع للأدوية نظرا لتكلفة الدواء العالية التي يتم شراؤها من الخارج، وذلك رغم العديد من الصعوبات التي تعترض القطاع.

وتعمل ينيسوم، التي كسرت جمود الصناعة الدوائية، حاليا على إنتاج أنواع معينة من الأدوية التي يحتاجها السوق المحلي كمرحلة أولية تستبق رفع الإنتاجية لاحقا حسب زيادة الطلب.

عبدي محمد: ينيسوم تريد سد الطلب عبر إنتاج العديد من الأصناف
عبدي محمد: ينيسوم تريد سد الطلب عبر إنتاج العديد من الأصناف

وانطلقت جهود إنشاء هذه الشركة منذ 2021 وتكللت بتأسيسها رسميا في ديسمبر الماضي بالعاصمة مقديشو، ومنذ ذلك الوقت تعمل يوميا على إنتاج الآلاف من المستحضرات والأدوية تلبية لمتطلبات السوق وفق معايير جودة عالية تستقطب عملاء أجانب ومحليين.

وقال عبدي محمد، المدير التنفيذي للشركة، إن “ينيسوم عضو مجموعة شركات يني فارما للأدوية المنتشرة ببلدان عربية وأوروبية، وأسست بشراكة مستثمرين أتراك وصوماليين بهدف إنشاء أول شركة لمصنع محلي يعنى بإنتاج الأدوية في الصومال”.

وأوضح لوكالة الأناضول أن الشركة ركزت في مراحلها الأولى على صناعة مستحضرات 3 أنواع من الأقراص مثل أموكسي سيلين الذي يستخدم لعلاج عدة أمراض معدية، وبرستمول مسكن الآلام وأمبرازول المستخدم لعلاج قرحة المعدة.

وأكد محمد أن هذه الأدوية تعد الأكثر طلبا، ولهذا تحاول يني صوم توفيرها رغم اعتماد السوق على الأدوية المستوردة من الخارج.

وتصل القدرة الإنتاجية للشركة إلى مليون قرص شهريا، ما يعكس حجم الشركة وتمكنها من سد احتياجات السوق المحلي، فيما تتطلع إلى تعزيز إنتاجيتها نهاية العام الجاري لبدء تصنيع الكبسولات والمشروبات المختلفة والمحاليل.

وتمر صناعة الأدوية التي تنتجها ينيسوم بمراحل مختلفة تبدأ من شراء المواد الخام الكيميائية من الخارج وفق البروتكولات العالمية لإنتاج مستحضرات الأدوية.

وقالت رملة عبدالله، مديرة مراقبة الجودة بالشركة، إن “صناعة الأقراص الدوائية بعد التأكد من مكوناتها وتدقيق أوزانها، تمر بعملية تحويل مسحوق المواد الكيميائية إلى أقراص عبر آلية كبس ميكانيكية، ليتم بعدها تغليفها والتأكد من سلامتها وجودة حفظها”.

وذكرت عبدالله للأناضول أن بعد انتهاء مراحل الإنتاج تبدأ عملية تعبئة الأقراص في علبة كرتونية يدويا ليتم التأكد من احتواء كل علبة على نشرتها الداخلية التي تحمل معلومات وصفية وكيفية حول استخدامات العلاجات، قبل أن تجد طريقها للتوزيع التجاري.

وتحرص ينيسوم على تطبيق المعايير الدولية للأدوية، وقد حصلت على كل شهادات الاعتماد والجودة لضمان سلامة المنتج وفعاليته عبر الاستفادة من الخبرات التركية وخاصة شركة يني فارما العالمية.

وقال محمد “نعمل على سد متطلبات الأدوية في السوق المحلي والمساهمة في تقليص الاعتماد على استيراد الأدوية من الخارج، ولدينا فرص كبيرة للنجاح، حيث تعتمد بلادنا والمنطقة على الأدوية المستوردة رغم وجود شركات أدوية معدودة في كينيا وأوغندا”.

الاستقرار الذي تشهده البلاد يشكل عاملا مشجعا لزيادة قطاع الصناعات في المجالات المختلفة ولخلق صناعات محلية تنافس أسواق المنطقة

وأوضح أن انضمام الصومال إلى مجموعة شرق أفريقيا للتعاون الاقتصادي يتيح للشركة الناشئة فرصة كبيرة لإيصال منتجاتها إلى هذه السوق الكبيرة التي تتمتع بثقل سكاني هائل.

وأضاف “من خلال منتجاتنا نصنع حدثا كبيرا ونسوّق الصومال كبلد منتج، عكس الصورة النمطية التي تتبادر إلى أذهان الكثيرين عند سماع اسم بلادنا”.

ولتعزيز أعمالها تعمل الشركة على تحديث مراكز الأبحاث والتطوير بهدف توطين العديد من الاحتياجات الدوائية المطلوبة في السوق المحلية.

ومع ذلك تواجه ينيسوم، وفق محمد، تحديات جمة تتعلق بمنافسة الأدوية المستوردة، إلى جانب “منظومة احتكار” يشكلها تجار لا يستفيدون من ظهور شركات محلية للأدوية في البلاد.

وأفاد بأن “مصانع الأدوية ككل مشروع تجاري، وهي تحتاج إلى فترة لبناء اسمها وتعريف منتجاتها للسوق، ولهذا من المعتاد أن نواجه تحديات كبيرة أبرزها شركات الأدوية المستوردة من الخارج”.

وأشار إلى أن في العقود الثلاثة الماضية تشكلت في البلاد منظومات محتكرين للبضائع، “وهذا ليس عدلا، وهو أمر لا يعود على المواطن بأي فائدة، ولهذا تريد شركتنا كسر هذا الاحتكار بخلق منافسة في السوق وتقديم خدمات أدوية ذات جودة عالية”.

وأكد أن غياب الجهات المعنية لمراقبة جودة الأدوية أدى إلى قيام بعض التجار باستيراد أدوية منتهية الصلاحية وأخرى لا تتوافق مع المعايير المطلوبة، ورغم كل هذه المشاكل تتطلع شركتنا إلى وقف الاعتماد على الخارج في قطاع الأدوية.

10