ارتفاع طلبات اللجوء السياسي في صفوف الجزائريين هروبا من الملاحقات الأمنية والقضائية

الجزائر - كشفت الوكالة الأوروبية للهجرة عن بلوغ سقف طلبات اللجوء السياسي من الجزائر إلى أوروبا حاجز العشرة الآلاف طلب مع تسجيل ارتفاع ملحوظ منذ العام الماضي، وذلك من فئة المهاجرين السريين، وهو ما يعكس عمق أزمة الحريات، وانسداد الأفق بشكل يدفع بعض الناشطين المعارضين إلى الانخراط في مغامرات الهجرة غير النظامية للنجاة من ملاحقات السلطات.
وحصل قرابة 300 مهاجر سري جزائري على صفة لاجئ سياسي في عدد من الدول الأوروبية خلال العام الماضي، وذلك من مجموع عشرة آلاف طلب قدمت للمصالح المختصة من مهاجرين جزائريين قرروا الوصول إلى أوروبا بطرق غير نظامية هروبا من ملاحقات أمنية أو قضائية تلاحقهم في بلدهم.
300
مهاجر جزائري من عشرة آلاف حصلوا على صفة لاجئ سياسي في عدد من الدول الأوروبية
ومنذ العام 2020 وصل إلى مدن الجنوب الأوروبي وعواصمه العديد من الناشطين السياسيين المعارضين، بعدما اختاروا وجهتي المرور عبر تركيا أو عن طريق البحر وهو ما يترجم حالة اليأس المتفشية لدى قطاع عريض من الشباب وحتى العائلات والمسنين، ودرجة التضييق على الرأي المخالف للسلطة.
وتضمن تقرير الوكالة الأوروبية للهجرة تفصيلا بمصادر وخلفيات الهجرة التي تعرفها القارة، بما فيها الأزمات السياسية والأمنية التي تعيشها العديد من بؤر التوتر، على غرار سوريا ثم أوكرانيا، إلا أن الوضع يختلف بالنسبة إلى دول شمال أفريقيا ومنها الجزائر، التي كانت تمثل نقطة عبور بالنسبة إلى الرعايا الأفارقة، قبل أن تتحول إلى مصدر لتدفق المهاجرين غير النظاميين.
وإذ تهيمن الظروف الاجتماعية والاقتصادية على أسباب الهجرة من دول جنوب المتوسط، فإن دخول الشأن السياسي على الخط، أضفى بعدا آخر على الظاهرة، فمنذ العام 2020 تواترت محاولات فرار ناشطين معارضين من بلدهم، بسبب القبضة الأمنية وتجريدهم من القدرة على السفر بصفة عادية.
وكانت حالة الناشطة السياسية المعارضة الفرنكو - جزائرية أميرة بوراوي، أحد العينات، فبعد منعها من السفر عدة مرات عبر بوابة مطار العاصمة، اختارت الوصول إلى تونس بطريقة غير نظامية، قبل أن تلجأ إلى السفارة الفرنسية.
وقبلها كان الصحافي سيد أحمد بن عطية الذي وصل إلى فرنسا مرورا بإسبانيا عبر ما يعرف بـ”القارب السريع”، وهو جيل جديد من القوارب التي تستعملها شبكات التهريب في إيصال زبائنها الى الضفة الأخرى، فهو متطور مقارنة بالقوارب العادية لكن كلفة الرحلة على متنه تقدر بنحو سبعة آلاف دولار.
واعتبر بن عطية أن لجوءه إلى الخروج من الجزائر بطريقة غير قانونية كان الخيار الوحيد الذي تبقى لديه للنجاة من ملاحقات أجهزة الأمن والقضاء في مدينة وهران، بسبب نشاطه في قطاع الإعلام وتهديده لمصالح اللوبيات السياسية والاقتصادية، وأنه أودع طلبا للجوء السياسي في فرنسا.
منذ العام 2020 وصل إلى مدن الجنوب الأوروبي وعواصمه العديد من الناشطين السياسيين المعارضين، بعدما اختاروا وجهتي المرور عبر تركيا أو عن طريق البحر
وكانت الحكومة الجزائرية استعادت ناشطيْن سياسييْن معارضيْن من إسبانيا، كانا قد هاجرا بطريقة نظامية قبل اتخاذ قرار عدم العودة، ومباشرة نشاط سياسي معارض للسلطة، كما هو الشأن بالنسبة إلى ضابطي الصف محمد بن حليمة ومحمد عبدالله، أما شمس الدين لعلامي فقد تمت استعادته من عرض البحر خلال محاولته الفرار على قارب “حرقة”.
ولفت التقرير إلى أن 60 جزائريا حصلوا على الحماية الفرعية، بينما رفضت طلبات أكثر من أربعة آلاف، كما حصل أكثر من 19 ألف جزائري على جنسية أوروبية، وعزا الأمر إلى أن الجزائر اعتبرت في تصنيف العام 2018 بلدا مستقرا.
ويعد الناشط السياسي زكي حناش، الحاصل على الحماية الأممية في تونس، منذ عدة أشهر، واحدا من الناشطين الذين لجأوا إلى الهجرة غير القانونية للنجاة من الملاحقة، وكان قاب قوسين أو أدنى من استعادته، لولا تدخل المصالح الحقوقية الأممية، وقد صدر في حقه الأسبوع الجاري حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات على خلفية نشاطه السياسي.