ارتفاع تكاليف نشاط التكرير يضغط بشدة على شركات الطاقة

محللو القطاع يرصدون تراجعا في هوامش إنتاج الوقود نتيجة ضعف الطلب على الديزل خلال الربع الثاني من هذا العام.
الجمعة 2024/07/26
تحديات بالجملة

نيويورك - تواجه شركات النفط العملاقة محنة تزايد الضغوط المالية بفعل ارتفاع تكاليف نشاط التكرير، مما قد يحد من أرباح هذه الصناعة، التي يكافح المتنافسون فيها على تحقيق التوازن بين النمو وعوائد المساهمين.

ورصد محللو القطاع تراجعا في هوامش إنتاج الوقود نتيجة ضعف الطلب على الديزل خلال الربع الثاني من هذا العام، في الوقت الذي زادت فيه المنافسة من الوقود الحيوي، وتدشين مصاف جديدة في الشرق الأوسط، منها الدقم العمانية والزور الكويتية.

وبينما يسود ترقب لإعلان أكبر شركة نفط في العالم أرامكو السعودية عن نتائج أعمالها الفصلية مطلع أغسطس المقبل، يتوقع أن يكون تهاوي هوامش الربح حادا بالنسبة لإكسون موبيل الأميركية ذات البصمة الأكبر بمجال التكرير، إلى درجة محو مكاسب ارتفاع أسعار الخام.

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن بول تشينغ، المحلل لدى سكوتيا بنك قوله إن “الرسالة واضحة.. عمليات التكرير ستشكل تحديا كبيرا خلال هذا الربع”.

وتأتي ضربة هوامش التكرير، التي غالبا ما تعمل كتحوط ضد تقلبات أسعار النفط والغاز، في وقت تجد فيه الشركات الكبرى صعوبة أكبر في مواكبة مطالب المساهمين بزيادة إنتاج الخام والعوائد النقدية.

وللتعامل مع الوضع، لجأ المسؤولون التنفيذيون إلى تأجيل المشاريع منخفضة الكربون، وزيادة الاقتراض لتمويل عمليات إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح، وإنتاج الوقود الأحفوري مستقبلا.

جيسون غابلمان: من المتوقع استمرار تراجع هوامش التكرير في المستقبل
جيسون غابلمان: من المتوقع استمرار تراجع هوامش التكرير في المستقبل

وانخفض صافي الدخل المعدل المجمع للربع الثاني لشركات إكسون موبيل وشيفرون وشل وتوتال أنيرجيز وبي.بي بنسبة 3.9 في المئة ليصل إلى 28.1 مليار دولار مقارنة بالربع السابق، وفقا لتقديرات جمعتها بلومبيرغ.

وهذا التهاوي يأتي رغم ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية بنسبة أربعة في المئة، والمكاسب الطفيفة في أسواق الغاز.

ويختلف وضع السوق الحالي تماما عن الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب في شرق أوروبا قبل أكثر من عامين، عندما ارتفعت هوامش التكرير بشكل قياسي. فهذا العام، وتحديدا في مارس، انخفض الطلب على الديزل إلى أدنى مستوياته الموسمية منذ 26 عاما.

وحذرت إكسون، التي استفادت من عوائد التكرير القوية خلال العامين الماضيين، من أن تقليص الهوامش قلل من إجمالي الأرباح الفصلية بنحو 1.5 مليار دولار، وهو ما يزيد بأكثر من ضعف المكاسب الناجمة عن صعود أسعار الخام.

وتتوقع بي.بي أن تكون هوامش التكرير “أقل بكثير” من ذي قبل، مشيرة إلى أنها قد تخفض قيمة مصنعها في غيلسنكيرشن بألمانيا بملياري دولار. كما تقلصت هوامش تكرير شركة شل بمقدار الثلث لتصل إلى 8 دولارات للبرميل.

ويتوقع جيسون غابلمان المحلل في شركة تي.دي.كوين المقيم في نيويورك في مقابلة مع بلومبيرغ استمرار تراجع هوامش التكرير في المستقبل.

وكانت إستراتيجية عمالقة القطاع للتعامل مع انتعاش أسعار النفط والغاز بعد الوباء تتمثل في زيادة عمليات إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح بدلا من إنفاق الأرباح الإضافية على مشاريع جديدة.

وتتيح هذه الإستراتيجية فائدتان تتمثلان في سداد مستحقات المستثمرين بعد عقد من العوائد الضعيفة، وأيضا عدم إغراق الأسواق بالإمدادات، وهو أمر جيد بالنسبة للأسعار والبيئة.

3.9

في المئة نسبة انخفاض الدخل المجمع لإكسون وشيفرون وشل وتوتال وبي.بي في الربع الثاني

لكن مع التحديات التي تواجهها صناعة التكرير واستعداد تحالف أوبك+ لزيادة الإمدادات السوقية خلال الأشهر الـ12 المقبلة، تتعرض قدرة شركات النفط الكبرى على زيادة العوائد للخطر.

وفيما يرى محللو سيتي غروب أن اعتمادهم على الديون يتزايد، أكد محللو أس آند بي غلوبال الشهر الماضي أن قرارهم بإلغاء النظرة المستقبلية الإيجابية لديون بي.بي يجب أن يُعتبر “تحذيرا للصناعة”.

ويكمن الحل في تحويل الأموال نحو تعزيز الأعمال الأساسية للوقود الأحفوري، وفق ألاستير سايم، المحلل في سيتي غروب، الذي أشار إلى أن الحاجة ملحة أكثر بالنسبة للشركات الأوروبية التي انحرفت عن مسارها بسبب المشاريع منخفضة الكربون.

وقال سايم “يجب أن يكون هناك تغيير في الرواية.. إذا كنت تريد في نهاية المطاف زيادة عوائد المساهمين، فعليك إما تنمية أعمالك التجارية أو زيادة معدل العائد الحالي”.

وقصت توتال شريط موسم أرباح عمالقة النفط الضعيفة، حينما أعلنت الخميس عن انخفاض أرباح الربع الثاني بنسبة 6 في المئة، وهو أسوأ من توقعات المحللين، متأثرة بانخفاض مبيعات المنتجات المكررة والغاز ومع تراجع هوامش التكرير الأوروبية.

وقالت الشركة إن صافي الدخل المعدل للأشهر الثلاثة الماضية بلغ 4.7 مليار دولار، بانخفاض من 4.96 مليار دولار في العام السابق و5.1 مليار دولار في الربع الأول.

ومن المتوقع أن تعلن بي.بي نتائج أعمالها للربع الثاني الثلاثاء المقبل، ثم شل في الأول من أغسطس، فيما ستعلن إكسون وشيفرون عن نتائجهما في الثاني من أغسطس، تليهما أرامكو في 6 أغسطس.

وربما تكون إكسون الأكثر تعرضا لتهاوي هوامش التكرير، لكن آفاق نموها تفوق منافسيها بكثير، وفقا لغابلمان.

وسيتضمن تقريرها المالي لأول مرة صفقة شراء شركة بايونير ناتشورال ريسورسز مقابل 63 مليار دولار. ويتوقع غابلمان أن تعزز المشاريع الناشئة الإضافية الأرباح في 2025 بنحو 5.5 مليار دولار سنويا.

ويترقب المستثمرون جدولا زمنيا محدثاً لمحطة تصدير الغاز المسال غولدن باس التابعة لإكسون في تكساس، بعدما أفلس المقاول الرئيسي مؤخرا.

وبالنسبة لشيفرون، سيكون المستثمرون والمحللون متشوقين لأي تحديث بشأن قضية التحكيم مع إكسون، التي عطلت صفقة استحواذها على شركة هيس مقابل 53 مليار دولار.

10