ارتفاع تكاليف خدمة بطاقات الائتمان معضلة أخرى تُرهق الأتراك

أنقرة - انضافت معضلة ارتفاع تكاليف خدمة البطاقات الائتمانية إلى كومة الأزمات التي يعاني منها الأتراك منذ أشهر، في ظل سياسات الحكومة الرامية إلى حماية الليرة المنهارة وكبح مستوى التضخم الذي دمر القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعطي المؤشرات الرسمية لمحة أكثر تشاؤمية حيث بات المزيد من الأتراك يعيشون على أموال القروض، وما يقرب من الثلث منهم يفشلون في الالتزام بسداد مدفوعات بطاقات الائتمان.
وخلص مسح أجراه اتحاد المستهلكين في تركيا إلى أن قرابة 32 في المئة من إجمالي المستجوبين غير قادرين على مواكبة تكاليف خدمة فواتير بطاقات الائتمان الشهرية بالكامل.
وارتفع عدد الأشخاص المتأخرين عن سداد مدفوعاتهم بنسبة 10 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية (الربع الثاني من 2022)، الأمر الذي يعكس مدى الصعوبات التي باتت تضيق الخناق على الأوساط الشعبية.

محمد بولنت دنيز: يجب اتخاذ تدابير عاجلة لحل المشاكل أمام المستهلكين
كما أظهر المسح الذي أجري في يوليو الماضي أن أكثر من نصف المستطلعين أخذوا سلفة نقدية لسداد ديونهم.
ودعا محمد بولنت دنيز رئيس الاتحاد في تصريحات نقلتها وكالة بلومبرغ إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة لحل مشكلة التضخم التي تواجه المستهلكين”.
وبحسب اتحاد المستهلكين فإن السوق المحلية تضم نحو 90 مليون بطاقة ائتمان متداولة، وهو ما يعني أن 20 مليون شخص تقريبا من تعداد سكان يتجاوز 80 مليون نسمة، قد يسددون مدفوعات جزئية فقط.
وفي مطلع يونيو الماضي رفعت الحكومة الضريبة على القروض الاستهلاكية ضمن إجراءات السلطات لتعزيز الليرة، وسط تصاعد معدلات التضخم.
وارتفع معدل ما يُسمّى بـ”ضريبة المعاملات المصرفية والتأمين على القروض الاستهلاكية” إلى عشرة في المئة من خمسة في المئة، بحسب بيان نُشر في الجريدة الرسمية السبت الماضي.
وجاءت تلك الخطوة في أعقاب سلسلة من الخطوات التي تم الإعلان عنها لدعم الليرة وسط ارتفاع الأسعار، حيث تصدّرت قائمة أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداء منذ بداية العام مع تراجعها بنسبة 22 في المئة منذ يناير الماضي.
وتبدو الضائقة الاقتصادية في تركيا كبيرة إلى درجة أن اتحاد النقابات العمالية رفع في وقت سابق مستوى خط الفقر إلى 19.6 ألف ليرة (1092 دولارا) شهريا بدل 13.3 ألف ليرة (743.2 دولار) في ديسمبر الماضي.
وفي ظل ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في 24 عاما والانخفاض الحاد لليرة في معظم أوقات العام الجاري، أصبح الأتراك الذين كانوا يعتمدون على بطاقات الائتمان لتغطية نفقاتهم، مدينين الآن بأموال كثيرة.
ووفقا لجمعية البنوك التركية فقد ارتفعت قروض المستهلكين والإسكان بنسبة 49 في المئة سنويا خلال الربع الأول من عام 2022.
وأصبح ازدهار الائتمان الاستهلاكي كافيا حتى تتخذ هيئة الرقابة المصرفية خطوات قبل شهرين لإخضاع الطلب من خلال زيادة الحد الأدنى الشهري المطلوب على قروض بطاقات الائتمان وخفض فترة السداد.
ورغم أن نسبة الأتراك غير القادرين تماما على سداد ديونهم الخاصة ببطاقات الائتمان كانت صغيرة عند 1.2 في المئة، قال اتحاد المستهلكين إن الرقم “شهد زيادة كبيرة في الأشهر الثلاثة الماضية”.
ورغم أن التدخلات المتكررة من جانب البنوك التي تديرها الدولة قد ساعدت على استقرار الليرة بعد تراجع دام سبعة أشهر حتى يوليو، ما زال يجري تداولها بالقرب من المستوى النفسي البالغ 18 ليرة مقابل الدولار.
المزيد من الأتراك باتوا يعيشون على أموال القروض، وما يقرب من الثلث منهم يفشلون في الالتزام بسداد مدفوعات بطاقات الائتمان
وفقدت العملة التركية أكثر من 25 في المئة من قيمتها منذ بداية 2022، وهي أسوأ عملة من حيث الأداء بين عملات الأسواق الناشئة.
أما معدل النمو في أسعار المستهلكين في تركيا فيبلغ 80 في المئة سنوياً مقارنة مع مستهدف البنك المركزي البالغ خمسة في المئة.
واستنادا على اعتقاد الرئيس رجب طيب أردوغان غير التقليدي بأن أسعار الفائدة المرتفعة تغذي التضخم، فقد أبقى البنك المركزي المعدل القياسي للفائدة عند 14 في المئة منذ بداية هذا العام، بعد تخفيضها خمس نقاط مئوية في العام الماضي.
والأسبوع الماضي أظهر استطلاع أجرته رويترز أنه من المتوقع أن يسجل الحساب الجاري التركي بنهاية العام الجاري عجزا يزيد عن 40 مليار دولار في الوقت الذي يوسع فيه ارتفاع أسعار الطاقة النقص.
وارتفع العجز التجاري، وهو مكون رئيسي في ميزان الحساب الجاري بنسبة 184.5 في المئة في يونيو الماضي إلى 8.17 مليار دولار، ويرجع ذلك أساسا إلى فاتورة الواردات الضخمة من الطاقة.
وتعتمد تركيا بشكل شبه كامل على الواردات لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وأدى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية إلى تعثر خطة الحكومة لتحويل عجز حساب المعاملات الجارية إلى فائض.
وتقول الحكومة إن عجز الحساب الجاري المزمن، والذي بلغ 14.9 مليار دولار في العام الماضي، سيتحول إلى فائض بموجب الخطة التي يشرف عليها أردوغان بنفسه.
ومع ذلك، يقوم المصدرون الأتراك بمراجعة أهداف نهاية العام الهابطة، في خطوة يمكن أن تعرقل خطط الحكومة مع انخفاض الطلبات الجديدة وسط مؤشرات على تباطؤ عالمي وضغوط تضخمية.