ارتفاع الحرارة بأوروبا يهدد بأزمة غذاء عالمية

هناك تأثيرات بعيدة المدى في المستقبل، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والزراعية على مستوى العالم.
الثلاثاء 2024/08/06
كل شيء يجف

برلين - مناخ الأرض يتغير ودرجات الحرارة ترتفع؛ في أوروبا، شهدت بعض المناطق درجات حرارة غير مسبوقة تجاوزت 38 درجة، وهي درجة تعتبر مرتفعة جدا في دول طالما عرفت بشتائها البارد وبصيفها الجاف والحار، مما أدى إلى جفاف شديد وتأثير سلبي على المحاصيل الزراعية، خاصة الذرة وعلف الماشية.

في أوكرانيا، انخفض محصول الذرة بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة. لم يكن الانخفاض بسبب الحرب بل بسبب الحرارة الشديدة ونقص المياه.

وفي دراسة أجراها البنك المركزي الأوروبي أشير إلى أن صدمات الطقس والمناخ قد تتسبب في ارتفاع تكلفة الغذاء بنسبة تتراوح بين 1.5 و1.8 في المئة سنويا. وهناك تأثيرات بعيدة المدى في المستقبل، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والزراعية على مستوى العالم.

30

في المئة نسبة انخفاض محصول الذرة في أوكرانيا ليس بسبب الحرب بل بسبب الحرارة الشديدة

وفي رومانيا الدولة الشرق أوروبية المصدرة للذرة يشتكي المزارعون حاليا من الجفاف. في الصيف وأوائل الصيف كان من المفترض أن تقوم الحشرات بتلقيح نباتات الذرة، ولكن هذا لم يحدث بشكل كبير، لأنه “لا توجد نحل تعمل في هذه الحرارة”، كما قالت تتيانا أدامينكو من قسم الزراعة في مركز الأرصاد الجوية الأوكراني لموقع بلومبيرغ “حتى الآن يبدو أن محصول الذرة سيكون أقل بنسبة 20 إلى 30 في المئة مما كان متوقعا”.

الحرارة ونقص المياه يؤديان أيضا إلى تكوين عدد أقل من الحبوب وجفاف الثمار التي اكتمل نموها. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الرومانية الرسمية “أجيربرس” قال وزير الزراعة الروماني فلورين باربو “الاتحاد الأوروبي يجب أن يدعم المزارعين الرومانيين بأكثر من نصف مليار يورو. هؤلاء يعانون من انخفاضات في أكثر من مليوني هكتار من الأراضي المزروعة بالذرة وعباد الشمس”.

وتحصل ألمانيا على وارداتها من الحبوب  بشكل رئيسي من الدول المجاورة التي هي أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتأتي أوكرانيا، باعتبارها الدولة الوحيدة من شرق أوروبا وغير العضو في الاتحاد الأوروبي، في المرتبة الرابعة في قائمة الدول المصدرة.

تأثيرات الجفاف لا تتوقف عند الحدود الألمانية، كما يقول شتيفن باخ محلل السوق في شركة كاك تيرمينهاندل، “المتأثر بشكل أساسي هو إسبانيا، التي تشتري تقليديا كميات كبيرة من منطقة البحر الأسود”. والنتيجة أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى استيراد المزيد من الذرة.

وشهدت درجات الحرارة مستويات قياسية في دول مثل رومانيا وبلغاريا، حيث سجلت كلتا الدولتين أعلى درجات حرارة في يونيو 2024 منذ بدء تسجيلات الطقس، وكذلك بعض المدن في أوكرانيا. وفي بوخارست من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة هذا الأسبوع والأسبوع المقبل 35 درجة بشكل كبير.

60

في المئة نسبة انخفاض محاصيل الحبوب في دول مثل تونس والمغرب ومصر بسبب ارتفاع درجات الحرارة

هذه الحرارة لا تحرق المحاصيل فقط، بل تؤدي أيضا إلى نقص في المياه، وهذا كما يقول وزير الطاقة سيباستيان بوردوجا لا يهدد الزراعة  فقط بل يهدد أيضا إمدادات الطاقة.

ليس فقط أن الأمطار تتوقف عن الهطول”، كما ينقل موقع بلومبيرغ عن المزارع ماريوس سوميسان من منطقة تيليورمان الرومانية الذي يزرع القمح والشعير وعباد الشمس والقليل من الذرة، بل حتى عندما يحفر مترا في العمق لا يوجد ماء: “كل شيء يجف. النباتات استهلكت كل شيء بالفعل”.

بالنسبة للاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا فإن الوضع الحالي يعني أمرين، كما يقول شتيفن باخ “يمكن للمزارعين الذين ينتجون الذرة أن يتوقعوا ارتفاع الأسعار. وعلى مربي الحيوانات أن يتوقعوا أن يؤدي ارتفاع أسعار الذرة إلى زيادة أسعار العلف”.

إذا كان الوضع يدعو إلى القلق في أوروبا فإن الوضع لا يمكن وصفه إلا بالكارثي في مناطق أخرى خاصة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

حيث تعاني دول مثل المغرب وتونس ومصر ارتفاعا في درجات الحرارة وجفافا تسبب في انخفاض كبير في محاصيل الحبوب، وصلت إلى 60 في المئة عن مستوياتها المعتادة. هذا التراجع يؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي في المنطقة.

ودفع ارتفاع تكاليف الأعلاف العديد من المزارعين إلى التخلي عن الآلاف من الأبقار، مما أدى إلى تراجع كبير في إنتاج الحليب والمنتجات الحيوانية الأخرى.

11