ارتفاع الأسعار يخنق المصريين ويضع المركزي أمام تحد صعب

القاهرة - تمتد في أرجاء المدن المصرية تأثيرات قاسية لارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، والتي قفزت إلى مستويات هي الأعلى منذ خمس سنوات، ما يضع البنك المركزي أمام تحد صعب لمواجهة هذه المعضلة.
وأبقت تداعيات ارتفاع الأسعار خلال العام الماضي مقاييس التضخم الأساسي بمصر فوق المستويات المتوقَعة مع بداية 2023 متأثرة باستمرار التكاليف المعيشية، بينما يضعف انخفاض العملة قدرات المستهلكين بشكل كبير.
ودفعت زيادة أسعار الغذاء، وانخفاض الجنيه مقابل الدولار، إلى تسارع وتيرة نموه خلال شهر يناير الماضي، مواصلا بذلك مساره الصعودي، في ظل الارتفاع المتواصل لكل السلع والخدمات في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان.
وقفزت أسعار المستهلكين إلى نحو 25.8 في المئة خلال يناير، على أساس سنوي، مقابل 21.3 في المئة خلال ديسمبر 2022، متجاوزة بذلك توقعات المحللين، بتسجيلها أعلى مستوى منذ نوفمبر 2017 عندما بلغت حينها 26 في المئة.
وقال البنك المركزي في بيان إن “معدل التضخم الأساسي ارتفع إلى 31.24 في المئة على أساس سنوي في يناير من 24.4 بالمئة في ديسمبر”.
وحسب النشرة الشهرية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التي أصدرها الخميس، فقد بلغ مؤشر أسعار الاستهلاك على أساس شهري في يناير نحو 4.7 في المئة مقارنة مع نحو 2.1 في المئة بنهاية ديسمبر الماضي.
ولمواجهة ارتفاع فواتير واردات الغذاء والوقود، الذي تفاقم بفعل الأزمة الروسية – الأوكرانية، سارعت مصر للحصول على دعم من حلفائها الخليجيين وصندوق النقد الدولي، وخفضت قيمة عملتها ثلاث مرات، بدأتها في مارس وأواخر أكتوبر 2022، ولاحقا في يناير الماضي.
وتراجع الجنيه مقابل الدولار 22 في المئة خلال يناير الماضي وبنحو 23 في المئة مع بداية العام الحالي ليزيد خسائره إلى 93 في المئة من أول يناير وحتى الآن ليسجل 30.4 جنيه لكل دولار.
وأرجع يوسف البنا المحلل المالي في شركة نعيم المالية استمرار ارتفاع التضخم في تصريح لوكالة بلومبرغ إلى “استمرار تراجع سعر العملة المحلية، وهو ما أدّى إلى ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، وتمرير الشركات تلك الزيادات إلى الزبائن”.
وعانت الطبقتان الوسطى والفقيرة بالبلاد خلال السنوات الأخيرة من ارتفاع حادّ في الأسعار طال كل السلع والخدمات، وتحاول الحكومة التخفيف عن كاهلهما عبر نشر منافذ ثابتة تابعة لجهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة.
وتظهر أرقام مركز الإحصاء أن أسعار الحبوب والخبز قفزت خلال يناير بنحو 65.3 في المئة واللحوم والدواجن بواقع 59.7 في المئة والأسماك بنحو 56.9 في المئة والألبان والجبن والبيض بحوالي 60.3 في المئة والخضروات بنسبة 33.5 في المئة.
ومن شأن ارتفاع التضخم بهذه الدرجة الكبيرة أن يضغط على لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي لرفع الفائدة في اجتماعها التالي المزمع في الثلاثين من مارس المقبل.
أرقام مركز الإحصاء تظهر أن أسعار الحبوب والخبز قفزت خلال يناير بنحو 65.3 في المئة واللحوم والدواجن بواقع 59.7 في المئة
وستكون هذه الخطوة بعدما أبقت اللجنة خلال آخر اجتماع لها مطلع فبراير الجاري أسعار الفائدة دون تغيير. وكان المركزي قد رفع الفائدة بمقدار ثمانية في المئة على مدى العام الماضي للتصدّي للضغوط التضخمية.
وتعتقد رضوى السويفي رئيسة البحوث في فاروس المالية أن الارتفاع الكبير في نسب التضخم خلال يناير قد يدفع البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل.
ويتماشى ذلك مع توقعات نعيم المالية بأن يتجه المركزي لرفع الفائدة في الاجتماع المقبل ما بين نقطة ونقطتين مئويتين.
وكان بنك غولدمان ساكس قد توقَع أن يصل التضخم إلى 23.8 في المئة خلال يناير، وأفاد في مذكرة بأن “مراقبتنا للأسعار المحلية تظهر استمرار ارتفاعها بشكل مطّرد في يناير لمعظم السلع الأولية الأساسية، ومنها الأرز وزيوت الطعام والسكّر واللحوم والدواجن”.
واعتبر خبراء البنك أن زيادة محتملة قد تصل إلى عشرة في المئة بأسعار المحروقات خلال الاجتماع ربع السنوي للجنة تسعير الوقود الحكومية، يمكن أن تقلل وتيرة خفض التضخم.