ارتفاع أسعار النفط ينعش إنتاج الوقود من النفايات الزراعية

تزايدت المؤشرات على تحسن آفاق إنتاج الإيثانول من النفايات الزراعية في ظل تحسن الجدوى الاقتصادية مع ارتفاع أسعار النفط العالمية، إضافة إلى تزايد الهواجس البيئية بسبب قلة انبعاثاته الضارة بالبيئة وعدم استخدامه للمحاصيل الغذائية.
لندن – أكدت شركة رويال دي.أس.أم الهولندية التي تدير مشروع ليبرتي في ولاية آيوا الأميركية أن “الإيثانول اقترب من أن يصبح قادرا على منافسة البنزين مع نجاحه في تذليل العقبات الفنية في عمليات الإنتاج.
ونسبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى فيك سيبيسما، الرئيس التنفيذي للشركة قوله إن الرحلة كانت صعبة “والتكنولوجيا كانت أكثر تعقيدا مما تصورنا في البداية لكننا تمكنا من تجاوز العقبات”.
وأسست شركة دي.أس.أم للتكنولوجيا الحيوية مشروع ليبرتي عام 2014 بالتعاون مع شركة بويت الأميركية لإنتاج الإيثانول من مخلفات أكواز الذرة والأوراق والقشور.
وواجهت مشاريع مماثلة أطلقتها شركات كبرى مثل دوبونت الأميركية وإبينجوا الإسبانية صعوبات كبيرة أجبرتها على التخلي عن تلك المشاريع، لكن مشروع ليبرتي صمد إلى أن تحسنت الجدوى الاقتصادية مع ارتفاع الإنتاج، رغم أنه لم يصل بعد إلى كامل طاقته الإنتاجية البالغة 20 مليون غالون من الإيثانول سنويا.
وتصاعدت ثقة تحالف دي.أس.أم وبويت مع تطور التكنولوجيا. وبدأ في العام الماضي ببناء منشأة في الموقع لتصنيع الأنزيمات المستخدمة لتكسير السليلوز في نفايات الذرة من أجل تصنيع الوقود.
ويقول سيبيسما إن التحدي الرئيسي الذي كان يواجه مشروع ليبرتي هو إدارة الشؤون اللوجيستية المتعلقة بجمع مخلفات محصول الذرة وتجهيزها للمعالجة.
ويضيف أن “الإنزيمات تجاوزت التوقعات من حيث فعاليتها في تكسير السليلوز، لكن كانت هناك مشكلات فنية مثل صعوبة إزالة التراب والرمال والحجارة من المواد النباتية المستخدمة في الإنتاج”.
ورجح أن يكون حل تلك التحديات أسهل من البحث العلمي لتطوير استخدام الإنزيمات لتكسير السليلوز، لأنها مشاكل شائعة في جميع عمليات التصنيع الأخرى.
وكشفت الشركة في نوفمبر الماضي عن إحرازها “تقدما كبيرا” في عملية معالجة نفايات الذرة لكي تتمكن الإنزيمات والخميرة المستخدمة في صناعة الإيثانول من العمل بشكل أكثر سهولة.
ويأمل التحالف في بيع تراخيص التكنولوجيا التي توصل إليها لشركات أخرى. وأكد أن ذلك سيقدم “فرصة هائلة من الأعمال” لشركات إنتاج الإيثانول من مخلفات الذرة وغيرها من الحبوب.
ويقول سيبيسما إن مصنع ليبرتي إذا تمكن من الإنتاج بكامل طاقته التشغيلية، فإن إنتاجه من الإيثانول سيصبح منافسا للبنزين بالأسعار الحالية. ويضيف أن “سعر النفط المناسب لنا هو 70 دولارا للبرميل. وكلما ارتفعت أسعار النفط أكثر، أصبح الوضع أفضل لنا من الناحية الاقتصادية”.
وكان ينظر إلى الإيثانول السليلوزي قبل عقد من الزمن على أنه من الخيارات المستقبلية لإمدادات الطاقة، لأنه يصدر انبعاثات أقل من غازات الاحتباس الحراري ويستخدم المخلفات الزراعية وليس المحاصيل.
وقدم “قانون الأمن واستقلال الطاقة” الأميركي عام 2007 أهدافا طموحة لاستخدام الوقود الحيوي السليلوزي، لكن المشاريع المنفذة لم تتمكن من الاقتراب منها. فقد تم إنتاج 10 ملايين غالون فقط من الإيثانول السليلوزي في الولايات المتحدة العام الماضي، أي نحو 0.2 بالمئة فقط من الهدف الأصلي للوقود الحيوي.
واضطرت شركة داو دوبونت، التي تشكلت باندماج شركتي دوبونت مع داو كيميكال، إلى إيقاف الإنتاج في مصنعها الخاص بالإيثانول السليلوزي في ولاية آيوا وعرضته للبيع.
كما أوقفت “إبينجوا” في عام 2015 الإنتاج في مصنع للإيثانول السليلوزي في ولاية كانساس بعد إعلان إفلاس المصنع. وقالت مصادر صناعية “إن المصنع لم يكن ينتج الإيثانول السليلوزي.
وتحاول شركات أخرى اليوم اتباع مسارات مختلفة في إنتاج الإيثانول السليلوزي، حيث تبيع شركة داو دوبونت الإنزيمات لإنتاج ما يعرف باسم وقود “1.5 جين” المصنوع من أكواز الذرة التي تبقى بعد إنتاج الإيثانول التقليدي.
وتسعى شركة إيميتيس ومقرها كاليفورنيا، لتطوير مصنع لإنتاج الإيثانول السليلوزي من نفايات البساتين وقشور المكسرات.
وتم تعديل النسب المحددة لاستخدام الوقود الحيوي بموجب قانون عام 2007 بشكل كبير، حيث تم خفض هدف إنتاج الوقود الحيوي إلى نحو 5 بالمئة من المستوى المستهدف سابقا.
كما أن ذلك الهدف المتواضع لن يتم إنتاج معظمه من الإيثانول بل من خلال الغاز الطبيعي المتجدد، الذي يتم إنتاجه من مدافن القمامة ومنشآت معالجة مياه الصرف الصحي.
وتم خفض أهداف إنتاج أنواع الوقود الحيوي السليلوزي في الولايات المتحدة للعام الحالي إلى 288 مليون غالون فقط من 311 مليون غالون في عام 2017 رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يسعى لإجراء إصلاحات تنظيمية لتشجيع مبيعات الإيثانول.
وحذر جيف كوبر نائب رئيس اتحاد الوقود المتجدد من أن تلك الخطوة يمكن أن يترتب عليها “أثر سلبي” في الجهود المبذولة لزيادة إنتاج الوقود الحيوي السليلوزي.
ويرى محللون أن مستقبل إنتاج الإيثانول السليلوزي في الولايات المتحدة سيبقى معتمدا على دعم السياسة في المدى القصير.
لكنهم يرجحون أن تكون آفاق الإيثانول وغيره من أنواع الوقود الحيوي أكثر إشراقا على المدى البعيد في جميع أنحاء العالم، إذا بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية أو ارتفعت إلى مستويات أعلى.