ارتفاع أسعار الغاز يدفع مصر إلى تسريع اللحاق بركب الطاقة الشمسية

خطط لإطلاق مشاريع جديدة لتغذية الشبكة في أوائل عام 2026 بعد سن قانون يسمح للقطاع الخاص بتقديم خدمات في القطاع.
الثلاثاء 2025/01/14
هل تعرفون طريقة تركيب الألواح

تحاول مصر بشق الأنفس اللحاق بركب من سبقوها في إنتاج الطاقة الشمسية وخاصة في المنطقة العربية أملا في المكاسب التي يمكن أن تجنيها من هذا المسار مع تنويع مزيج الطاقة في بلد يعد من أبرز المستهلكين للغاز لتوليد الكهرباء، بعد أن ضيعت فرصا كثيرة لاستغلال هذا المورد نتيجة تلكؤ المسؤولين.

القاهرة- تمتلك مصر كل المقومات اللازمة لتحقيق توسع هائل في توليد الطاقة الشمسية بفضل أجوائها الصافية وأراضيها الصحراوية الشاسعة وشبكة الكهرباء المتطورة، لكنها لم تتحرك سوى الآن لاستغلال تلك الإمكانيات بعد أن قفزت فاتورة واردات الغاز الطبيعي.

وكان الانخفاض الحاد في إنتاج الغاز محليا، إلى جانب الزيادة في الاستهلاك، قد فاجأ السلطات العام الماضي وتسببا في انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر خلال فصل الصيف الحار.

وقال أحمد مرتضى رئيس قسم الطاقة في مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية “لقد كان بمثابة جرس إنذار هائل وهذا هو السبب وراء إعلان الحكومة في الآونة الأخيرة عن حزمة طوارئ كبيرة.”

أحمد مرتضى: نقص الغاز وزيادة الاستهلاك كانا بمثابة جرس إنذار هائل
أحمد مرتضى: نقص الغاز وزيادة الاستهلاك كانا بمثابة جرس إنذار هائل

واضطرت القاهرة إلى إنفاق ما يزيد على مليار دولار فوق ما كانت تتوقعه لاستيراد الغاز الطبيعي المسال العام الماضي، ويقدر محللون أنها ستنفق مليارات أخرى في عام 2025.

وتقول شركات الطاقة الشمسية إنها تستطيع توفير إمدادات بسعر أرخص كثيرا مقارنة بسعر الكهرباء المنتجة باستخدام توربينات الغاز، وذلك بالاستعانة بألواح رخيصة الثمن من الصين.

ومع ذلك، تشكو هذه الشركات من أن دعم الطاقة الذي يشوه السوق واللوائح التنظيمية التي تنطوي على الكثير من القيود، تعوق التوسع في توليد الطاقة الشمسية.

وخلال مؤتمر صحفي في ديسمبر الماضي، أشار حسين النويس رئيس مجلس إدارة شركة إيميا باور للطاقة المتجددة الإماراتية، إلى موارد مصر المتميزة في ما يتعلق بمصادر الطاقة الشمسية والأراضي.

وافتتحت إيميا باور محطة للطاقة الشمسية بكلفة نصف مليار دولار وطاقة إنتاجية تبلغ 500 ميغاواط في أسوان إحدى أهم مدن جنوب مصر، على بعد 650 كيلومترا جنوبي القاهرة، الشهر الماضي، وتعتزم بناء محطة ثانية بقدرة 1000 ميغاواط في مكان قريب.

وقال النويس إن الشركة “ستنفق في البداية 300 مليون دولار من أموالها الخاصة حتى تتمكن من البدء في بناء المحطة الجديدة قبل التوصل إلى اتفاق تمويل نهائي بحلول مايو المقبل.”

ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في المحطة الثانية بحلول الربع الأول من العام 2026، بحسب رئيس مجلس إدارة إيميا باور.

وأوضح أن كلفة الكهرباء المنتجة في محطتي إيميا الشمسية ستتراوح بين سنتين وثلاثة سنتات أميركية لكل كيلوواط في الساعة، مشيرا إلى أن الكلفة “بالتأكيد ستكون أرخص من محطات الغاز.”

حسين النويس: البلد يحتاج إلى آلاف أخرى من الميغاواط لتلبية تنامي الطلب
حسين النويس: البلد يحتاج إلى آلاف أخرى من الميغاواط لتلبية تنامي الطلب

ووفقا لمصادر تعمل بقطاع الطاقة تحدثت لرويترز، فمن الصعب حساب كلفة توليد الكهرباء باستخدام توربينات الغاز لأن شرائح الأسعار المدعومة تشوّه المنظومة، لكن أحد المنتجين قدّر تكلفة الإنتاج بما يتراوح بين سبعة إلى 9 سنتات لكل كيلوواط في الساعة.

وتشتري الهيئة المصرية العامة للبترول، المملوكة للدولة، الغاز من المنتجين المحليين بأقل من سعر السوق ثم تبيعه لمحطات الكهرباء بخصم إضافي.

وتبيع شركات التوزيع الحكومية الكهرباء للمستهلك النهائي بأسعار أقل مرة أخرى، حتى بعد زيادة سعر الاستهلاك لبعض الأسر بنسبة تصل إلى 50 في المئة العام الماضي.

وإيميا باور واحدة من ثلاث شركات منتجة تخطط لإنشاء محطات شمسية كبرى لتغذية شبكة الطاقة في مصر بالكهرباء مباشرة.

ووقّعت شركة سكاتيك النرويجية اتفاقا في سبتمبر الماضي لمشروع تبلغ طاقته الإنتاجية ألف ميغاواط، في حين وقّع كونسورتيوم يضم شركتي إنفينيتي ومصدر الإماراتيتين وحسن علام المصرية اتفاقا في نوفمبر لتوليد 1200 ميغاواط من الطاقة.

لكن النويس رجّح أن تحتاج مصر إلى آلاف أخرى من الميغاواط لتلبية الطلب في السنوات المقبلة نتيجة النمو الديموغرافي ونمو قطاع الأعمال.

وتقول مصادر مطلعة بقطاع الطاقة إن أحد أسباب التحول البطيء في مصر إلى الطاقة الشمسية هو أن الإدارات الحكومية المختلفة لا يوجد لديها حافز كبير للتركيز على الكلفة الإجمالية للطاقة.

ياسين عبدالغفار: غياب نهج مركزي ينسق فيه الوزراء فيما بينهم أبرز مشكلة
ياسين عبدالغفار: غياب نهج مركزي ينسق فيه الوزراء فيما بينهم أبرز مشكلة

وقال ياسين عبدالغفار من شركة سولاريز إيجيبت، التي توفر الطاقة الشمسية بشكل رئيسي للشركات الخاصة، إن “المشكلة مع مصر هي أنها عبارة عن مجموعة من الجزر. ولا يوجد نهج مركزي ينسق فيه الوزراء في ما بينهم.”

وفي أوائل عام 2024، جرى سن قانون يسمح لمنتجي الطاقة من القطاع الخاص بتوفير الكهرباء للشركات، ومنها المصانع، على الرغم من أنها لن تقبل في البداية سوى مشاريع تبلغ قدرتها 500 ميغاواط على مستوى البلاد.

وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في نوفمبر إن بلاده “تسعى إلى زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 42 في المئة بحلول 2030، مقارنة مع 11.5 في المئة حاليا يتم توليدها عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية.”

وأوضح مرتضى لرويترز أن الحكومة تتطلع إلى دعم دولي لتعزيز الشبكة وتوسيعها لتشمل مواقع إنتاج الطاقة الشمسية وإن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يبحث كيفية تقديم المساعدة.

ومع دخول الطاقة المتجددة إلى السوق، تخطّط مصر لإغلاق محطات الطاقة القديمة والأقل كفاءة تدريجيا.

وهناك عقبة أخرى أمام التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وهي لائحة تنظيمية تمنع المستهلكين، الذين يعيشون بشكل رئيسي في شقق سكنية بالمدن، من تركيب عدادات كهرباء ثنائية الاتجاه إلا إذا كانوا يملكون المبنى بالكامل.

ومن شأن تلك العدادات السماح لهم بإضافة إمدادات على الشبكة أو شراء تلك الإمدادات لاستهلاكهم. وتقول مصادر القطاع إن الحكومة لم تضع بعد في أولوياتها مقترحات لتعديل هذه اللائحة.

42

في المئة حصة المصادر المستدامة في مزيج الطاقة المستهدفة بحلول عام 2030

وبحسب تقدير أيمن راسخ الرئيس التنفيذي لشركة سولار سول، التي تقدم الخدمة لمنازل وشركات، ستصبح الطاقة الشمسية موفرة للمستهلكين في المنازل عندما يرتفع سعر الكهرباء من الشبكة الحكومية إلى أكثر من ثلاثة أو أربعة جنيهات لكل كيلوواط في الساعة.

وحاليا تدفع الأسر الأكثر ثراء 2.35 جنيه (0.046 دولار) عن استهلاكها من الكهرباء لكل كيلوواط في الساعة.

وتتضمن حزمة الدعم المالي، التي وقّعتها مصر مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار في مارس الماضي، تعهدا بخفض دعم الطاقة، وذلك بعد تأجيل رفع أسعار الكهرباء مرارا وسط أزمة اقتصادية.

وقال راسخ “عندما ترفع الحكومة دعم الكهرباء، فسوف ترى الألواح الشمسية على أسطح المنازل كما ترى الآن أطباق استقبال البث التلفزيوني عن طريق الأقمار الصناعية.”

10