ارتفاع أسعار العقارات في تونس على إيقاع الركود

الزيادة في أسعار المباني بلغت على مدى سنة كاملة 3.9 في المئة نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار المنازل بنسبة 15.4 في المئة.
الاثنين 2024/09/09
صعود حذر

تونس - تتفاقم معاناة التونسيين مع ارتفاع أسعار العقارات على إيقاع الركود في المبيعات، حيث باتوا يواجهون خيارات أكثر صعوبة أو تكاد تكون معدومة بالأساس في سوق يكافح من أجل تعديل بوصلته دون وجود دعم ملموس من الدولة.

وارتفع مؤشر أسعار العقارات المبنية بنسبة 3.5 في المئة خلال الربع الأول من العام، وذلك بالمقارنة مع الربع الأخير من عام 2023 بالنظر إلى تضخم التكاليف المتعلقة بالمواد الأولية واليد العاملة وأيضا بالقروض البنكية.

وتأثر السوق كثيرا من هذه الأسعار، حيث انخفض عدد صفقات البيع والشراء بين يناير ومارس الماضيين على أساس ربعي، حيث تراجع حجم التعاملات بالنسبة للشق بنحو 23.3 في المئة والأراضي السكنية بنحو 13.6 في المئة والمنازل بنحو 6.9 في المئة.

وبحسب معهد الإحصاء، فإن الزيادة المسجلة في أسعار المباني في الفترة بين أكتوبر 2023 ومارس 2024، تبدو أكثر اعتدالا مقارنة بالتباين الملحوظ في الأسعار بين الربعين الثالث والرابع من العام الماضي. وأكد المعهد في مذكرته الشهرية التي أوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن هذه الزيادة، بحسب نوع العقارات المبنية، ناجمة عن ارتفاع أسعار الشقق بنسبة 3 في المئة والمنازل بنسبة 4.8 في المئة.

ويظهر التوزيع حسب المناطق أن مؤشر الأسعار قد انخفض بنسبة 2.5 في المئة بالنسبة لعمليات البيع المسجلة في العاصمة التي تضم 4 ولايات (محافظات) هي تونس وبن عروس وأريانة ومنوبة، مقابل ارتفاع للمؤشر بنسبة 9.2 في المئة في مناطق أخرى من البلد. وبلغت الزيادة في أسعار المباني على مدى سنة كاملة 3.9 في المئة، نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار المنازل بنسبة 15.4 في المئة.

وبالمقارنة مع الربع المقابل من سنة 2023، فقد ارتفع مؤشر أسعار العقارات المبنية خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 3.9 في المئة. وتبرز نتائج التضخم بالنسبة للعقارات المبنية تسجيل زيادة في الأسعار بنسبة 0.1 في المائة للشقق و15.4 في المئة للمنازل.

◙ 3.5 في المئة نسبة الزيادة في الأسعار خلال الربع الأول من 2024 على أساس ربعي

أما أسعار أراضي البناء فقد انخفضت خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين بنسبة 3.4 في المئة على أساس ربعي، وارتفاعها بنسبة 4.9 في المئة بمقارنة سنوية. ووفق أرقام معهد الإحصاء، فقد انخفض الرقم القياسي لأسعار أراضي البناء على المستوى الوطني بنسبة 3.4 في المئة، مقارنة بالربع الأخير من سنة 2023.

ولفتت بيانات المعهد إلى أن هذا الانخفاض قد بلغ 5.8 في المئة بالنسبة للمناطق الساحلية مثل نابل وسوسة والمهدية والمنستير واثنين في المئة بالنسبة لبقية التغطية الجغرافية للمؤشر. كما سجلت أسعار الأراضي السكنية ارتفاعا سنويا بنسبة 4.9 في المئة على المستوى الوطني، وبنسبة 3.4 في المئة للمدن الساحلية و5.8 في المئة لبقية المناطق.

وتعول تونس على القطاع الخاص لتنشيط سوق الإسكان المتعثر عبر إستراتيجية طموحة تمتد لعشر سنوات، يتوقع أن ترى النور قريبا، وتأخذ في الاعتبار التحديات الجاثمة على هذه الصناعة، والتي يتوجب تذليل العقبات أمامها لجعلها مساهما مهما في التنمية.

ويتطلع البلد، الذي مر بسلسلة من الأزمات على مدار 13 عاما إلى إحداث اختراق في جدار هذه المشكلة المزمنة من بوابة تغيير ديناميكية سوق الإسكان بمشاريع جديدة علها تسد جزءا من الفجوة الكبيرة في ظل النمو الديموغرافي للبلاد.

وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ 2011 في حل الأزمة أو على الأقل الحد من مشاكل الإسكان على اعتبار أن سوق العقارات ظل رهينا للمضاربات وارتفاع التكاليف وعدم قدرة الكثيرين على تحمل أعباء إضافية لتدهور قدراتهم الشرائية مما حد من زخم التملك.

لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد فحسب، حيث يبدو أن تضخم أسعار الاستهلاك والفائدة المرتفعة، التي توظفها البنوك على القروض السكنية كانت أحد الأسباب الأساسية لخمول القطاع، وبالتالي عزوف الناس عن التفكير أساسا في مسألة الشراء.

وتظهر التقديرات أن ربع الأسر من بين 3 ملايين عائلة لا تملك مسكنا، أي ما يعادل نحو 750 ألف أسرة في بلد يبلغ تعداد سكانه 12 مليون نسمة، مما دفع الخبراء مرارا إلى التأكيد على أن هذا المأزق يتطلب رؤية لتنشيط العقارات والبناء والقيام بإصلاحات شاملة.

11