ارتباك مستمر لغسان سلامة: حفتر ليس أبراهام لينكولن

باريس - لا يتوقف مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة عن الظهور الإعلامي وإطلاق التصريحات المثيرة ليبدو وكأن شغله الرئيسي في الملف الليبي هو اختلاق الأزمات وليس البحث عن حلول تراعي مصالح الليبيين.
وفيما تلاقي عملية استعادة طرابلس التي يقودها قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر دعما إقليميا ودوليا واسعا، حرص سلامة على أن يسبح عكس التيار حين هاجم الاثنين حفتر وزعم أن “معظم الليبيين لا يؤيدون برنامجه السياسي”.
وقال سلامة لإذاعة فرنسا الدولية “هو ليس أبراهام لينكولن وليس بذلك الديمقراطي الكبير، لكن لديه مؤهلات ويريد توحيد البلاد”، مشيرا بذلك إلى الرئيس الأميركي في القرن التاسع عشر الذي قاد البلاد خلال الحرب الأهلية وحافظ عليها وألغى العبودية.
وأضاف سلامة “لكن كيف سيفعل ذلك؟ فعندما نرى كيف يعمل يساورنا القلق من الأساليب التي يستخدمها لأنه لا يحكم بأسلوب ليّن وإنما بقبضة حديدية في المناطق التي يحكمها”.
ويحمل كلام سلامة تناقضا كبيرا بين محاولة التقليل من قيمة قائد الجيش الوطني الليبي، وبين القول إنه يريد توحيد ليبيا، والتناقض هنا يعكس تذبذب مواقف المبعوث الأممي في الملف الليبي منذ استلامه، حيث يحرص على إرضاء كل طرف يلتقيه بتصريحات مجاملة وانتقاد خصومه، وهو أسلوب أضاف تعقيدات جديدة لأزمة معقدة في الأصل.
ومن الواضح أن سلامة عجز عن فهم التغيرات التي حدثت في ليبيا وأن صيغته التي ظلت تراوح لسنوات انتهت بعد أن عجزت عن إرساء صيغة للدولة بل حافظت على أدوار للميليشيات، ما يجعل النموذج الذي يدافع عنه نموذجا ملغما قد يحوّل ليبيا إلى دولة طوائف.
ويقول منتقدون لأداء سلامة إن ما يهمّه في إدارة الملف الليبي ليس الوصول إلى حل دائم يراعي وحدة ليبيا بقدر حرصه على توسيع دائرة المعنيين بالمشاركة في الحوار واللقاءات بما في ذلك مؤتمر غدامس الذي كان يستعد لتحويل الميليشيات إلى قوة شرعية ويفرش لها الطريق للهيمنة على مستقبل ليبيا، ما يوفر مشروعية لاستمرار الإرهاب بدل القضاء عليه.
ويتهم هؤلاء المبعوث الأممي بأنه يفكر في مجده الشخصي وفي استمرار ظهوره تحت الأضواء أكثر مما يحرص على إنهاء مهمته بحل دائم، وأنه بات جزءا من الأجندات الخارجية التي تتصارع في ليبيا بدل أن يكون وسيطا محايدا.
ويقوم سلامة بجولة في العواصم الأوروبية في محاولة لضمان الحصول على إجماع على وقف إطلاق النار والعودة إلى مؤتمر غدامس في ظل انقسام داخل الدول الغربية والعربية بشأن طريقة معالجة الوضع في ليبيا.
ويزور سلامة فرنسا بعد زيارة لإيطاليا الدولة التي كانت تستعمر ليبيا. وقال إن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أبلغه بأن باريس تقف تماما وراء جهوده الرامية لوقف إطلاق النار.
وقال سلامة في إشارة إلى مشروع قرار اعترضت عليه روسيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي “أعاني من انقسام عميق للغاية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حال دون إقرار مشروع قرار بريطاني لوقف إطلاق النار”.
وأضاف “إغواء (فكرة) الرجل القوي واسعة الانتشار. المشكلة هي أن الرجل القوي ربما ليس قويا مثلما يبدو وهذه هي المعضلة لمن يدعمونه”.