ارتباك السياسة النقدية يعمّق انحدار الليرة التركية

الليرة التركية تواصل الانحدار في أعلى مستوى لها منذ بداية هذا العام.
الجمعة 2021/09/10
نزيف العملة لا حدود له

أنقرة - واصلت قيمة الليرة التركية في الانحدار الخميس لليوم الثالث على التوالي، وهو أعلى مستوى منذ بداية هذا العام بعد إعلان البنك المركزي تحويل تركيز سياسته إلى التضخم الأساسي، ما أثار تكهنات بخفض أسعار الفائدة.

وانعكس انخفاض العملة المحلية بنصف نقطة مئوية ليصل سعر الدولار عند نحو 8.51 ليرة لتسجل بذلك أكبر تراجع بين عملات الأسواق الناشئة، بشكل سريع على السندات والأسهم المحلية التي تراجعت هي الأخرى.

ونتيجة السياسات النقدية المرتبكة للمركزي استمر التضخم في الارتفاع بوتيرة متسارعة وقد بلغ الشهر الماضي 19.25 في المئة، وهي أعلى نسبة له خلال سنتين متجاوزا سعر الفائدة المرجعي للبنك والبالغ 19 في المئة.

ويعد البنك المركزي التركي منذ أشهر بالحفاظ على معدلات الفائدة إيجابية كي لا يشعر الأتراك بالحافز لإنفاق الأموال بدلا من إيداعها في حساباتهم.

ويتطلب هذا الأمر رفع معدل الفائدة الرئيسي إلى 19.5 في المئة في الاجتماع المقبل المخصص للسياسات النقدية والمقرر في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

لكن محافظ المركزي شهاب قاوجي أوغلو قال للمستثمرين في وقت سابق هذا الأسبوع إنه من المتوقع أن تنخفض أسعار السلع الاستهلاكية في الأشهر المقبلة وأن يعتمد البنك معدل تضخم رئيسيا، والذي هو دون 17 في المئة بعد استثناء مواد متقلبة مثل المواد الغذائية والوقود، في قرارات مستقبلية.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن قاوجي أوغلو قوله الأربعاء الماضي إن “ظروفا استثنائية برزت بسبب الجائحة زادت من أهمية مؤشرات التضخم الرئيسي”.

البنك المركزي التركي يعد منذ أشهر بالحفاظ على معدلات الفائدة إيجابية كي لا يشعر الأتراك بالحافز لإنفاق الأموال بدلا من إيداعها في حساباتهم

وأضاف “أثناء تحديد موقف السياسة النقدية العالمية، تُعتمد المؤشرات الأساسية باستثناء العوامل المؤقتة الناشئة عن قطاعات خارج نطاق تأثير السياسة النقدية، كأساس”.

كما أكد قافجي أوغلو على أهمية التركيز على دور “الأسعار الأساسية” عند النظر إلى السياسة النقدية.

ويؤكد ترنح العملة والتضخم أن السياسات التي يقف خلفها الرئيس رجب طيب أردوغان لتخفيف البعض من المشكلات المتنوعة التي يعاني منها البلد منذ فترة لم تسفر عن أي نتائج إيجابية لتخفيف ركود الطلب والنموّ، وهو ما قد يزيد التحديات أمام الحكومة لتعديل أوتار المؤشرات السلبية.

والمركزي التركي مستقل من حيث المبدأ، لكنه يتعرض لضغوط متواصلة من أردوغان لخفض أسعار الفائدة الذي يوصف بأنه “عدو أسعار الفائدة”.

وسبق أن اعترف أردوغان بأن بلاده قد تواجه مشكلات اقتصادية لكنّه يعمل دوما على تبرئة نفسه من أي مسؤولية في ما وصل إليه حال الاقتصاد رغم أنه حقق نموا في الربع الثاني من 2021 هو الأعلى بين الأسواق الناشئة، والتأكيد أنّ أساس المشاكل كان المحافظون السابقون للمركزي.

وأقال أردوغان ثلاثة محافظين للبنك المركزي منذ العام 2019 لأنهم إما كانوا يرفعون كلفة الإقراض أو لا يخفضونها بالسرعة الكافية.

وحصر أردوغان المشاكل والأخطاء التي حصلت في السابق بقوله إن “سوء الإدارة دفع إلى انهيار الليرة” التي تعاني من أكثر من ثلاث سنوات من تقلبات سعرية أثرت على معيشة الأتراك.

ويعد رفع سعر الفائدة إحدى الأدوات الرئيسية للسياسة النقدية لمكافحة التضخم، لكن أردوغان يعارض ذلك بشدة ويرى أنه يعرقل النمو.

وخلافا للنظريات الاقتصادية الكلاسيكية، يرى الرئيس التركي أن رفع أسعار الفائدة يغذي ارتفاع الأسعار.

وأبقى قاوجي أوغلو على معدل الفائدة الرئيسي من دون تغيير لخمسة أشهر وتعهد في وقت سابق من هذا العام بالتركيز على كبح التضخم.

10