اختلافات المعارضة بشأن اتفاق إدلب تبقي الأصابع على الزناد

التمسك بعدم التخلي عن الأسلحة يعيق تنفيذ اتفاق سوتشي، وأنقرة تسقط في مأزق تمرّد الجماعات الإسلامية الموالية لها.
الاثنين 2018/09/24
سلاح هيئة تحرير الشام خط أحمر لا يقبل المساومة
 

رغم مرور أكثر من يومين على إعلان تركيا وروسيا أنهما حدّدتا حدود المنطقة منزوعة السلاح في إدلب التي اتفق عليها الرئيسان التركي والروسي في اجتماع سوتشي الأسبوع الماضي لتجنيب آخر معقل للمعارضة السورية على الحدود التركية أسوأ هجوم كان يعدّ له النظام السوري، إلاّ أن مواقف فصائل المعارضة انقسمت بين مرحب ورافض للاتفاق وهو ما ينذر بالمزيد من التطورات.

بيروت – رفضت جماعة حراس الدين الإسلامية المتشددة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا اتفاقا تركيا روسيا يقضي بانسحاب جماعات المعارضة “المتشددة” من منطقة منزوعة السلاح وحثت مقاتلي المعارضة على شن عمليات عسكرية جديدة.

ورحبت فصائل معارضة مدعومة من أنقرة بحذر مساء السبت بالاتفاق الروسي التركي الذي جنّب محافظة إدلب عملية عسكرية لقوات النظام، مؤكدة في الوقت ذاته عدم ثقتها بموسكو.

وجماعة حراس الدين ليست الجماعة المعارضة الإسلامية الرئيسية في إدلب لكن موقفها يشير إلى اعتراضات قد تعقد تنفيذ الاتفاق الذي أبرمته روسيا وتركيا الأسبوع الماضي.

أما هيئة تحرير الشام الجماعة الأقوى في شمال غرب سوريا فلم تعلن موقفها بعد من الاتفاق الذي يقضي بخروج المعارضة المسلحة من المنطقة منزوعة السلاح بحلول 15 أكتوبر.

وتحرير الشام تحالف من جماعات إسلامية يهيمن عليها فصيل كان يعرف في السابق باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة حتى عام 2016. وسيكون موقف تحرير الشام من الاتفاق مهما.

ورغم أن هيئة تحرير الشام لم تصدر موقفا واضحا إلى الآن إلا أن المراقبين يؤكدون أن المعارضة السورية المسلحة مازالت تنتظر توضيحات من تركيا الضامن للاتفاق، خاصة بعد نفي الأخيرة أنباء تسليم سلاحها الثقيل.

تباين المواقف يشير الى تعقيدات في تنفيذ الاتفاق بين جماعات المعارضة الموالية لتركيا والتي لا تثق في "لعدو الروسي"

ويؤكد العديد من المتابعين أن فصائل المعارضة تعمل على تعطيل الاتفاق، وهو ما يفتح الباب أمام صدام عسكري معها من قبل فصائل المعارضة المدعومة من الجيش التركي. حيث سبق لهذه الفصائل أن أكدت استعدادها للتعاطي بشكل إيجابي مع اتفاق سوتشي، خصوصاً أن الجانب التركي أوضح أن نزع السلاح الثقيل سيكون في المنطقة منزوعة السلاح فقط، ولا ينسحب على باقي مناطق محافظة إدلب.

وتشكلت جماعة حراس الدين في وقت سابق هذا العام من مقاتلين انفصلوا عن تحرير الشام وجبهة النصرة بعدما قطعت علاقاتها بتنظيم القاعدة. وتضم مقاتلين أجانب.

وقالت الجماعة إنها تعتبر الاتفاق تآمرا “من قوى الشر والكفر العالمي للقضاء على المشروع الجهادي.”

وقالت الجماعة في بيان صدر السبت “إننا ننصح إخواننا المجاهدين في هذه المرحلة الحاسمة والخطيرة بالعودة إلى الله ومحاسبة النفس والتوبة الصادقة، ثم إعادة ترتيب ما تبقى من قوة وإمكانيات والتعاون على البر والتقوى والبدء بعملية عسكرية على أعداء الدين بما يفسد مخططاتهم ويرد كيدهم في نحرهم، فالمجاهدون ماضون في دربهم لن يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم.”

والمنطقة منزوعة السلاح التي اتفقت عليها تركيا وروسيا سيبلغ عمقها ما بين 15 و20 كيلومترا على امتداد خط الاتصال بين مقاتلي المعارضة وقوات الحكومة. وستقوم القوات التركية والروسية بدوريات فيها.

وأعلنت الجبهة الوطنية للتحرير وهي تحالف من جماعات معارضة متحالفة مع تركيا “تعاونها التام” مع الجهود التركية لكنها استبعدت نزع سلاحها أو التخلي عن أراض.

وفي بيان مساء الثلاثاء، أعلنت الجبهة الوطنية للتحرير، تحالف فصائل معارضة مدعومة من تركيا بينها حركة أحرار الشام، “نثمن هذا الجهد الكبير والانتصار الواضح للدبلوماسية التركية”، مشيرة إلى “تلقيها بارتياح واسع حصول اتفاق تركي روسي أوقف عدواناً روسياً وشيكاً”.

وأضافت الجبهة “نعلن في الوقت ذاته عدم ثقتنا بالعدو الروسي. أصابعنا ستبقى على الزناد وأننا لن نتخلى عن سلاحنا ولا عن أرضنا ولا عن ثورتنا”.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إنه يتعين إزالة كل الأسلحة الثقيلة وقذائف المورتر والدبابات ونظم الصواريخ الخاصة من المعارضة في المنطقة بحلول العاشر من أكتوبر.

فصائل المعارضة تعمل على تعطيل الاتفاق، وهو ما يفتح الباب أمام صدام عسكري معها من قبل فصائل المعارضة المدعومة من الجيش التركي

وبرغم عدم صدور أي موقف رسمي من هيئة تحرير الشام حتى الآن، إلا أن وكالة إباء الإخبارية التابعة لها وفي معرض تغطيتها للاتفاق شككت في نوايا تركيا، واعتبرت أنها “تسعى لتحقيق مصالحها”.

كما كان القائد العام للهيئة أبومحـمد الجولاني قال في تصريحات سابقة إن سلاح الفصائل “خط أحمر لا يقبل المساومة أبداً”.

وتشعر تركيا أنها تركت وحيدة في التعاطي مع بنود الاتفاق الذي توصلت إليه مع روسيا الاثنين الماضي، بخصوص إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وفرز الجماعات الإرهابية عن المعتدلة. وكان المسؤولون الأتراك قد احتفوا في البداية بما اعتبروه إنجازا تحقق في منتجع سوتشي الروسي حين تمكن الرئيس رجب طيب أردوغان من تفادي عملية عسكرية وشيكة للنظام السوري في إدلب.

وتواجه تركيا اليوم تمردا من الجماعات الإسلامية المتطرفة التي دعمتها على مدار سنوات في مواجهة النظام السوري، حيث أعلنت جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) وفصائل أخرى رفضها تسليم أسلحتها الثقيلة، أو الانسحاب من المنطقة، ما قد يضطر أنقرة إلى اتخاذ إجراءات أخرى قد تصل إلى تأليب الفصائل ضد بعضها.

وتتناقض رؤية كل من روسيا وتركيا للفصائل المقاتلة في إدلب. فأنقرة ترى بوجوب حصر الإرهابيين في جبهة فتح الشام فقط بالمقابل تعتبر موسكو أن معظم الجماعات في المحافظة لا تقل خطورة من حيث تطرفها، الأمر الذي يجعل من مسألة فرزها عملية جد معقدة وصعبة، وتحتاج إلى المزيد من المحادثات بين الجانبين.

وانتقدت تركيا الجمعة تحميلها كامل عبء الأزمة السورية بما فيها مسألة إدلب، وقال المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن، “إن تحميل كامل أعباء الأزمة السورية ومسألة إدلب ومكافحة الإرهاب على عاتق تركيا ليس عدلًا ولا يمكن القبول به”.

واعتبر إبراهيم قالن، في مؤتمر صحافي بالمجمع الرئاسي في أنقرة، أنّ “خطوات إخراج المعارضة المعتدلة من إدلب غير مقبولة”، مضيفاً “ننسق مع روسيا لإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، وإخراج العناصر الإرهابية منها”، لافتاً إلى أنّ تركيا “لن تسمح لأي أحد بأن يستهدف المعارضة، بل تعمل على حمايتها لأنّ الحفاظ عليها يحدّد الأطراف التي ستجلس على طاولة المفاوضات السياسية”.

2