اختطاف فتاة صحراوية يلقي الضوء على جرائم بوليساريو في مخيم تندوف

جريمة جديدة تضاف لرصيد بوليساريو وأعوانها ممن يعتقد أنهم متورطون في تهريب البشر تسائل مسؤولية المجتمع الدولي حول جرائم ترتكبها الجبهة الانفصالية خلف أسوار تندوف.
الأحد 2024/01/07
فتاة توصيل الطعام بين براثن البوليساريو

مدريد – ذكر تقرير إعلامي إسباني أن جبهة بوليساريو الانفصالية عمدت إلى اختطاف فتاة قاصر في مخيم تندوف بعد قدومها لرؤية عائلتها البيولوجية في المخيم وقامت بإحراق وثائقها من جواز سفرها وغيرها، في جريمة جديدة تنضاف إلى رصيد الانفصاليين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ووفق موقع "معلومات أكثر" الاسباني اتصلت الفتاة تدعى فلايح (18 عاما) تعمل بشركة توصيل الطعام الإسبانية "بوتيكون"، قبل شهر بشخص يدعى حمادة صالح مولود وطلبت منه إخراجها من مكان احتجازها، وعاد حمادة في 10 ديسمبر إلى ملقة بإسبانيا، حيث يعيش، وتحدث مع عائلته الإسبانية.

واتفق حمادة على أن تدفع الأسرة الإسبانية ثمن وثائق الفتاة، وهو ما يعني شراء إغفال الشرطة العسكرية الجزائرية في تندوف، وهو التصرف الآمن للتمكن من مرور صحراوي عبر الجزائر، بقيمة 2500 يورو.

وأضاف "معلومات أكثر" أنه باستخدام السلوك الآمن، استغلت بوليساريو وجود فلاح، البالغة 18 عاما (سن الرشد في إسبانيا)، في حفل زفاف وقاموا بإخراجها، وتهريبها إلى سيارة في بوتيكون، واختطفت واقتيدت إلى وهران بالجزائر.

وبحسب المصدر ذاته، فإن الفتاة موجودة حاليا في وهران، في منزل آمن، وليس في القنصلية، وينتظر وصول محامٍ إسباني لتقديم التماس إلى إسبانيا لإجراء عملية تحريرها، لأنها بحسب السلطات الجزائرية لا تزال قاصرا حيث أن سن الرشد في الجزائر يصل إلى سن 19 عامًا.

وفي الأثناء، هددت بوليساريو وأعوانها وقريبة الفتاة جيرا بلاحي، شريكي بوتيكون، لوالي سالم دوه وحمادة صالح مولود، بقتل أسرتهما في المخيمات انتقاما لمشاركتهما في "مظاهرات" اختطاف النساء في المخيمات.

وأشار الموقع في تقريره إلى أن السلوك يعدّ مثالا جديدا على نظام الإرهاب والتسلط الذي تفرضه عصابة جبهة البوليساريو المسلحة والإبادة الجماعية في مخيمات تندوف، والذي أصبح وحدة تجارية حقيقية لقادتها، بينما يبقون السكان المختطفين في فقر مدقع.

أورد منتدى فورستاين الذي يدعم مقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء رواية دقيقة للواقعة مؤكدا تورط قيادات في بوليساريو في عملية تجارة البشر واختطاف قصر من مخيم تندوف وبيعهم لعائلات اسبانية.

وذكر المنتدى في تقرير على صفحته بفيسبوك أنه جرى اختطاف الفتاة المدعوة فيلح من مخيمات تندوف ونقلها للقنصلية الاسبانية بوهران الجزائرية بعد أن افتضح أمر اختطافها، موضحا ان هذه الواقعة تفضح تورط الجبهة الانفصالية في الاتجار بالبشر في معاناة الأسر البيولوجية وابتزاز العائلات الأجنبية المتبنية.

وقال "بمناسبة الانفلات الأمني الكبير داخل مخيمات تندوف، وفقدان أجهزة البوليساريو السيطرة على الأوضاع، استغلت شبكة تهريب دولية تعمل بمساعدة بعض قيادات عصابة البوليساريو، الوضع المتردي لاختطاف طفلة صحراوية، لصالح عائلة اسبانية مقابل مبلغ مالي.

وأوضحت أن عملية الاختطاف قام بها شخص له سوابق في المجال، تولى مهمة استعادة الفتاة القاصر والتي كانت تقيم لدى عائلة اسبانية. "وخلال زيارة لعائلتها البيولوجية بالمخيمات، قامت الأم بحرق وثائقها وجواز سفرها لإبقائها معها بصفة نهائية ولأن العائلة الاسبانية سعت بكل السبل لاستعادة الفتاة، فقد تدخلت قيادة بوليساريو كعادتها للعب على الحبلين فسهلت للمختطف التراخيص اللازمة لتهريب الفتاة من المخيمات إلى وهران تمهيدا لنقلها إلى اسبانيا قبل أن ينكشف الأمر".

وأضاف المنتدى الذي يراقب انتهاكات بوليساريو في تندوف أنه "خلال انشغال العائلة في حفل زفاف، قام المدعو حمادة ولد الصالح باختطاف القاصر وهي من مواليد 2006 وتدعى فيلح بنت لعروسي ولد باتي من مخيم العيون بدائرة بوكراع حي 2 ونقلها عبر طائرة من تندوف إلى وهران ليقرر بعد شيوع الخبر نقلها إلى القنصلية الاسبانية بوهران التي تحفظت عليها إلى حين قدوم محامي سيتولى مرافقتها إلى اسبانيا".

وذكر 'فورستاين' أن جريمة اختطاف فيلح ليست الأولى من نوعها إذ سبقتها جرائم أخرى لنحو 150 فتاة كن محتجزات داخل المخيمات من طرف عائلاتهن بإيعاز من قيادة بوليساريو التي تتاجر بالأطفال.

وتجبر الجبهة الانفصالية العائلات البيولوجية على الإبقاء على الأطفال عنوة أو إخفائهم وعدم التواصل مع العائلات الأجنبية ثم لاحقا تبتز العائلات الأجنبية المضيفة أو المتبنية وتضغط عليها لتقديم مزيد من الدعم مقابل تسهيل إرجاع الأطفال لأحضانها.

وأكد المنتدى كذلك أن بوليساريو تدفع معاونيها لاختطاف الأطفال من العائلات الأصلية وبعدها إعادتهم بعد الحصول على ما تريد.

وأورد أمثلة على عمليات اختطاف تتعلق بملف الفتاة 'المعلومة تقية حمدة أو المعلومة موراليس دي ماتوس نسبة إلى العائلة الاسبانية المضيفة أو المتبنية للمخطوف وكذلك ملف الدرجة امبارك سلام  والكورية بدباد الحافظ ونجيبة محمد بلقاسم وأيضا ملف محجوبة حمدي الداف الذي تسبب في قيام انتفاضة كبيرة داخل مخيمات تندوف.

وأكد المنتدى أيضا أن شبكات الاختطاف تنشط داخل المخيمات وتوجهها قيادة بوليساريو للدخول في هذه الملفات، حيث حسب المصدر ذاته، يتولى السماسرة والمهربون تهريب واختطاف الأطفال من عائلاتهم ويتلقون تسهيلات في التنقل والتراخيص لتنفيذ المهمة لإرضاء العائلات الأجنبية والجمعيات الإنسانية، مقابل مبالغ مالية.

ولم تكن عملية اختطاف الفتاة المدعوة فلاح الأولى التي تتعرض فيها فتيات للاختطاف في تندوف ضمن ما يعتقد أنها عمليات تهريب للبشر تمارسها عصابات في المخيم بتواطؤ مع قيادات في بوليساريو.

وسبق كذلك أن نشطاء صحراويون ممن كشفوا على وسائل التواصل الاجتماعي، الانتهاكات التي تقوم بها بوليساريو، للاخفاء القسري وهي الممارسات التي كشفتها منتديات تعارض الطرح الانفصالي وتنادي بتخليص سكان المخيمات سيئة الذكر من إرهاب وإجرام الجبهة الانفصالية.

ويرى متابعون لما يحدث في مخيمات تندوف أن تلك الحوادث التي تعتبر انتهاكا صارخا لحقوق، تستدعي متابعة دولية ومراقبة لما يحدث خلف أسوار المخيمات من انتهاكات جسيمة، معتبرين أيضا أن على الهيئات الأممية والدولية فتح ملفات مآل التمويلات والمساعدات طيلة العقود الماضية والتي يرجح أن قادة البوليساريو حولوا وجهتها لحساباتهم.   

ويعيش سكان مخيمات تندوف منذ بداية النزاع المفتعل بالصحراء المغربية إلى اليوم، ظروف قاسية من فقر وتجويع واحتجاز وتعذيب تمارسه جبهة بوليساريو تحت رعاية الجزائر في حق سكان هذه المنطقة الذين وجدوا أنفسهم أداة ورهينة في يد العسكريين الجزائريين لتمرير تصورات وأفكار جاهزة لا تمت للواقع بصلة.

وواقعة الاختطاف هذه ليست الأولى من نوعها التي ترتكبها جبهة بوليساريو، فقد سبق أن نفذت في مخيمات تندوف على مدى أربعة عقود العديد من جرائم عمليات القتل خارج نطاق القضاء والخطف والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب والترهيب والمعاملة القاسية والمسيئة، والكتابة بأدوات حادة على أجساد الضحايا، والاغتصاب وغيرها من أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال الموقع الاسباني "لقد جرى بالفعل الإعلام في العديد من المناسبات بالوضعية الرهيبة التي يعيشها سكان مخيمات تندوف، التي على الرغم من أن حقيقة المخيمات تتجلى تدريجيا، لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به لكشف الوجه الحقيقي لجبهة بوليساريو، مرة واحدة وإلى الأبد"، مضيفا "سلوك بوليساريو يجب علينا بلا شك أن نصفه اليوم بأنه إبادة جماعية."

وناشدت والدة الفتاة المخطوفة في تسجيل صوتي من له معرفة بمصير ابنتها المساعدة في تحريرها وتحدثت عن تفاصيل احتجازها، متهمة شخصا يدعى حمادة ولد الصالح بالوقوف وراء تدبير عملية الاختطاف وأنه شخص معروف وسبق له التورط في جرائم اختطاف وبيع أطفال لأسر اسبانية.

ودعت الصحراويين للهدوء وعدم الانجرار إلى العنف أو حرق الخيام داخل، داعية من له تواصل أو صلة بولد الصالح أن يعمل على إعادة ابنتها المخطوفة.

وتشير جريمة الاختطاف والاحتجاز القسري إلى سلوك إجرامي يتفشى داخل مخيم تندوف بعلم قادة من بوليساريو على الأٍرجح وهي التي تحكم قبضتها الأمنية على المخيم وتتابع أدق التفاصيل في مراقبة مستمرة للوضع مخافة انفلاتات تعرض كيانها للخطر خاصة بعد مظاهرات سابقة منددة بممارساتها بحق السكان.  

ويعتقد كذلك أن ولد الصالح يمارس هذه الجرائم بغطاء من بعض القادة الذين يتمعشون من نفوذهم وسطوتهم داخل المخيم، لكن والدة الفتاة المخطوفة لم تشر إلى ذلك بوضوح مخافة تعرضها وعائلتها للانتقام.