اختطاف ضابط يشعل صراعا يغير التوازنات الأمنية في طرابلس

قوة الردع تستغل الحادثة لتوسيع نفوذها على حساب الحرس الرئاسي.
السبت 2022/07/23
فصل جديد من الصراع المسلح في طرابلس

يستبعد مراقبون أن يكون سبب الاشتباكات العنيفة التي أودت بحياة 13 شخصا -من بينهم طفل- اختطاف الحرس الرئاسي ضابطا من قوة الردع، مرجحين أن تكون هذه القوة قد استغلت الحادثة لتوسيع نفوذها حتى تصبح طرابلس تحت سيطرتها.

طرابلس - اندلعت ليلة الخميس - الجمعة وصباح الجمعة اشتباكات عنيفة بين قوة الردع والحرس الرئاسي في العاصمة طرابلس.

وبدأت اشتباكات العاصمة طرابلس من منطقة الفرناج، ثم اتسعت دائرتها لتصل إلى المنطقة المجاورة لسجن “الجديدة” حتى ما يعرف بـ”طريق الشوك”، خلف مركز طرابلس الطبي في منطقة الفرناج المحاذية لمقر جامعة طرابلس.

ولئن نقلت وسائل إعلام عن مصادر أن سبب الاشتباكات يعود إلى خطف جهاز الحرس الرئاسي ضابطا تابعا لقوة الردع فإن مراقبين استبعدوا أن يكون سبب تلك الاشتباكات العنيفة التي أودت بحياة 13 شخصا -من بينهم طفل- اختطاف الضابط، مرجحين أن تكون قوة الردع قد استغلت الحادثة لتوسيع نفوذها وطرد الحرس الرئاسي.

ويرى هؤلاء المراقبون أن ما يجري هو محاولة لتغيير التوازنات باتجاه أن تصبح طرابلس تحت سيطرة قطب أمني واحد هو جهاز الردع، وهو الجهاز الأكثر نظامية وانضباطا بين المجموعات المسلحة في طرابلس.

مقاتلون من قوة الردع شوهدوا حول معظم المناطق المركزية، بينما كان المبنى الرئيسي للمجلس الرئاسي خاليا

وشوهد مقاتلون من قوة الردع حول معظم المناطق المركزية صباح الجمعة، بينما كان المبنى الرئيسي للمجلس الرئاسي خاليا.

وقال أسامة علي المتحدث باسم خدمة إسعاف وطوارئ طرابلس إن 13 شخصا تأكد مقتلهم وأصيب 27. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن ثلاثة من القتلى مدنيون، وقال شاهد في مستشفى إنه رأى ست جثث.

وبدأ إطلاق النار فجأة قبل منتصف الليل واستمر لساعات. وبحلول منتصف النهار كان الهدوء قد ساد إلى حد كبير وسط طرابلس الذي ظهرت فيه مركبات محترقة وأخرى مهترئة بثقوب الرصاص.

لكن الكثير من المقاتلين والمسلحين كانوا لا يزالون في وسط المدينة، حيث سمع المزيد من تبادل إطلاق النار في الضواحي الجنوبية للمدينة، إذ قالت شركة الاتصالات إن شبكة الهواتف المحمولة تعطلت بسبب الاضطرابات.

وقال مصدر أمني وأحد الركاب في مطار معيتيقة الرئيسي بطرابلس إنه تم تعليق الرحلات الجوية هناك وتحويلها إلى مطار مصراتة، الواقعة على بعد نحو ساعتين بالسيارة من العاصمة.

وتأتي هذه التطورات الأمنية بعد أيام من زيارة رئيس الأركان التابع للقيادة العامة برئاسة المشير خليفة حفتر، عبدالرزاق الناظوري إلى العاصمة طرابلس وفي ظل أنباء عن صفقة سياسية بين حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.

وتنص الصفقة على إقالة مصطفى صنع الله من رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، حيث يتهمه الشرق بالانحياز إلى الحكومات في طرابلس وتيار الإسلام السياسي منذ تعيينه في 2015.

وينص الاتفاق أيضا على تسديد ديون مستحقة على المؤسسة العسكرية منذ حرب طرابلس، مقابل دعم البرلمان لتعديل وزاري سيجريه الدبيبة قريبا وإسقاط حكومة فتحي باشاغا المدعوم من البرلمان ورئيسه عقيلة صالح. كما عين الدبيبة فرحات بن قدارة -وهو أحد المقربين إلى خليفة حفتر- على رأس المؤسسة الوطنية للنفط خلفا لصنع الله.

وأعلن الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة محمد حمودة الجمعة أن “جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب أعلن التزامه بوقف الاشتباك بعد جهود متواصلة من رئيس المجلس الرئاسي ورئيس مجلس الوزراء”، وذلك بعد تجدد الاشتباكات في العاصمة طرابلس صباح الجمعة.

وأشار الناطق الحكومي، في منشور عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى أن “رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس الحكومة وزير الدفاع عبدالحميد الدبيبة، ورئيس الأركان محمد الحداد ورئيس جهاز المخابرات، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، والمدعي العسكري عقدوا اجتماعا حول الأوضاع في طرابلس الجمعة”.

اشتباكات عنيفة
اشتباكات عنيفة

ولم تكشف تصريحات الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية الأسس التي جرى الاتفاق عليها لوقف الاشتباكات. إلا أن موقع بوابة الوسط المحلي نقل عن مصادر مقربة من جهاز الردع أن أحد شروط الأخير عدم عودة كتيبة الحرس الرئاسي وآمرها أيوب أبوراس إلى المقار التي فقد السيطرة عليها، ولم تستبعد المصادر تسليم هذه المقار إلى اللواء 444.

وذكر المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطنية الليبية في طرابلس الجمعة أن الدبيبة كلف وزير الحكم المحلي بتسيير مهام وزارة الداخلية اعتبارا من الجمعة حتى إشعار آخر في علاقة بالاشتباكات الأخيرة.

ولم يكن هناك ما يشير إلى أن اشتباكات الجمعة على صلة بالمشكلات السياسية الأوسع نطاقا، لكن رئيسي الوزراء المتنافسين عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا يحظيان بدعم من فصائل مسلحة تسيطر على مناطق في العاصمة ومدن ليبية أخرى في غرب البلاد.

ولم يتمكن فتحي باشاغا من دخول العاصمة إذ منعته المجموعات التي تدعم حكومة الوحدة الوطنية هناك ورئيس وزرائها الدبيبة.

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية أشارت تغييرات في المشهد السياسي إلى إمكانية تغيير موازين القوى في البلاد بما قد يتسبب في تجدد القتال.

وبرزت هذا الشهر أكبر الاحتجاجات التي عرفتها مدن في أنحاء ليبيا تخضع لسيطرة فصائل وجماعات متنافسة بما سلط الضوء على الغضب الشعبي بسبب عدم إجراء انتخابات وتدهور الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية.

وفي أعقاب ذلك اعتقلت فصائل في عدة مدن أشخاصا اشتبهت في ضلوعهم في الاحتجاجات مما دفع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى التعبير عن قلقها الخميس.

وتقف ليبيا على شفا الفوضى منذ أشهر بعد أن رفض البرلمان الذي يقع مقره في الشرق حكومة الوحدة في طرابلس، التي تولت مقاليد السلطة بموجب عملية دعمتها الأمم المتحدة في العام الماضي، وعين حكومة منافسة.

4