اختطاف الناشط البيئي العراقي جاسم الأسدي على يد مسلحين

شقيق رئيس جمعية "طبيعة العراق" يؤكد أنه تم اختطافه الأربعاء الماضي حين كان في طريقه إلى بغداد واقتياده إلى جهة غير معلومة، مشيرا إلى جهله بدوافع الجريمة.
الأحد 2023/02/05
جاسم الأسدي كان على وشك تسلم منصب رفيع قبل اختطافه

بغداد - أعلنت عائلة الناشط البيئي العراقي البارز جاسم الأسدي المعروف بكفاحه من أجل المحافظة على الأهوار الأسطورية في جنوب العراق، الأحد أن مسلحين قاموا بخطفه بالقرب من بغداد الأربعاء وقطعت أخباره منذ أربعة أيام.

ويدير الأسدي (65 عاما) جمعية للدفاع عن البيئة "طبيعة العراق"، ويتحدث باستمرار عبر وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لرفع مستوى الوعي حول الأهوار العراقية، المدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" ويهددها في الفترة الأخيرة شح المياه والجفاف.

وفي اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، قال ناظم الأسدي إن شقيقه الناشط "كان يقود سيارته على الطريق السريع قادما من مدينة الحلة (جنوب) باتجاه بغداد"، عندما "أوقفته سيارتان وقام مسلحون بملابس مدنية (...) بتقييد يديه ووضعه في إحدى المركبات ونقله إلى مكان مجهول".

وأوضح أن الحادث وقع "على بعد حوالي خمسة كيلومترات عن العاصمة" بغداد.

وأضاف شقيق الأسدي أن "ابن عمي كان معه وتركوه في اللحظة نفسها على الطريق"، مؤكدا أن الخاطفين لم يتصلوا بالعائلة، لكن الشرطة تواصل البحث عن الناشط البيئي.

وردا على سؤال عن دوافع الخطف، قال ناظم الأسدي "نحن بحاجة إلى وقت لفهم الأسباب".

وفي تصريح لموقع "بغداد اليوم" كشف ناظم الأسدي أن عمل "أخيه والخبرة التي يمتلكها لا يروقان للكثير وقد يكونان سببا في عملية الاختطاف"، مبينا أن "الجهات الخاطفة لم تتواصل معهم إلى الآن لطلب فدية أو غيرها".

وأكد مسؤول أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن عائلة الأسدي قدمت بلاغا إلى القوات الأمنية يفيد بأنهم فقدوا الاتصال مع جاسم الأسدي أثناء توجهه لزيارة إلى بغداد.

وأكد الصحافي شاكر عواد في تصريحات لتلفزيون العربية أن عملية الاختطاف تمت منذ أربعة أيام، مشيرا إلى أن المقربين من الأسدي لمّا أحسوا بأنه في خطر، قاموا بنشر الخبر من خلال الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على المختطفين من أجل إطلاق سراحه.

وأضاف عواد أن الأسدي كان على وشك تسلم منصب رفيع بالإشراف على هور "الدلمج" الواقع بين محافظتي واسط والديوانية.

وهور الدلمج يعد من أكبر المسطحات بتنوعه الإحيائي من طيور وأسماك ونباتات، وفي السنوات الأخيرة أصبح محطة لاستقبال الطيور المهاجرة.

وتقدر مساحته بنحو مئة وعشرين ألف دونم، وتعيش في مياهه العديد من الأحياء المائية والطيور النادرة، إضافة إلى احتواء الهور على العديد من المواقع الأثرية غير المنقبة إلى حد الآن.  

وصعقت هذه الحادثة الكثير من العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أرجع بعضهم دوافعها إلى خلاف حول رقابة إنتاج هور "الدلمج"، فيما طالب آخرون بإطلاق سراحه.

ولم يستبعد الصحافي العراقي حميد الكفائي في تغريدة عبر حسابه على تويتر أن يكون وراء عملية اختطاف الأسدي، من قطع المياه عن الأهوار وعارض إدراجها على لائحة التراث العالمي.

وكان الأسدي يحذر من جفاف الأهوار، ويسلط الضوء في تعليقاته على التقصير الحكومي والسياسي تجاه ثروات البلاد، مثل الأهوار والمسطحات المائية، فضلا عن التحذير المستمر من تعرض الثروة الحيوانية إلى المخاطر.

وعلى الرغم من عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها واستقرار الأوضاع الأمنية نسبيا بعد عقود من الصراع في العراق، مازالت حوادث خطف واغتيال ناشطين أو مسؤولين تتكرر في هذا البلد الذي يعيش نزاعات قبلية، بينما يدين المجتمع المدني انتشار الأسلحة وتواجد فصائل مسلحة في عموم العراق.

والأسدي مهندس هيدروليك ولد في 1957 في أهوار العراق. وقد شارك منذ 2006 في مبادرات تهدف إلى إنعاش هذه المنطقة الواقعة في جنوب العراق، وتعرضت لتجفيف شبه كامل في تسعينات القرن الماضي في عهد صدام حسين.

وتعاني الأهوار من موجة جفاف ضربت العراق في الأعوام الماضية، بما في ذلك نقص الأمطار وانخفاض منسوب نهري دجلة والفرات، بسبب السدود التي أقيمت في المنبع في تركيا وإيران المجاورتين.