اختبار نوايا في لقاء أمير قطر وعاهل البحرين في أبوظبي

أبوظبي – مثلت القمة العربية المصغرة التي انعقدت في أبوظبي فرصة أمام زعيميْ قطر والبحرين للالتقاء واختبار استعداد كل منهما لتجاوز عناصر الخلاف والبدء بمصالحة تلتحق بالمصالحة الجماعية التي أسست لها قمة العلا السعودية في يناير 2021.
يأتي هذا في وقت يقول فيه بحرينيون إن الدوحة مطالبة بإظهار حسن النوايا تجاه بلادهم، وذلك بوقف حملات التحريض الإعلامي ضد البحرين.
وقالت أوساط خليجية مطلعة إن المناخ الإيجابي والأخوي الذي طغى على قمة أبوظبي العربية التشاورية الأربعاء وفر فرصة ثمينة أمام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لكن لا يُعرف ما إذا كان هذا اللقاء مجرد دردشة وفرصة لالتقاط الصور وإظهار الود ثم الإبقاء على التوتر بين البلدين كما هو، أم أنه مدخل للمصارحة والمكاشفة.
البحرينيون لا يراهنون على أي تغيير بعد لقاء الشيخ تميم والملك حمد بن عيسى، خاصة أن لقاء سابقا بينهما لم يفض إلى نتائج
وأشارت هذه الأوساط إلى أن مرحلة ما بعد لقاء أبوظبي ستظهر نوايا الطرفين، وخاصة من جانب قطر التي دأبت على القيام بحملات إعلامية ضد البحرين، وتعاملت معها وكأنها ليست جزءا من تعهدات المصالحة التي وقعت عليها في قمة العلا، ومن بينها وقف التحريض الإعلامي.
وأضافت أن قطر إذا كانت ساعية فعلا للتهدئة مع البحرين، فإن الشيخ تميم يمكن أن يوجه وسائل الإعلام القطرية بأن تكف عن الهجوم على المنامة واستفزاز البحرينيين من خلال حملات منظمة ودائمة تظهر أن ثمة جهة رسمية تقف وراءها. كما يمكن أن يلقي خطابا أو يُجري حوارا يعلن فيه بشكل علني رغبة بلاده في المصالحة مع البحرين واستعدادها لعودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي.
ولا يفهم البحرينيون سر استثنائهم من المصالحة الخليجية الشاملة، خاصة أن قطر سعت لاستثمار انشغال السعودية بقضاياها الخارجية كي تتفرغ لاستهداف البحرين، الأمر الذي يجعل سقف ما ينتظرونه من لقاء الشيخ تميم والملك حمد بن عيسى في أبوظبي منخفضا، خاصة أن لقاء سابقا جمع بين الرجلين ولم يفض إلى نتائج.
وعقد هذا الاجتماع بين الشيخ تميم والملك حمد بن عيسي في يوليو من العام الماضي على هامش قمة أميركية – خليجية في مدينة جدة السعودية، دون أن يكون لهذا الاجتماع تأثير على الحملات الإعلامية المتبادلة.
وصعّدت قطر تجاه البحرين على أكثر من واجهة، فقد احتجت على اجتياح الصيادين البحرينيين حدود المياه الإقليمية لبلادهم ودخولهم المياه القطرية، ثم لجأت لاحقا إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتقديم شكاوى ضد المنامة متهمة طائرات مقاتلة بحرينية باختراق مجال قطر الجوي بدل بحث الخلاف على مستوى ثنائي أو خليجي.

وسلط الإعلام القطري، وخاصة قناة الجزيرة، الأضواء على المؤسسات العقابية البحرينية من خلال سيل من الانتقادات التي تراوحت بين التشكيك في إجراءات التوقي من انتشار وباء كورونا داخلها وطريقة معاملة المقيمين فيها، وخاصة منهم الأطفال، مروّجا لتقارير صادرة عن منظمات غربية ترى البحرين فيها “حملات ممنهجة” تتعرض لها من أطراف متعددة.
ووصفت صحف بحرينية هذه الحملات الإعلامية من الجارة قطر بأنها مضللة، وأن الإعلام القطري يتبنى المغالطات وإثارة الفتن في البحرين بعد فشل الدوحة في التأثير على الوضع الذي عاشته المملكة خلال احتجاجات 2011.
الدوحة مطالبة بإظهار حسن النوايا تجاه البحرين، وذلك بوقف حملات التحريض الإعلامي ضد المملكة
ويعتبر البحرينيون أن التركيز القطري على الإساءة إلى بلادهم ليس موقفا عابرا، بل هو مستمر وبدا واضحا منذ احتجاجات 2011، حيث اتهمت البحرين قطر مرارا بالتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة زعزعة استقرارها، وذلك استنادا إلى تواصل شخصيات قيادية قطرية مع المعارضة الشيعية التي كانت حينذاك تقود محاولة تفجير انتفاضة ضدّ النظام في المملكة، على غرار ما حدث في بلدان عربية أخرى.
وإلى حد الآن لم تُستأنف الرحلات الجوية المباشرة بين الدوحة والمنامة، ولا تزال سفارتا البلدين مغلقتين. وبينما كان يُنظر إلى بطولة كأس العالم في قطر -على نطاق واسع- على أنها فرصة للقاء خليجي شامل، غاب المسؤولون البحرينيون عن حفل الافتتاح.
وكان البلدان تبادلا الاتهامات بشأن رفض الاستجابة لدعوات الحوار، حيث قالت البحرين مرارا إنها أرسلت دعوات إلى قطر لتسوية القضايا العالقة بينهما، لكن الأخيرة لم تستجب، فيما قالت الدوحة إن هذه الدعوات لم تأت عبر الطرق الدبلوماسية المعهودة، وإنه تم توجيهها عبر وسائل الإعلام فقط.
وأعلن وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني في يونيو 2021 أن بلاده وجهت دعوتين رسميتين إلى قطر لإرسال وفد من أجل إجراء محادثات ثنائية في البحرين “لتسوية الموضوعات والمسائل العالقة بين الجانبين تنفيذا لما نص عليه بيان قمة العلا”، دون أن تتلقى أي رد.
لكن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف بن فلاح الحجرف نقل عن قطر أنها اختارت عدم الرد على الدعوة، حيث تم إرسالها عبر وسائل الإعلام وليس مباشرة إلى الجهات المعنية في الدوحة، وفقًا للبروتوكول.