اختبار دبلوماسي لطالبان في أول مؤتمر دولي لمساعدة أفغانستان

إسلام آباد - انطلق في العاصمة الباكستانية إسلام آباد الأحد مؤتمر دولي يضم 57 دولة إسلامية لبحث سبل التصدي للأزمة الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة في أفغانستان، وهو مؤتمر يشكل أيضا اختبارا دبلوماسيا لقادة طالبان.
ويعد اجتماع دول منظمة التعاون الإسلامي أول مؤتمر كبير بشأن أفغانستان، منذ سيطرة طالبان على البلاد في أغسطس الفائت.
وستكون أمام الدبلوماسيين مهمة حساسة تتمثل في مساعدة الاقتصاد الأفغاني، دون دعم النظام الإسلامي.
وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي خلال افتتاح الدورة الاستثنائية الـ17 في مبنى البرلمان بإسلام آباد، إن "أكثر من نصف الشعب الأفغاني يعاني من نقـص الغذاء والملايين من الأطفال في أفغانستان معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية".
وأضاف أن بلاده "تتأثر بالأزمة الإنسانية في أفغانستان، ولا يمكن أن نستبعد خطر الانهيار الاقتصادي الكامل هناك".
وينعقد الاجتماع الاستثنائي بناء على طلب السعودية بصفتها رئيسة الدورة الـ14 للقمة الإسلامية لـ"الاستجابة للأزمة الإنسانية الخطيرة التي يواجهها الشعب الأفغاني".
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، في كلمة ألقاها بالجلسة، إن المملكة "تدرك أن الانهيار الاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية في أفغانستان لن يكونا مأساة إنسانية فحسب، بل سيؤديان إلى المزيد من عدم الاستقرار وسيقودان إلى عواقب وخيمة على السلام والاستقرار الإقليمي والدولي".
وأعرب الوزير السعودي عن أمله في أن تساهم مخرجات الاجتماع في تقديم الاستجابة الإنسانية الفورية للشعب الأفغاني، من خلال تعهدات الدول المانحة والآليات المقترحة، كإنشاء صندوق ائتماني إنساني لأفغانستان تحت إشراف البنك الإسلامي للتنمية.
وأضاف أن "أفغانستان تقف الآن على مفترق طرق، وانهيار الوضع الحالي سيقود إلى الفوضى التي ستصب في مصلحة المتطرفين وانتشار الإرهاب".
ودعا أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، الذي تسلم مهام عمله الشهر الماضي، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الأطراف الأفغانية إلى تهيئة الظروف لتحقيق الأمن ومساعدة المنظمات الإنسانية في مباشرة مهامها.
وقال إن المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى بضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية ملاذا للجماعات الإرهابية.
ويأتي انعقاد المؤتمر في ظل مخاوف من أزمة إنسانية كبيرة في أفغانستان مع بدء فصل الشتاء، واستمرار تجميد المجتمع الدولي المليارات من الدولارات من المساعدات والأصول عقب عودة طالبان إلى السلطة.
وتقول الأمم المتحدة إن أفغانستان التي يبلغ عدد سكانها 38 مليون نسمة تواجه "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم"، بينما حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من مجاعة خطيرة مقبلة.
وطلب مسؤولو طالبان المساعدة في إعادة بناء الاقتصاد الأفغاني المدمر وتوفير الطعام لأكثر من 20 مليون شخص مهددين بالجوع. وبدأت بعض الدول ومنظمات الإغاثة في تقديم المساعدات، ولكن الانهيار الوشيك لنظام الدولة المصرفي أدى إلى تعقيد العمل.
وبالإضافة إلى المساعدة المباشرة تحتاج أفغانستان إلى المساعدة في توفير استقرار اقتصادي على المدى البعيد. ويتوقف الكثير على مدى استعداد واشنطن لرفع العقوبات الاقتصادية ضد زعماء طالبان، التي جعلت مؤسسات وحكومات كثيرة تتجنب التعامل المباشر مع حكومتهم.
وسيكون مركز إسلام أباد الإداري مغلقا تماما الأحد أمام العامة، وستحيط به أسلاك شائكة وحواجز، ويُتوقع أن تنتهي القمة التي تستمر يوما واحدا، بوعود بتقديم مساعدات.
وإلى جانب ممثلي دول منظمة التعاون الإسلامي الذين سيحضرون إلى مقر البرلمان الباكستاني، يشارك ممثلو الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في المؤتمر.
ويحضر الاجتماع أيضا القائم بأعمال وزير خارجية طالبان أمير خان متقي، على الرغم من عدم اعتراف أي دولة رسميا حتى الآن بالحكومة الجديدة في كابول.
وقبيل انعقاد المؤتمر أكد قريشي أن الاجتماع سيتحدث "نيابة عن الشعب الأفغاني" وليس باسم "مجموعة معينة" من السكان.
وبحسب وزير الخارجية الباكستاني "هناك فارق بين الاعتراف" بالنظام الجديد في كابول و"التعامل معه". وقال للصحافيين "علينا أن نشجعهم عن طريق الإقناع والتدابير التحفيزية، للسير في الاتجاه الصحيح". واعتبر أن "سياسة الإكراه والترهيب لم تنجح. لو نجحت، لما كنا في هذا الوضع".
وأعلنت طالبان، التي حكمت أفغانستان آخر مرة في 2001، عفوا عن مسؤولي الحكومة السابقة، وقالت إنها لن تسمح أبدا باستخدام أفغانستان قاعدة لشن هجمات على الدول الأخرى.
ولكنها واجهت انتقادات شديدة لمنعها النساء والفتيات من العمل والتعليم، واستبعاد قطاعات واسعة من المجتمع الأفغاني من الحكومة، وتم اتهامها بالاعتداء على حقوق الإنسان، وكذلك استهداف المسؤولين السابقين على الرغم من تعهدها بالعفو عنهم.