احتياطات جديدة تدعم طموح السعودية في صناعة الغاز الصخري

اكتشاف جديد يغذي فرص ترسيخ دعائم إنتاج الهيدروجين الأزرق.
الاثنين 2024/02/26
من هنا طريقنا إلى السوق!

عززت السعودية طموحاتها لأن تكون أحد اللاعبين الرئيسيين في صناعة الغاز وخاصة الصخري بعدما اكتشفت احتياطات مؤكدة في أكبر حقولها، وهو ما يجعلها تشق طريقها بثبات نحو تجسيد خططها المتعلقة بتنويع مصادر الطاقة وتحقيق الحياد الكربوني.

الرياض - تمكنت السعودية من إضافة كميات كبيرة للاحتياطات المؤكدة من الغاز والمكثفات في حقل الجافورة غير التقليدي، وهو ما يدعم تطلعات الحكومة في هذه الصناعة مستقبلا والمنافسة على الحصص في السوق.

وقال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن “الكميات الإضافية المؤكدة بلغت 15 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز، وملياري برميل من المكثفات”.

وتعمل الحكومة عبر ذراعها أرامكو على تنمية احتياطات البلاد من الغاز غير التقليدي، والتي تتطلب طرق استخراج متقدمة على غرار تلك المستخدمة في قطاع النفط الصخري.

واعتبر الأمير عبدالعزيز في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن “هذا الإنجاز تحقق نتيجة تطبيق أعلى المعايير العالمية في تقدير الموارد الهيدروكربونية وتطويرها بما يضمن حسن استغلالها”.

الأمير عبدالعزيز بن سلمان: الكميات الإضافية بلغت 15 تريليون قدم مكعبة قياسية
الأمير عبدالعزيز بن سلمان: الكميات الإضافية بلغت 15 تريليون قدم مكعبة قياسية

ويعد الجافورة أكبر حقل للغاز غير التقليدي وغير المصاحب للنفط في السعودية، ومن المحتمل أن يكون أكبر مشروع لتطوير الغاز الصخري خارج الولايات المتحدة.

وبفضل هذه الإضافات الجديدة، فإن كميات الموارد في الحقل أصبحت تُقدّر بحوالي 229 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز، و75 مليار برميل من المكثفات.

وصادقت على تقديرات الموارد والاحتياطيات المؤكدة للحقل الواقع في منطقة الأحساء شرق البلاد، شركة استشارات مستقلة كبرى متخصصة في مجال المصادقة على الموارد الطبيعية بعد تحليل البيانات بشأنها.

ويرى وائل مهدي، محلل أسواق الطاقة في اقتصاد الشرق مع بلومبرغ، أن الإعلان له دلالات إستراتيجية، لاسيما أنه جاء بعد إعلان السعودية تأجيل خطط رفع طاقة شركة أرامكو الإنتاجية من النفط.

وفاجأت السعودية نهاية يناير الماضي أسواق النفط العالمية بإعلانها إرجاء زيادة قدرات الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا من 12 مليون برميل يوميا حاليا.

وقال مهدي إنه “دليل جديد على توجه السعودية للغاز من أجل دعم تحول الطاقة محليا والاعتماد على مصادر طاقة أنظف”.

وأوضح أن غاز الجافورة لديه ثلاث مزايا إستراتيجية، أولاها أهميته لبرنامج خفض استهلاك السوائل النفطية وتصديرها بدلا من حرقها.

أما الميزة الثانية فإنه أساس برنامج أرامكو لتصبح أكبر مصدر هيدروجين أزرق في العالم، والثالثة أنه قد يكون الدافع وراء توجه السعودية لتصدير الغاز المسال للعالم للمرة الأولى.

وسبق أن صرح وزير الطاقة السعودي بأنه سيتم استخدام جزء كبير من غاز الجافورة في إنتاج الهيدروجين الأزرق.

◙ دليل جديد على توجه السعودية للغاز من أجل دعم تحول الطاقة محليا
◙ دليل جديد على توجه السعودية للغاز من أجل دعم تحول الطاقة محليا 

وتتم هذه العملية من خلال التقاط الانبعاثات المرتبطة بإنتاج الهيدروجين وتخزينها في أكبر مصدري منظمة أوبك، مما يسمح بتصدير الوقود كمصدر للطاقة النظيفة.

ولا تملك السعودية احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي الحر، ويأتي معظم إنتاجها من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، في وقت تزداد فيه حاجتها إلى الغاز لإمداد المشاريع الصناعية الجديدة وتزويد محطات توليد الكهرباء.

وتشير التقديرات إلى أن البلد يملك 600 تريليون قدم مكعبة من الغاز الصخري، أي ما يعادل ضعف احتياطاته من الغاز التقليدي، لكن تلك الأرقام يمكن أن ترتفع بشكل كبير مع تقدم عمليات الاستكشاف خاصة في الجافورة.

وفي آخر إحصاء أجرته مجلة أويل آند غاز الأميركية لعام 2023، فإن السعودية تحتل المركز الثاني من حيث الاحتياطات المؤكدة في المنطقة العربية بنحو 335.9 تريليون قدم مكعبة من الغاز الحر بعد قطر التي لديها نحو 842.4 تريليون قدم مكعبة.

وتتوقع وزارة الطاقة السعودية أن يسهم حجم موارد الغاز في مكمن حقل الجافورة بوضع السعودية في المرتبة الثالثة عالميّا في إنتاج الغاز بنهاية العشرية الحالية.

وتتصدر كل من الولايات المتحدة وأستراليا وروسيا وقطر السباق في عمليات إنتاج الغاز عالميا وهي تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات على مستوى العالم.

وأكد أمين الناصر الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين، خلال إطلاق مراحل التطوير التجاري للمواد غير التقليدية في حقل الجافورة، أن إطلاق برامج التوسع الكبير في أعمال القطاع سيجعل الشركة أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم.

وتريد الرياض تعزيز استعداداتها للتحولات المستقبلية المتسارعة في قطاع الطاقة، رغم أن محللين يقولون إن إنتاج الغاز الصخري قد ترتفع تكلفته في البلد الخليجي، بسبب ندرة المياه التي يحتاجها في عملية تكسير الصخور.

لكن البعض يرى أن التطورات التكنولوجية تتقدم بسرعة كبيرة وقد تمكنت خلال السنوات الماضية من خفض التكاليف وتحسين كفاءة الاستخراج، وهو ما قد يساعد أرامكو في إستراتيجيتها بعيدة المدى.

وائل مهدي: الإعلان دليل جديد على التوجه إلى الغاز لدعم تحول الطاقة
وائل مهدي: الإعلان دليل جديد على التوجه إلى الغاز لدعم تحول الطاقة

ووفق توقعات أرامكو المنشورة على منصتها الإلكترونية، فإن إنتاجها سيصل إلى 420 مليون قدم مكعبة يوميا من الإيثان وأن حقل الجافورة سينتج نحو 630 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز والمكثفات بنهاية هذا العقد.

وكانت التقديرات الأولية تشير إلى أن الحقل، الذي يحتاج إلى استثمارات تصل إلى قرابة 110 مليارات دولار لتطويره، يحتوي على 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام.

وتتوقع الشركة التي حققت أكبر أرباح في تاريخ صناعة النفط في 2022 أن يبدأ الإنتاج في الحقل عام 2025، لتصل المبيعات إلى نحو ملياري قدم مكعبة قياسية يوميا بنهاية العقد الحالي.

وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد توقع في السابق أن يحقق الحقل خلال 22 عاما من بداية تطويره إيرادات سنوية تصل إلى 8.6 مليار دولار.

وباشرت أرامكو محادثات مع داعمين محتملين لتطوير الحقل وتبحث عن مستثمرين للمساهمة بتمويل تطوير مشاريع النقل والتكرير في الحقل، بما في ذلك المشاركة بحصص في أصول كمنشآت احتجاز الكربون وتخزينه وخطوط الأنابيب ومحطات الهيدروجين.

وفي أكتوبر الماضي، وقَّعت شركتا هيونداي للهندسة والإنشاءات وهيونداي للهندسة الكوريتان الجنوبيتان عقدا بقيمة 2.4 مليار دولار مع أرامكو لبناء محطة لمعالجة الغاز في الجافورة، ليمثل باكورة العقود الأجنبية الكبرى في الحقل.

وكشفت شركة سيونيك الصينية للطاقة في أغسطس الماضي للمرة الأولى أنها تسعى إلى ضخ استثمارات في مشروع الجافورة للغاز.

11