احتقان في مناطق تونسية بسبب المهاجرين

صفاقس (تونس)- تشهد مناطق تونسية حالة من الاحتقان، في ظل تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وسط ارتباك رسمي في التعاطي مع الظاهرة.
وقام سكان عدد من المعتمديات في محافظة صفاقس التي تعرف بعاصمة الجنوب في تونس بتنفيذ تحركات احتجاجية وقطع الطرقات في محاولة للفت أنظار السلطات، وسط اتهامات للمهاجرين بمهاجمة المنازل والاعتداء على الأملاك الخاصة.
وتجد السلطة السياسية في تونس نفسها في موقف صعب حيال كيفية التصرف مع التدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين، لاسيما مع عدم فاعلية التنسيق مع الدول المجاورة حتى الآن أي الجزائر وليبيا، اللتين يتسلل منهما المهاجرون إلى الأراضي التونسية.
وقد شكلت أزمة المهاجرين أحد المحاور الرئيسية في الاجتماع التشاوري الذي جمع الرئيس التونسي قيس سعيد بنظيره الجزائر عبدالمجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الاثنين في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة.
وأعلن القادة الثلاثة في بيان مشترك في ختام الاجتماع أنّهم “اتّفقوا على تكوين فرق عمل مشتركة تُعهد لها أحكام تنسيق الجهود لتامين حماية أمن الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظّمة“.
وأضاف البيان الختامي الذي تلاه وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أنّ القادة الثلاثة اتّفقوا أيضاً على “توحيد المواقف والخطاب مع التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية وجنوب الصحراء”.
وينتقد التونسيون التساهل الليبي ولاسيما الجزائري على الحدود والذي جعل تونس تغرق بأعداد كبيرة من المهاجرين.
وهدد فرع الاتحاد العام التونسي للشغل في مدينتي العامرة وجبنيانة بمحافظة صفاقس، بشن إضراب عام احتجاجا على التدفق الكبير للمهاجرين وتداعيات ذلك على الحياة العامة في الجهة.
وأصبحت المناطق الريفية في العامرة وجبنيانة وجهة الآلاف من المهاجرين بعد فرض السلطات في العام 2023 قيودا على تواجدهم في الشوارع والساحات العامة بمدينة صفاقس بعد أعمال عنف مع السكان المحليين.
وقال الاتحاد المحلي للشغل في العامرة وجبنيانة، في بيان له، إنه “يتابع بانشغال شديد الوضع الاجتماعي المتردي منذ أشهر عديدة على إثر توافد أعداد كبيرة لأفارقة جنوب الصحراء وما نتج عن ذلك من تبعات خطيرة في مختلف المجالات الصحية والبيئية والاجتماعية“.
وتابع “تشير المعطيات والأحداث التي جدت في الأيام الأخيرة في العامرة وجبنيانة إلى تفاقم الأمر والوصول إلى مرحلة العنف والاعتداء على الأشخاص والممتلكات الخاصة“.
وتنتشر خيام المهاجرين في الحقول ومزارع الزيتون في الجهة. ويتطلع أغلبهم إلى عبور البحر الأبيض المتوسط نحو الجزر الإيطالية القريبة عبر مهربي البشر.
وقال الاتحاد إن رفض الأهالي في العامرة وجبنيانة للوجود المكثف للأفارقة لا علاقة له بأي نظرة عنصرية، مطالبا السلطات بـ”إيجاد حلول جذرية تضمن كرامة الوافدين الأفارقة من ناحية والحق الطبيعي في الحياة الآمنة لعموم الأهالي من ناحية ثانية”.
وتجري إيطاليا عمليات تنسيق أمنية مكثفة مع تونس للحد من تدفقات المهاجرين عبر سواحلها.
◄ عدم فاعلية التنسيق مع الدول المجاورة حتى الآن أي الجزائر وليبيا، اللتين يتسلل منهما المهاجرون إلى الأراضي التونسية
وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني خلال زيارتها تونس الأسبوع الجاري عن مساعدات بأكثر من 100 مليون يورو.
ولا تملك تونس الإمكانيات والآليات الكفيلة للحد من ظاهرة تسلل المهاجرين إلى أراضيها، في المقابل تتعرض لضغوط مكثفة من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية.
ولطالما دعا الرئيس التونسي إلى ضرورة وضع مقاربة شاملة لمعالجة الهجرة غير الشرعية وأطل سعيد في ثلاث مناسبات خلال أقل من أسبوع الشهر الجاري، مؤكدا على أن”تونس التي تعامل المهاجرين معاملة إنسانية، ترفض أن تكون لا معبراً ولا مستقراً”.
وأضاف “نعاملهم معاملة إنسانية لأنهم ضحايا، ولكن تونس لن تكون ضحية لمن قرروا أن تكون مقراً لهؤلاء”.
وأشار سعيد، إلى أن هذه الظاهرة التي تتفاقم كل يوم لم تكن تونس أبدا سببا من أسبابها، بل بالعكس، فهي تتحمل تبعات نظام عالمي أدى إلى هذه الأوضاع غير الإنسانية، كما أن المنظمات الدولية المتخصصة التي كان من المفترض أن تقف إلى جانب تونس، تكتفي في أغلب الأحيان بالبيانات أو تحاول فرض أمر واقع لن يقبله التونسيون أبداً.