احتفال السعودية لأول مرة بيوم التأسيس يتواكب مع مسار إصلاحي وضع المملكة على سكة التحديث

ولي العهد نجح في نقل السعودية إلى مرحلة جديدة لا تقل أهمية عن باقي المراحل المفصلية التي مرت بها المملكة.
الأربعاء 2022/02/23
مياه كثيرة جرت منذ التأسيس وصولا إلى التحديث

الرياض- احتفلت المملكة العربية السعودية الثلاثاء لأول مرة بذكرى تأسيسها قبل نحو 300 عام، ويتواكب الاحتفال مع مسار إصلاحي بدأته المملكة منذ العام 2016، ونجح في التخفيف من قبضة المؤسسة الدينية التي تحكمت على مدى عقود طويلة في مفاصل الدولة.

وأعدت الحكومة السعودية ليوم التأسيس فعاليات تشمل عروضا موسيقية عن التاريخ الحديث للمملكة وألعابا نارية وعروضا بطائرات مسيرة ومؤثرات صوتية شارك فيها 3500 شخص بخيولهم الأصيلة.

وأصدرت السعودية هوية بصرية مميزة ليوم التأسيس تحت شعار “يوم بدينا” تظهر في منتصفه أيقونة رجل يحمل راية، في إشارة إلى “بطولة رجالات المجتمع السعودي والتفافه حول الراية التي حماها”.

وتحمل الهوية البصرية “معاني جوهرية تاريخية متنوعة ومرتبطة بأمجاد وبطولات وعراقة الدولة السعودية”. ويختلف “يوم التأسيس” عن “اليوم الوطني” في السعودية التي كانت قبل ذلك لا تعترف إلا بالاحتفال بالعيدين فقط (عيد الفطر وعيد الأضحى)، رغم أهمية اليومين في تاريخ المملكة، حيث شهدا أحداثا كان لها دور كبير في ما وصلت إليه السعودية الآن.

و”يوم التأسيس” هو الاحتفال الأحدث الذي تقره المملكة، لكنه يعود إلى مناسبة أقدم من مناسبة “اليوم الوطني”؛ فقرار الاحتفال بيوم التأسيس أصدره العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في السابع والعشرين من يناير الماضي، معتمدا يوم الثاني والعشرين من فبراير من كل عام إجازة رسمية في المملكة، بمناسبة ذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم “يوم التأسيس”.

ويعود اختيار هذا اليوم إلى الشهر الذي أعلن فيه الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون تأسيس الدولة السعودية الأولى، وتحديدا في شهر فبراير من عام 1727، وهي الدولة التي استمرت إلى عام 1818 واتخذت من الدرعية عاصمة لها، وكانت الدولة تسمى “إمارة الدرعية”.

كان ذلك بعد ثمانية عشر عاما تقريبا مما يعتبره المؤرخون بداية الدولة السعودية عندما تحالف بن سعود مع الداعية الإسلامي محمد بن عبدالوهاب الذي يعرف مذهبه بالوهابية. وعزز الاتفاق مع رجل الدين شرعية حكم آل سعود في مقابل تمويل سخي ونفوذ مُنح للمؤسسة الدينية المحافظة على القضايا الاجتماعية والتعليم والأخلاق العامة، وهي السلطات التي قلصها في السنوات الأخيرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية ترمي إلى وضع المملكة على سكة التحديث الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

وكبح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان السلطة الدينية وفتح البلاد أمام الحفلات الموسيقية وعروض السينما والمسرح ورفع حظر قيادة النساء للسيارات وخفف من قيود نظام ولاية الرجل الذي يعطي الرجل حق السيطرة على مصائر أقاربه من النساء.

ويقول مراقبون إن ولي العهد نجح في نقل المملكة إلى مرحلة جديدة لا تقل أهمية عن باقي المراحل المفصلية التي مرت بها، وتمكن من ضبط المؤسسة الدينية. لكن ذلك لا يعني عدم وجود تخوفات مما يمكن أن تقدم عليه بعض القوى المحافظة، الرافضة للتغيير.

وتعليقا على الاحتفال بيوم التأسيس قالت كريستين ديوان الباحثة البارزة بمعهد دراسات دول الخليج العربية في واشنطن “تم محو محمد بن عبدالوهاب من التاريخ السعودي”.

وأقر مجلس الشورى السعودي الشهر الماضي كذلك اقتراح تعديل قانون يتعلق بالنشيد الوطني والعلم. ولم يتضح ما إذا كان سيغير مكونات تصميم العلم الذي يشمل جملة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.

3