احتفالات خجولة بعيد الميلاد في جنوب لبنان وسط توتر حدودي مع إسرائيل

شوارع بلدة القليعة جنوب لبنان، التي تكون عادة مكتظة في مثل هذه الفترة من الأعياد، تبدو شبه مقفرة عند حلول الليل.
الأحد 2023/12/24
دخان القصف ينغص فرحة العيد

جاء التصعيد المستمر بين إسرائيل وحزب الله في المناطق الحدودية جنوب لبنان ليفاقم أزمات اللبنانيين ويحرمهم فرحة أعياد الميلاد، حيث بدت الأجواء شاحبة رغم دعوات للاحتفال.

القليعة (لبنان) - في كنيسة بلدة القليعة في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل، يحض الأب بيار الراعي المؤمنين على الحفاظ على روح عيد الميلاد رغم التوترات التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة.

وتعيش هذه البلدة على وقع القصف المتبادل في المناطق الحدودية بشكل يومي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة في السابع من أكتوبر.

ويقول الراعي أثناء ترؤسه القداس في كنيسة مار جرجس القليعة أمام عدد من المؤمنين وغالبيتهم من المسنين والأطفال "من المؤكد أننا منزعجون من الحرب ومتضايقون (..) منذ ثلاثة أشهر تقريبا". وأضاف "كالما أخذنا القرار بالصمود في البلدة، وفي القرى الحدودية بالجنوب، يجب أن نعيش فرح العيد".

ويطال القصف المدفعي والغارات الجوية الإسرائيلية أطراف القليعة الواقعة على مسافة أقل من خمسة كيلومترات من الحدود، وتحيط بها السهول الخضراء وأشجار الزيتون. لكن البلدة نفسها تبقى إلى حد كبير في منأى عن القصف، حالها كحال قرى أخرى مسيحية مجاورة.

◙ منذ بدء التصعيد الحدودي قتل حوالي 150 شخصا في لبنان بينهم حوالي مئة من عناصر الحزب و12 شخصا من الجانب الإسرائيلي بينهم ثمانية جنود

ومنذ بدء التصعيد الحدودي، قتل حوالي 150 شخصا في لبنان بينهم حوالي مئة من عناصر الحزب، و12 شخصا على الأقل من الجانب الإسرائيلي بينهم ثمانية جنود.

ويؤكد الأب أنطونيوس فرح في الكنيسة حيث أقيمت مغارة ميلادية كبيرة أن سكان المنطقة الحدودية اعتادوا على “الأوضاع غير السليمة”، مضيفا أنه رغم “الصعوبات التي نمر فيها هذه الأيام، وصعوبة الحرب التي نحن فيها، قررنا هذه السنة عيش الميلاد كالعادة”. وأضاف "نحنا ملتزمون عيش العيد، ومن خلال الصلوات والاحتفالات التي نقيمها ولو كانت أقل من كل السنوات.. نصلي من أجل السلام".

وعاشت القليعة، كغيرها من مناطق واسعة في جنوب لبنان، تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي امتد من العام 1978 حتى 2000. كما كانت من القرى التي تأثرت بفعل حرب 2006 بين الدولة العبرية وحزب الله.

وشوارع القليعة التي تكون عادة مكتظة في مثل هذه الفترة من الأعياد، تبدو شبه مقفرة عند حلول الليل. ويقول الأب فرح إن "تقريبا 60 في المئة" من سكان البلدة ما زالوا موجودين فيها”، مشيرا إلى أن المغتربين لم يعودوا إلى القليعة لتمضية فترة الأعياد.

ويؤكد أن السكان اعتادوا أصوات القصف ويمضون في أعمالهم اليومية خلال النهار. ويضيف “نحن لا نحب الحرب أبدا". وفي قاعة مجاورة للكنيسة تقول ميسا نهرا (25 عاما) وهي مسؤولة عن النشاطات الترفيهية والاجتماعية للأطفال في الرعية "نحن أكيد في ظروف استثنائية حاليا".

وتضيف وهي تساعد فتيات على تزيين شجرة الميلاد “لكن رغم تحديات هذه الظروف والحرب المحيطة بنا، نحاول قدر الإمكان أن نعيش أجواء العيد". وتقول "حاولنا قدر الإمكان أن نبقى مستمرين بأنشطتنا الرعوية بصورة متتالية، نحاول في هذه الظروف عيش أجواء العيد ببساطتها".

من جهتها، تأمل سوزي سلامة البالغة من العمر 47 عاما والتي نصبت شجرة ميلاد كبرى في منزلها في القليعة، في أن يحمل العيد الأمل والسلام إلى هذه المنطقة التي لطالما عرفت التوترات.

وتقول لفرانس برس "نحاول عيش عيد الميلاد بكل معانيه، نحاول عيشه بمحبة وبسلام، رغم كل الظروف المحيطة بنا". وتضيف "ميلاد يسوع هو عيد الفرح والسلام والمحبة، وإن شاء الله ولادة يسوع تكون ولادة سلام لبلدنا ولكل البلدان حولنا".

لكن في البلدة، لا يشاطرها الجميع هذا التفاؤل. وفي منزلها القريب من الكنيسة، تقول ليلى ونّا وهي ربة منزل تبلغ 67 عاما وتجلس مع زوجها قرب شجرة الميلاد الكبيرة المزينة "لا نشعر بالعيد أبدا".

وتضيف "إنما من عاداتنا أن نضغ المغارة"، مشيرة إلى أن أيّا من أولادها الذين يقيم قسم منهم في بيروت وقسم آخر خارج لبنان، لن يمضي العيد في القليعة. وتقول "نحن باقون في منزلنا، لن نغادر حتى لو كنا سنموت فيه".

3