احتفاء جزائري كبير برئيسة الهند دون الرد على تساؤل: أين مودي

الجزائر- استقبل المسؤولون الجزائريون بحفاوة بالغة رئيسة الهند دروباد مورمو بالرغم من أن الزيارة شكلية، من دون أن يجيبوا عن سؤال: لماذا حضرت مورمو إلى الجزائر ولم يأت رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي هو الشخصية الأولى في الهند.
ومن خلال الاهتمام الرسمي على مستوى عال بالزيارة والتركيز الإعلامي عليها، فإن الجزائريين يحاولون تصويرها على أنها إنجاز دبلوماسي ونجاح في بناء العلاقات، مع أنها تدخل ضمن العلاقات البروتوكولية، في حين أن الأمر كان سيكون مختلفا لو كان الضيف رئيسَ الوزراء.
وحرص الجزائريون على إظهار الاهتمام بالمسؤولة الهندية من خلال عرض اتفاقيات في مجال الاستثمار والتبادلات التجارية، والتلويح باتفاقيات عسكرية، وهو أمر غير مسبوق في التعامل الدبلوماسي مع الشخصيات البروتوكولية.
ويحاول المسؤولون الجزائريون الإيحاء بأن بلادهم غير معزولة وسط انتقادات داخلية لأداء الدبلوماسية الجزائرية في ظل انكفاء دورها في ملفات الإقليم وتوسع دائرة التوتر بين الجزائر وشركاء تقليديين مثل فرنسا، وبرود في العلاقات مع الصين وروسيا اللتين تؤاخذهما الجزائر على عدم دعم عضويتها في بريكس.
وقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في تصريح صحفي مشترك مع مورمو، عقب المحادثات التي جمعت بينهما “أرحّب مجددا برئيسة دولة الهند الصديقة التي تقوم بزيارة دولة إلى الجزائر ولأول مرة تستقبل الجزائر رئيسا للهند، حيث سبق وأن استقبلنا الوزراء الأولين، وأنه تم خلال هذه الزيارة إجراء محادثات مكثفة تناولنا خلالها التعاون الثنائي وآفاق تطويره من جهة وتطرقنا من جهة أخرى إلى قضايا إقليمية ودولية راهنة”.
وأوضح بأنه تم الاتفاق على “ترقية مستوى التعاون الاقتصادي وتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري، وسيتم في أقرب وقت التحضير لعقد دورة لكل من اللجنة المشتركة للتعاون وآلية التشاور السياسي بما يخدم جهود دعم العلاقات وتعميق الشراكة الثنائية، لاسيما من خلال لقاء رجال الأعمال وتعزيز أطر التعاون بإثراء الإطار القانوني والتنسيق والتشاور”.
وروجت مصادر جزائرية إلى أن الزيارة النادرة لرئيسة الهند قد لا تخلو من فتح صفحة تعاون عسكري بين البلدين، قياسا بإمكانيات سوق نيودلهي العسكرية، وحاجة الجزائر لتنويع شراكاتها مع أسواق متعددة، لتكون بذلك نقطة تحول جديدة في العلاقات الجزائرية الدولية، لاسيما وأن الهند باتت واحدة من القوى الدولية النافذة في العالم.
ولعل الجزائر استشعرت أن الهند تنوي الدخول على خط سباق النفوذ في أفريقيا، فاحتفت بالزيارة وتحدثت عن شراكة محورية قد تكون بديلا عن شراكات سابقة ثبت أنها لم تراع المصالح الجزائرية في المنطقة، كما هو الشأن مع الدورين الروسي والتركي، اللذين يعملان على تجاوز دور الجزائر ومصالحها في منطقة الساحل.
وترتبط الجزائر والهند بعلاقات صداقة تاريخية تأسست منذ استقلال الجزائر في العام 1962، حيث تعدان من مؤسسي حركة عدم الانحياز، إلا أن الفتور خيم عليها في السنوات الأخيرة، والرئيس الجزائري لم يكن يراهن على الهند في دعم ملف بلاده للانضمام إلى مجموعة بريكس، قبل أن يتم خذلانه من طرف من كان يصفهم بـ”الشركاء الموثوقين”.
وقد تكون المبالغة في الحفاوة بزيارة مورمو ردا على الصين وروسيا اللتين كان تبون يراهن على أنهما ستدعمان عضوية بلاده في بريكس قبل أن يصدم بقرار الرفض من الدول المؤسسة للمجموعة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الماضية 2 مليار دولار، ويشمل قطاعات البنى التحتية والصناعات الثقيلة والصناعة الميكانيكية والمحروقات والكهرباء والمناجم والسكك الحديد، والصناعة الصيدلانية والنسيج والزراعة والبتروكيمياء وإنتاج الأسمدة وتحويل الفوسفات والحديد، وكذلك تحلية مياه البحر وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
وتأتي زيارة رئيسة الهند بعد ربع قرن تقريبا من آخر تبادل للزيارات على مستوى الرؤساء بين البلدين، ما يجعلها ذات أهمية بالغة في سياق العلاقات الثنائية، وكانت آخر زيارة رئاسية جزائرية إلى الهند قد أجراها الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة عام 2001، بينما كان آخر لقاء رفيع المستوى في 2019 عندما زار نائب الرئيس الهندي الجزائر.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد أبدى اهتمام بلاده بتوسيع العلاقات الثنائية مع الجزائر، خلال رسالة التهنئة التي وجهها للرئيس تبون عقب فوزه بعهدة رئاسية ثانية.
وأكد الرئيس الجزائري في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيسة الهند على “صلابة علاقات الصداقة التقليدية بين الهند والجزائر والمؤسسة على الثقة المتبادلة والإرادة الصادقة وتشارك وجهات النظر في مسائل إقليمية ودولية، وأن الهند تولي أهمية كبرى لتوسيع وتعميق التعاون مع الجزائر، بما يخدم المنفعة المشتركة للشعبين”.