احتفاء إيراني بنتائج المحادثات مع الرياض يقابله تجاهل سعودي

طهران تسوّق في الداخل لإنجازات دبلوماسية في مسار إنهاء العزلة الإقليمية.
الثلاثاء 2022/04/26
طهران تستثمر سياسيا ودعائيا في المفاوضات مع الرياض

لاقت الجولة الخامسة من المحادثات السعودية – الإيرانية احتفاء كبيرا من قبل طهران، التي سعت إلى استثمار هذه الجولة سياسيا ودعائيا في إطار الترويج للداخل الإيراني كما للخارج لإنجازات دبلوماسية في مسار إنهاء عزلتها الإقليمية.

الرياض- أشاد المسؤولون الإيرانيون بنتائج الجولة الخامسة من الحوار مع المملكة العربية السعودية، التي وصفوها بـ”الإيجابية والجدية”، في المقابل التزمت المملكة الصمت ما يعكس وجود تحفظات من الرياض على المسارعة في إطلاق أحكام لا تقترن بالتزامات ملموسة على الأرض من جانب طهران.

ويقول محللون إن الاحتفاء الإيراني بالجولة الجديدة من المباحثات يندرج في إطار رغبة طهران في استثمار الأمر سياسيا للترويج للداخل الإيراني وللخارج، بأنهم على المسار الصحيح في كسر العزلة الإقليمية التي يعانيها النظام منذ عقود.

ويشير المحللون إلى أن تلميحات المسؤولين الإيرانيين عن حصول اختراق في المفاوضات لا يخلو من مبالغة، حيث إن الحديث عن ذلك يتطلب أكثر من مجرد رسائل كلامية “ودية” بل إلى أفعال تترجم على الأرض، وهو الأمر الذي يجعل السعودية تتأنى في إطلاق أي تصريحات حول المباحثات.

واستأنفت الخميس الماضي المفاوضات بين طهران والرياض في العاصمة العراقية بغداد، بعد أشهر من تعليقها، في خطوة يراد منها وصل العلاقات المقطوعة بين الخصمين الإقليمييين.

محمود عباس زادة مشكيني: جولة الحوار الخامسة كانت إيجابية وبناءة جدا

وعقدت الجولة بين ممثلين لأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية، ورئاسة الاستخبارات السعودية، فيما يعكس أن المحادثات لم تتخط بعد الجوانب الأمنية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في مؤتمر صحافي الاثنين إن “المباحثات كانت إيجابية وجدية وشهدت تحقيق تقدم”، وأشار إلى أنه تم “الاتفاق على عقد جولة مقبلة”، من دون أن يحدد موعدا لذلك.

وتشهد العلاقات بين القوتين النافذتين في المنطقة انقطاعا منذ العام 2016. إلا أن البلدين اللذين يقفان على طرفي نقيض في مختلف الملفات الإقليمية، أجريا خلال العام الماضي أربعة لقاءات حوارية بهدف تحسين العلاقات، استضافها العراق بتسهيل من رئيس وزرائه مصطفى الكاظمي.

وبدأت المباحثات في أبريل 2021، وعقدت جولتها الرابعة في بغداد في سبتمبر الماضي. وكان من المتوقع أن تعقد جلسة خامسة في مارس، إلا أن تقارير صحافية تحدثت في حينه عن قرار إيراني بـ”تعليق” المشاركة بعد إعدام السعودية للعشرات من الأشخاص بعضهم على ارتباط بتنظيمات إرهابية على صلة بإيران.

وأكد خطيب زادة أنه في حال “تم رفع مستوى (المشاركين) في المباحثات إلى الصف السياسي الأول، يمكن توقع تحقيق تقدم بشكل أسرع في مجالات مختلفة في هذه المباحثات”.

وكان محمود عباس زادة مشكيني المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني صرح لصحيفة “الصباح” العراقية الصادرة الاثنين بأن “مجريات جولة الحوار الإيرانية – السعودية الخامسة في بغداد كانت إيجابية وبناءة جدا”.

وأضاف مشكيني “إننا نثمن الجهود التي بذلها العراق من أجل توفير الأجواء المناسبة لاستضافة المباحثات الإيرانية – السعودية والدور الفعال الذي يلعبه العراق من أجل دعم الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وذكر المسؤول الإيراني “أن تعزيز العلاقات بين إيران والسعودية ينعكس إيجابيا على دول وشعوب المنطقة في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، وهو ما تريد الحكومة العراقية تحقيقه عبر التقريب بين وجهات النظر”.

ويعتبر العراق الذي يقع على خط تماس بين السعودية وإيران أحد أبرز المتضررين من الخصومة بين البلدين، وتسعى بغداد إلى كسر الحاجز بينهما على أمل أن ينعكس الوضع إيجابا على استقرارها.

ويستبعد المراقبون أن تسفر المحادثات بين الطرفين عن اختراق جوهري، وأن أقصى ما يمكن تحقيقه هو خفض التصعيد بينهما في بعض الساحات ومنها اليمن، مشيرين إلى أن إيران ليست على استعداد حاليا إلى أن تغير من استراتيجيتها لاسيما في علاقة بدعم الجماعات المتطرفة.

ولاقت الجولة الخامسة احتفاء لافتا من قبل وسائل الإعلام الإيرانية، وقالت صحيفة “ابتكار” في تقرير بعنوان “طهران والرياض على سكة خفض التصعيد” إن الجولة حملت عدة رسائل إيجابية، مشيرة إلى أن المحادثات تطرقت إلى التحديات الأساسية واتسمت بـ”الكثير من الوضوح والشفافية”.

وكتبت صحيفة “جمهوري إسلامي” في مانشيت بالبند العريض “تقدّم في محادثات تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية”.

استأنفت الخميس الماضي المفاوضات بين طهران والرياض في العاصمة العراقية بغداد، بعد أشهر من تعليقها

وكانت السعودية قطعت علاقاتها مع إيران في العام 2016، بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، لاعتداءات من قبل محتجين على إعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر.

وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.

كذلك، تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بـ”التدخّل” في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.

وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان رحّب في مارس، بتصريحات لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن علاقات الجوار بين البلدين، معتبرا أنها تظهر “رغبة” الرياض باستئناف علاقاتها مع طهران.

3