احتجاز ومنع سفر تعسفي بحق مواطنين قطريين بينهم وزير سابق

الدوحة - وجهت منظمات حقوقية اتهامات للدوحة بمنع أربعة مواطنين قطريين بينهم وزير سابق من السفر بشكل تعسفي وإلى أجل غير مسمى، في غياب أي إجراءات قضائية أو وجود سند قانوني واضح بحقهم.
وكان جهاز أمن الدولة القطري اعتقل أحد المواطنين المعنيين في أكتوبر 2020، بعد أن نشر تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد منع السفر التعسفي ضده وضد الآخرين.
وكشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” و”مركز الخليج لحقوق الإنسان” الاثنين أن جهاز أمن الدولة فرض منع السفر دون أي إجراء قانوني، وفي بعض الحالات تحدى فعليا أوامر القضاء. كما تعرض أحد المواطنين المعنيين لعقوبات مالية شملت تجميد حساباته المصرفية.
وتأتي هذه الاتهامات الموجهة إلى قطر في وقت تبدي فيه الإمارة الخليجية الصغيرة حرصا على تحسين صورتها الحقوقية مع اقتراب موعد احتضانها لنهائيات كأس العالم 2022.
وقال مايكل بيج نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش “يتناقض فرضُ منع سفر تعسفي لأجل غير مسمّى بشكل صارخ مع صورة البلد الحريص على الحقوق التي تسعى السلطات القطرية جاهدة لتقديمها إلى العالم”، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات التعسفية من قبل جهاز أمن الدولة تقلّص الثقة في احترام السلطات القطرية للإجراءات القانونية الواجبة.

خالد إبراهيم: السلطات الأمنية في قطر تعمل خارج سيادة القانون
والمواطنون المعنيون هم: عبدالله المهندي وهو رجل أعمال تمنعه السلطات من السفر منذ العام 2013، وسعود خليفة آل ثاني وهو موظف سابق في وزارة الداخلية يطعن في حظر السفر المفروض عليه منذ العام 2016، والدكتور نجيب النعيمي وهو وزير عدل أسبق ممنوع من السفر منذ العام 2017، ومحمد السليطي وهو مواطن قطري يحمل إقامة أميركية تمنعه السلطات من السفر منذ العام 2018 واحتجزه جهاز أمن الدولة منذ أكتوبر 2020.
وقال مصدر مقرب من السليطي إن قوات أمن بملابس مدنية اعتقلته في الرابع من أكتوبر 2020 في منزله بالدوحة، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي لأسبوعين. وقبل أسابيع من اعتقاله، كان السليطي قد نشر على وسائل التواصل الاجتماعي بيانا أصدرته “منظمة العفو الدولية” يوضح بالتفصيل حظر السفر التعسفي الذي تعرض له هو ومواطنون آخرون في قطر. وقالت منظمة العفو الدولية أيضا إنه نشر استطلاعا على حسابه في تويتر لجمع بيانات عن القطريين الممنوعين من السفر تعسفا، وقد تم تعليق حسابه بعد اعتقاله.
وكان السليطي يعيش في الولايات المتحدة منذ عام 2015، حيث يدير شركتين. وقال مصدر مقرب منه إن السلطات اعتقلته لأول مرة في العام 2018 في “مطار حمد الدولي” بينما كان يستعد لمغادرة البلاد واحتجزته خمسة أشهر تعسفا دون توجيه اتهامات إليه. وهو ممنوع من السفر منذ إطلاق سراحه.
ويخضع الدكتور النعيمي، الذي شغل منصب وزير العدل بين عامي 1995 و1997، لمنع سفر تعسفي منذ عام 2017. وأُخطر النعيمي بهذا المنع في يناير 2017 في رسالة نصية من المديرية العامة للجوازات والنيابة العامة تحمل رقم بطاقة هويته. وصدر أمر قضائي لصالح النعيمي في يونيو من العام ذاته يقضي بانتفاء أسباب حظر السفر، ومع ذلك، تستمر السلطات في منع النعيمي من مغادرة البلاد.
وتولى النعيمي الدفاع عن الشاعر محمد العجمي الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد في عام 2012 بسبب قصيدة ألقاها في محفل خاص ينتقد فيها الأمير. وقد أُفرج عن العجمي في مارس 2016 بعد عفو أميري.
وفرضت وزارة الداخلية منع سفر على سعود خليفة آل ثاني في العام 2016 بأمر إداري ودون أي تفسير. وقال إنه رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية للطعن في المنع بتاريخ الأول من أبريل 2019. وقد راجعت منظمتا هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان وثائق المحكمة، وتبين أنه صدر حكم لصالحه، وأنه تم إلغاء منع السفر الصادر في 2016 اعتبارا من الثامن من مايو 2019.
ووفق قانون صدر عام 2003 يملك جهاز أمن الدولة القطري صلاحيات واسعة تكاد لا تخضع لأي مراقبة. وينص القانون على أن هذا الجهاز يخضع مباشرة للأمير وله سلطة في الرقابة والتحري حيث “لا يجوز ‘إخضاعها’ لأي رقابة ما لم يأذن الأمير بذلك”.
ويحظر هذا القانون على الأفراد والمنظمات الحكومية وغير الحكومية إخفاء المعلومات التي يطلبها رئيس جهاز أمن الدولة أو الامتناع عن تقديمها له، “مهما كانت طبيعتها”. كما يمنع القانون رئيس الجهاز من الكشف عن أنشطته والمعلومات المتعلقة بعمله ووسائل حصوله عليها ومصادرها، إلا بإذن خاص من الأمير.
وكان فريق الأمم المتحدة المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي قال عقب زيارة رسمية إلى قطر في العام 2019 إنه مُنع من زيارة مركز الاحتجاز التابع لجهاز أمن الدولة.
وقال خالد إبراهيم المدير التنفيذي لدى “مركز الخليج لحقوق الإنسان” “إن التجاهل الصارخ لأوامر القضاء يبعث رسالة مفادها أن السلطات الأمنية يمكنها أن تتصرف كما يحلو لها وتعمل خارج سيادة القانون“.