احتجاج نادر في سلطنة عمان بسبب وقفة عرفة ويوم العيد

مسقط – أثار الاختلاف عن السعودية في تحديد وقفة عرفة ويوم العيد الجدل في سلطنة عمان وقاد إلى احتجاج نادر أدى إلى تدخل قوات الأمن لتفريق الذين قاموا به وتوقيف أحد الأئمة، يسمى علي عامر دبلان المعشني.
وتقول أوساط عمانية إن توقيف المعشني كان تحذيرا واضحا للجميع من أن السلطنة لن تسمح بالفوضى تحت أي مسمى أو فتاوى فردية مثل الدعوة إلى اتباع السعودية، وأن لكل دولة رؤيتها وعيدها ومذهبها وولي أمرها الذي تجب طاعته.
وذكرت الأوساط نفسها أن من مظاهر الفوضى أنه فيما كان العمانيون يحيون وقفة عرفة ويستعدون للعيد في اليوم التالي، كان البعض قد صلى صلاة العيد وذبح الأضاحي بعيدا عن الأنظار وخوفا من ردع الدولة، وهو ما يمكن أن يفتح الباب أمام الخلافات ويمهد لظهور مجموعات مذهبية وطائفية توظف المسائل الخلافية في استهداف الدولة واستقرارها، ولأجل ذلك تحركت قوات الأمن بسرعة لتفريق المحتجين.
السلطات ترفض اعتبار الاحتفال بالعيد وذبح الأضاحي قبل يوم من الموعد الرسمي من باب الحرية الشخصية كما يطالب بذلك البعض
وترفض السلطات اعتبار الاحتفال بالعيد وذبح الأضاحي قبل يوم من الموعد الرسمي من باب الحرية الشخصية كما يطالب بذلك البعض، وترى أن هذا التأويل يمثل خطرا على استقرار البلاد والتماسك المجتمعي وتحديا للقانون، وأن الدولة لا يمكن أن تقبل بوجود مجتمعيْن ومذهبين متنافرين ومتصارعين ثم تسكت على ذلك.
واعتبر الكاتب العماني الحبيب سالم المشهور أن “هناك فرقا كبيرا جدا بين العبادة الشخصية وبين الشعائر العامة كالأعياد، فالعبادة الشخصية تعود إلى الفرد نفسه، أما الأعياد وشعائر الأمة فتنظيمها يعود إلى الدولة، ومن الخطأ الكبير تقسيم مجتمع صغير وإرباك الناس في أعيادهم، أو هز ثقتهم في المؤسسات الرسمية المتولية لهذا الأمر”.
ويتخوف العمانيون من أن تكون بلادهم مسرحا لخلافات الماضي بين الإباضية، الذين يمثلون المذهب الرسمي للسلطنة ويقودون الدولة، وبين أهل السنة الذين يمثلون نسبة مهمة من السكان، ويقع البعض منهم تحت تأثير الشحن الإعلامي في محاولة لتوظيفهم في أجندات لا مصلحة لهم وللسلطنة فيها.
وأغلب سكان محافظة ظفار من أهل السنة، وهم على المذهبيْن الشافعي والحنبلي.
ويقول الداعمون للموقف الرسمي إن رؤية الهلال مهمة الدولة، وهي التي تحدد موعد الوقفة والعيد، وكل العمانيين والمقيمين ملزمون باتباع ما تعلنه الجهات الرسمية، وأي موقف مخالف لموقفها ما هو إلا خروج عن طاعة ولي الأمر التي يأمر بها الشرع.
وأشاروا إلى وجود عدة دول تزامن عيدها مع السلطنة يوم الاثنين وليس الأحد، وأعداد سكانها كبيرة، ويمثلون غالبية المسلمين، ولهم لجان شرعية في بلدانهم، وأطاعوا ولاة أمورهم ولم يسبب لهم ذلك أي مشكلة، فلماذا يثير الأمر ضجة في السلطنة؟ وهل هناك جهات خارجية تغذيه؟
وترى إحدى الناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي أن المعشني لم تتمثل مخالفته في أنه تجرّأ وخرج على قرار الدولة وصلى بالناس فحسب وإنما خطب أيضا في الناس وحرضهم على الحكومة ووصف من لم يصلوا معه بالجبناء والمتخاذلين.
وقال ناشط آخر على منصة إكس إن “أي شخص يخالف قرارات الدولة أو ولي الأمر نطلب محاسبته مثل باقي الدول الخليجية التي تحاسب الشخص الذي يعارض قراراتها”.
وفي الجهة المقابلة يطالب نشطاء بإطلاق سراح المعشني، معتبرين أن ما قام به أمر عادي وأن حجته الدينية في ذلك قوية. وأشاروا إلى الحديث النبوي الذي يقول”الحج عرفة”، وعرفة في مكة ومكة في السعودية وليست في أي بلد آخر، حاثين على الالتزام برؤية السعودية للهلال واتباع مراحل الحج كما ضبطتها المملكة.
وقال ناشط آخر “بسبب قربنا وحدودنا مع المملكة وخليجنا واحد ونحن في شبه الجزيرة لسنا بمعزل؛ لماذا ما (لا) تكون الرؤية والحج مع أم القرى (مكة) مثلما كانت في بعض السنوات الماضية؟”.
لكن الحبيب سالم المشهور اعتبر أن الاعتماد على تقويم أم القرى في الاستهلال لكل الأشهر أو لهلال ذي الحجة “رأي لا أصل له ولا يستند على أدلة نصية من الكتاب والسنة، بل إن أكبر فقهاء المملكة وهو المرحوم الشيخ ابن باز سُئل عن هذا فأنكره”.