احتجاج تركي بسبب مساعدات أرسلتها بكين لأرمينيا تضمنت إشارة لجبل آغري

احتجت تركيا لدى الصين بسبب مساعدات أرسلتها الأخيرة إلى أرمينيا لمعاضدة جهودها في مكافحة وباء كورونا، وكُتب على هذه المساعدات اسم "جبل آغري" وهو جبل ضمته تركيا بعد إبادة الأرمن وهو ما جعل أنقرة تعتبر ذلك تهديدا لوحدة أراضيها.
أنقرة – طالبت تركيا الأحد الصين بتوضيح حول كتابتها اسم “جبل آغري” على مساعدات أرسلتها بكين لأرمينيا، حيث تمثل الخطوة بالنسبة لأنقرة تهديدا لوحدة أراضيها، لكن من ناحية أخرى تمثل ردة فعل الأتراك بوادر أزمة دبلوماسية تلوح في الأفق بين أنقرة وبكين خاصة وأن هناك تراكم لملفات شائكة بينهما على غرار قضية الأويغور المسلمين الذين ينحدرون من تركيا.
وكانت الصين قد أرسلت مساعدات طبية وإنسانية إلى أرمينيا في وقت سابق لمساعدة الأخيرة في مكافحة وباء كورونا الذي اجتاح العالم مخلفا أكثر من 100 ألف حالة وفاة.
وعندما يتعلق الأمر بخلاف يربط الصين بتركيا وأرمينيا فإنه سيكون حتما متعدد الأبعاد وفرصة لتصفية حسابات سابقة.
فأنقرة التي ردت الفعل اليوم وقفت عاجزة في وقت سابق على إثارة حفيظة بكين بشأن قضية الأويغور المسلمين، الذين تنتهك حقوقهم الصين حسب منظمات حقوقية وواشنطن، واكتفت ببلاغات تطالب فيها بتوضيحات وبالاعتماد على وسائل إعلامها لمهاجمة العملاق الصيني، تجد الفرصة سانحة لمواجهة دبلوماسية مع بكين.
ومن جهة أخرى لا تزال أرمينيا تمني النفس بتصفية حساباتها القديمة مع أنقرة المتعلقة بالإبادة التي نفذها العثمانيون بحق الأرمن والتي كان ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون شخص.
وبالنسبة للصين فإن تركيا استغلت موقف حليفتها الولايات المتحدة التي فتحت أكثر من ملف يتعلق بحقوق الإنسان في بكين، حيث حشدت أنقرة وسائل إعلامها لمهاجمة الصين بشأن وضعية الأويغور المسلمين.
كما طالبت تركيا في العديد من المرات بتوضيحات لكن دون أن تدين الصين حيث وضعت تركيا معاملاتها التجارية في ميزان أي تحرك قد يغضب العملاق الصيني. وأعادت الأزمة الصحية التي يواجهها العالم كل هذه المعطيات إلى الواجهة حيث تحاول أنقرة استعراض قوتها وإرسال مساعدات للدول المتضررة بكوفيد- 19 بالرغم من أن الأتراك أنفسهم يتوجسون من القادم في بلادهم.
جبل آغري المقدس جزء من الأراضي الأرمينية، ضمته تركيا بعد إبادة الأرمن وهو مرتبط بديانات عديدة ويعد أحد أبرز مكونات الهوية الأرمينية
ومن جهة أخرى تسعى بكين جاهدة لمد يد العون للمتضررين من الفايروس في محاولة منها لحشد تأييد ودعم العالم في مواجهة تحركات الولايات المتحدة التي تضغط بكل ما أوتيت من قوة من أجل إجبار المجتمع الدولي على تسمية كورونا بـ”الفايروس الصيني”.
وفي أحدث محاولة منها لمساعدة دول العالم المتضررة من الجائحة كتبت بكين على حزمة مساعدات لأرمينيا اسم جبل آغري الواقع شرقي تركيا بالقرب من الحدود الأرمينية.
ويقع جبل آغري هذا شمال منطقة الأناضول من الجهة الشرقية، ويبعد عن الحدود مع إيران مسافة 16 كم، وعن الحدود مع أرمينيا مسافة 32 كم. وتعتبر قمة الجبل المذكور أعلى قمة في تركيا إذ يبلغ ارتفاعها 5 آلاف و137 مترًا.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي في بيان، الأحد، إن الوزارة قامت بالإجراءات اللازمة حيال هذا الأمر، وطلبت من السلطات الصينية تقديم إيضاحات بهذا الخصوص.
وأوضح المسؤول التركي “تواصلنا مع السفارة الصينية في أنقرة، وطلبنا منها تقديم إيضاحات في هذا الشأن، وكذلك قامت سفارتنا في بكين بالمبادرات اللازمة”. وأردف أقصوي “السفير الصيني دينغ لي أبلغنا بأن المساعدات المذكورة، أُرسلت من قِبل سلطة محلية في الصين عبر شركة خاصة إلى يريفان، والسلطة المحلية كتبت عبارات باللغة الصينية على طرود المساعدات، ولم تتطرق إلى جبل آغري”.
وأضاف أقصوي، أن السفير الصيني أكد بأن العبارات المكتوبة باللغة الإنجليزية والتي أشارت إلى جبل آغري، كُتبت في ما بعد.
وأردف متحدث الخارجية التركية “السفير الصيني أكد لنا بأن التحقيقات جارية بشأن كشف الجهة التي أضافت العبارات التي أشارت إلى جبل آغري، وسيتم تزويد الجانب التركي بنتائج التحقيق”. وجبل آغري هو جزء من الأراضي الأرمينية ضمته تركيا بعد إبادة الأرمن الشهيرة، وهو جبل مقدس مرتبط بديانات عديدة ويعد أحد أبرز مكونات الهوية الأرمينية.
ولكن للجبل قصص دينية كذلك حيث يعتقد أن سفينة النبي نوح عليه السلام رست عليه.
ومن الأمور التي عززت هذا الاعتقاد أن باحثين صينيين وأتراك أعلنوا عام 2010 أنهم عثروا على بقايا خشبية لهيكل “يشبه التابوت” حول جبل آغري.
وعلى صعيد آخر، كشفت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية في ألمانيا) أنها سجلت تزايدا في السياسة الدعائية والمعلوماتية من قبل مسؤولين صينيين في ظل أزمة وباء كورونا.
وأوضحت الهيئة لصحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر الأحد، أن الحكومة في بكين تحاول إثارة الشكوك حول دور الصين كمنشأ للفايروس، وتحاول إعلاء جهود البلاد في تقديم المساعدة لدول غربية “من أجل إظهار الجمهورية الشعبية بصفتها شريكا يعول عليه، ومديرا حكيما للأزمة”.
ويرى مراقبون أن هذه المحاولات، التي تُضاف للخلافات بين تركيا والصين، قد تشكل أزمة دبلوماسية بين بكين وأنقرة حيث تحاول الأخيرة بدورها توسيع نفوذها في عدد من الدول على غرار دول الساحل الأفريقي وغيرها وهو ما يجعلها تنزعج من تحركات بكين.