احتجاجات لبنانية احياء لذكرى مرور عام على الانتفاضة

بيروت – اختار اللبنانيون إحياء ذكرى مرور عام على انطلاق تظاهرات شعبية حاشدة مناوئة للسلطة، عبر تنظيم سلسلة تحركات واحتجاجات تنطلق من وسط بيروت إلى موقع انفجار المرفأ المروّع، في ظلّ أزمة اقتصادية حادة تشهدها البلاد.
وشكّلت محاولة الحكومة في 17 أكتوبر 2019 فرض رسم مالي على الاتصالات عبر خدمة الواتساب الشرارة التي أطلقت أولى التحركات، ليخرج مئات آلاف اللبنانيين إلى شوارع بيروت والجنوب والشمال والبقاع في تظاهرات احتجاجية غير مسبوقة تخطت الانتماءات الطائفية والحزبية.
ورفع المتظاهرون صوتهم عاليا في وجه الطبقة السياسية مجتمعة، وطالبوا برحيلها متهمين إياها بالفساد وعدم المبالاة، وحمّلوها مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي وضيق الأحوال المعيشية.
وقالت منظمة العفو الدولية الجمعة إنه بعد مرور عام على بدء الاحتجاجات الجماهيرية في لبنان، لم تتقاعس السلطات فحسب عن تلبية مطالب الناس المشروعة بشأن حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، بل لجأت أيضاً بشكل متزايد إلى قمع الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير.
ورأت المنظمة أن السلطات اللبنانية، لجأت مراراً وتكراراً، إلى الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين إلى حد كبير، عن طريق استخدام الضرب والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وأحياناً الذخيرة الحية. وتقاعست عن حماية المحتجين من هجمات أنصار الأحزاب السياسية المسلحين. وعلاوة على ذلك، فقد سعت إلى قمع حركة الاحتجاج عبر اعتقال واحتجاز ومحاكمة النشطاء والصحافيين بشكل تعسفي، بما في ذلك أمام المحاكم العسكرية.
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "لقد شهد العام الماضي سلسلة من التقاعسات الكارثية من جانب السلطات اللبنانية: تقاعسها عن الاستجابة لمطالب بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، وتقاعسها عن حماية الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وتقاعسها عن حماية المحتجين من الجهات المسلحة غير التابعة للدولة، وتقاعسها في حماية الحق في الحياة. وبعد مرور عام، لا تزال أصوات المحتجين ترتفع غاضبة، تطالب بالمحاسبة".
وشهد لبنان خلال هذا العام أزمات متتالية من انهيار اقتصادي متسارع فاقم معدلات الفقر، إلى قيود مصرفية مشدّدة على أموال المودعين، وتفشّي وباء كوفيد-19 وأخيراً انفجار مرفأ بيروت المروع الذي حصد أكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى وألحق أضراراً جسيمة بعدد من أحياء العاصمة والنشاط الاقتصادي.
ويرزخ البلد تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يعادل أكثر من 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” وتعدّ هذه النسبة أحد أعلى معدلات الديون في العالم.
وقالت ميليسا (42 عاماً)، وهي من السيدات اللواتي واظبن على التظاهر في وسط بيروت “لم أفقد الأمل بعد لأننا ما زلنا في الشارع ونبادر ونقف مع بعضنا البعض بوجه حكومة فاسدة وساقطة”.
وتحت شعار "أنا القرار"، دعت مجموعات مدنيّة إلى التجمّع في وسط بيروت بدءاً من الساعة 15,00 (12,00 ت غ) بعنوان "الثورة مكملة لتقضي على منظومة العار".
وينطلق المتظاهرون من ساحة الشهداء، التي شكّلت أبرز ساحات التظاهر قبل عام، باتجاه المصرف المركزي ووزارة الداخلية في منطقة الحمرا، وصولاً إلى مرفأ بيروت، حيث تسبّب انفجار قبل أكثر من شهرين بمقتل أكثر من مئتي شخص واصابة الآلاف، وألحق أضراراً جسيمة بعدد من أحياء العاصمة والنشاط الاقتصادي في البلاد.
ومقابل موقع الانفجار الذي لم يتعاف اللبنانيون منه بعد، يضيء المتظاهرون عند الساعة 18,07 (15,07 ت غ) شعلة في مجسم حديدي تم تصميمه خصيصاً للمناسبة وتم تثبيته مساء الجمعة ويحمل شعار “ثورة 17 تشرين”.
وشارك عشرات اللبنانيين في تظاهرة الجمعة في مدينة طرابلس (شمال) التي لُقبت العام الماضي بـ”عروس الثورة” بسبب الاحتجاجات السلمية التي شهدتها لأشهر، رافعين الأعلام اللبنانية ولافتات كُتبت عليها شعارات عدّة بينها “ثورة بلا حدود” و”مكملين من أجل ضحايا المرفأ”.
وقال طه رطل (37 عاماً) على هامش مشاركته في التظاهرة “نحيي ثورتنا التي نقول إنها مستمرة ولن تموت حتى نحقق مطالبنا”.
وتوجّه الى القوى السياسية بالقول “خلال عام لم تقدروا أن تقدموا شيئاً إلى هذا البلد أ أو أن تقدموا شيئاً للشعب الذي ثار سوى المحاصصة”، مضيفا “ما نريده هو أن يرحلوا جميعهم”.