اجراءات اجتماعية منقوصة في الأردن تؤجل الاحتجاجات ولا تطوقها

تحركت الحكومة الأردنية استجابة لمطالب المحتجين على ارتفاع أسعار المحروقات واتخذت إجراءات عاجلة لا يبدو أنها أقنعت الأردنيين. ويحذر مراقبون من عودة الاحتجاجات من جديد إلى المملكة بعد أن استغرق تطويقها أكثر من ثلاثة أسابيع بوساطات عدة.
عمّان - لا تزال عودة الاحتجاجات الاجتماعية إلى الشوارع في الأردن بعد هدوئها قائمة بقوة رغم اتخاذ الحكومة الأردنية إجراءات تحت الضغط لتخفيف الأعباء يبدو أنها لم ترض الأردنيين الساخطين على طريقة إدارة حكومة بشر الخصاونة للأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها المملكة.
ووجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاثنين الحكومة بتجميد الضريبة على وقود الكاز خلال فصل الشتاء، لتخفيف الأعباء عن المواطنين خصوصا ذوي الدخل المحدود.
وجاء ذلك، خلال لقائه عددا من وجهاء وأهالي محافظة العقبة (جنوب الأردن)، وممثلين عن قطاعات مختلفة فيها.
وبناء عليه، يصبح سعر صفيحة الكاز (الأكثر شعبية للتدفئة – سعة 20 لترا) 12.40 دينار (17.48 دولار) بدلا من 15.70 دينار (22.13 دولار).
وقبل ذلك، خفضت الحكومة للشهر الحالي أسعار المحروقات الأساسية، بنسب تراوحت بين 2.1 و8.7 في المئة، حيث حاز الكاز على النسبة الأكبر من التخفيض بنسبة 8.7 في المئة.
وتراجع سعر لتر الديزل بنسبة 8.3 إلى 820 فلسا (1.1 دولار) خلال الشهر الجاري، كما تم خفض سعر البنزين 90 الأكثر استخداما في البلاد بنسبة 2.1 في المئة إلى 900 فلس لليتر (1.3 دولار). كما تم خفض سعر لتر البنزين 95 بنسبة 2.5 في المئة إلى 1140 فلسا لليتر (1.6 دولار).
تجميد الضريبة على وقود الكاز خلال فصل الشتاء، لتخفيف الأعباء عن الأردنيين إجراء يدخل في باب المسكنات لا الحلول
ويحذر محللون من احتمال عودة إضراب الشاحنات ووسائل النقل العام في الأردن من جديد، لعدم تحقق مطالب العاملين في هذا القطاع والتي تمثلت في تقليل كلف النقل وتخفيض أسعار المشتقات النفطية التي سجلت مستويات قياسية غير مسبوقة.
وحسب المحللين، فإن فك الإضراب الذي استمر حوالي ثلاثة أسابيع جاء في ضوء التداعيات التي شهدتها البلاد ونتج عنها استشهاد 4 أفراد من قوات الأمن العام خلال فترة الإضراب وبعد تدخل وساطات من قبل أعضاء في مجلس النواب والتعهد بتخفيض أسعار المشتقات النفطية استجابة لمطالب السائقين وأصحاب الشاحنات لكن ذلك لم يحدث بالشكل المنتظر.
ويشير هؤلاء إلى أن الأردنيين كانوا ينتظرون تخفيف أسعار المشتقات النفطية بشكل دائم لا تخفيضا ظرفيا كما قررت الحكومة الأردنية، مضيفين أن الأسعار لن تلبث إلا أن تعاود الارتفاع من جديد بناء على الأسعار العالمية.
وكان الأردنيون ينتظرون تدخل العاهل الأردني في أزمة المشتقات النفطية، إلا أن تدخله جاء منقوصا، وفق مراقبين، ليؤجل عودة الاحتجاجات ولا يطوقها، إذ أن تعليق الضريبة على الكاز لن يدوم طويلا أيضا لتعود الأسعار إلى ما قبل بداية الاحتجاجات.
ويعاني الأردن، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.
وتصاعدت معدلات الفقر والبطالة أثناء جائحة كورونا بسبب ضعف قدرة السوق على إيجاد وظائف جديدة، ونتيجة فقدان وظائف وتوقّف المشاريع الصغيرة والمتوسطة الريادية وإفلاسها.
الوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي يتطلب خططا قصيرة وطويلة المدى تتجاوز الحكومات لمعالجة الأزمات واستعادة نسق النمو
ويؤكد اقتصاديون أن الوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي يتطلب خططا قصيرة وطويلة المدى تتجاوز الحكومات لمعالجة الأزمات واستعادة نسق النمو، وذلك يمر أساسا عبر تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية وتغيير التشريعات والقوانين لتسهيل التعافي.
وفرض غلاء أسعار السلع الاستهلاكية نفسه على الأسواق الأردنية في الأشهر الأخيرة، حيث سُجلت زيادات حادة في أسعار سلع رئيسية أرجعها وكلاء إلى الغلاء الذي يشهده العالم.
وتجد الحكومة الأردنية نفسها أمام معادلة صعبة للتوفيق بين ارتفاع الأسعار عالميا ومراعاة القدرة الشرائية لمواطنيها الذين تراجعت قدرتهم الشرائية بشكل كبير.
ورصدت الحكومة الأردنية مخصّصات لزيادة شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع قاعدة المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، حيث تم رصد مخصصات زيادة لصندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 في المئة، في محاولة للتخفيف من آلام الأردنيين الاقتصادية، إلا أن هذه الخطوات تظل ترقيعية وغير قادرة على بلوغ أهدافها.
وتجنبت الحكومة الأردنية فرض رسوم وضرائب جديدة في موازنة العام 2022، في مقابل ذلك ركزت على محاربة التهرب الضريبي والجمركي.
ومنذ أن بدأت الاحتجاجات والإضرابات في الأردن اعتراضا على قرار الحكومة برفْع أسعار المحروقات، لا تجد عمّان الحلول لمنع كرة الثلج من التدحرج، فتوسعت الاحتجاجات حتى وصلت إلى مشارف العاصمة، وتسببت في مقتل ضابط أمن في الجنوب، فيما يتساءل مراقبون “هل يمتلك الأردن خيارات لمواجهة هذه الأزمات؟”.
وشهد الأردن رفعا لأسعار المحروقات 16 مرة منذ عام 2020، وارتفعت الأسعار بنسبة وصلت إلى 50 في المئة، ما دفع فئات واسعة من الشعب إلى التظاهر والاحتجاج على السياسة الاقتصادية.