اجتماع في تونس بحضور أممي لبحث تشكيل حكومة جديدة في ليبيا

تونس- تحتضن ضاحية قمرت بالعاصمة التونسية الأربعاء اجتماعا بمشاركة أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين وأعضاء من اللجنة المشتركة 6+6 لبحث ملف تشكيل حكومة جديدة تنهي التنازع الحاصل بين حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة والحكومة المكلفة من البرلمان التي يرأسها أسامة حماد.
ويضم الاجتماع الذي سيستمر ليومين شخصيات سياسية من خلفيات فكرية متعددة بالإضافة إلى وفد يمثل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وقال عضو مجلس النواب خليفة الدغاري إن الاجتماع المرتقب يستهدف تقريب وجهات النظر، والاتفاق على تشكيل حكومة موحدة جديدة للوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وأوضح عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن الاجتماع سيشهد التأكيد على مخرجات لجنة 6+6 التي ستكون ملزمة لكل الأطراف، كما سيجري الاتفاق على توحيد الحكومة، لتكون حكومة تكنوقراط مهمتها الإشراف على الانتخابات العامة.
ورجحت مصادر مطلعة أن يصل عدد المشاركين إلى خمسين نائبا من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة، وأن تصدر عن الاجتماع توصيات تتعلق بضرورة العمل على تحقيق توافقات بخصوص تشكيل حكومة جديدة موحدة على أنقاض حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، والانطلاق في توفير الظروف الملائمة لتنظيم الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني في أقرب وقت ممكن.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي تحدث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، عن التنازع الحاصل بين حكومتي الدبيبة وحماد، واعتبر أنه “ليست هنالك أيّ مؤسسة تتمتع بالشرعية في ليبيا”، مشيرا إلى أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار لليبيا هو “تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين”.
وحث باتيلي خلال إحاطته بمجلس الأمن جميع الأطراف المؤسسية للمشاركة في الحوار “دون شروط مسبقة”.
وشدد المبعوث الأممي على أنه “من غير الممكن إحراز تقدم في إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية دون التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية”.
ورأى عضو مجلس الدولة علي السويح أن بعض الدول تعرقل إجراء انتخابات في البلاد “لأنها لا تضمن تنصيب أشخاص موالين لها”، مشيرا إلى أن “هناك تقاربا الآن بين مجلسي الدولة والنواب، والكثير من القوى الاجتماعية والسياسية والشعبية، التي تنادي بإيجاد حل عاجل، وتشعر بالخطر بأن ليبيا متجهة إلى مستنقع”.
وتابع السويح في تصريحات صحفية أن “هناك جدية من الكثير من الأطراف لإيجاد حل قريب، واقتراح حكومة جديدة للإشراف على الانتخابات، لكن الحاجز الذي يقف أمام إجراء الانتخابات أن هناك كثيرا من أصحاب المناصب يحافظون على الوضع الحالي للاستفادة منه، وللخوف من المجهول بسبب عدم الثقة في المستقبل”، لافتا إلى أن “البعض يخشى من عملية الملاحقة القانونية، والبعض الآخر يسعى للمحافظة على المكاسب، ولا ننسى أن بعض الدول تريد أن تنصّب أشخاصا يكون ولاؤهم لها، وبالتالي تعرقل حدوث أيّ تقارب”.
ويأمل البعض في أن يسهم اجتماع تونس في تقريب المسافات بين أعضاء مجلسي النواب والدولة، ويفسح المجال أمام لقاء جديد وحاسم بين رئيسي المجلسين عقيلة صالح ومحمد تكالة بعد اجتماعها الأول الذي احتضنته القاهرة في التاسع من نوفمبر الماضي، والذي لم يفض إلى أيّ نتيجة عملية يمكن التعويل عليها أو الاعتداد بها.
في المقابل فإن هناك أصواتا أخرى بدت مشككة في الجدوى من الاجتماع، وقال عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي إنه لا يعلم الجهة الداعية لاجتماع تونس وما الغرض منه.
وأكد لنقي في تصريح صحفي على أنه يدعم لقاءات المجلسين والتشاور بينهما، على ألا يكون الهدف من اللقاء تغليب مصلحة سياسية على أخرى أو طرف سياسي على طرف سياسي آخر، بل التوصل إلى حلول تنفع الوطن وأهله، وإيجاد حل حقيقي للانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد.
وترى أوساط سياسية ومدنية في ليبيا أن الوضع القائم في البلاد يحتاج إلى حكومة جديدة تنهي حالة التنازع الحالية وتهيئ الأجواء لإجراء انتخابات طال انتظارها.
وطالبت المُؤسّسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، بضرورة تشكيل حكومة موحدة وإعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، كشرطين أساسيين لضمان نزاهة الانتخابات ونجاحها.
وأكدت أن الأمر ينسجم تماما مع مطالب المواطنين الليبيين الذين ينادون بإجراء الانتخابات كونها استحقاقا دستوريا ووطنيا، وتشكيل حكومة موحدة تُشرف عليها.
واعتبرت المؤسسة أنّ عجز الحكومة والمؤسسات السيادية عن إجراء الانتخابات التي كانت مقرّرة في ديسمبر 2021، ساهم في حرمان المواطنين الليبيين من حقهم في إعادة بناء المؤسسات وتجديد شرعيتها.