اجتماع الفصائل الفلسطينية محكوم عليه مسبقا بالفشل

ثلاثة فصائل بينها الجهاد الإسلامي تقرر مقاطعة اجتماع القاهرة.
الأحد 2023/07/30
لقاءات تدور في حلقة مفرغة

تحتضن القاهرة الأحد اجتماعا للفصائل الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، لكن متابعين لا يضعون رهانات كبيرة عليه بالنظر إلى تجارب سابقة، فضلا عن كون الطرفين الرئيسيين، أي حركتي فتح وحماس، لا يهتمان حقيقة باتخاذ خطوات جدية لإنهاء الانقسام.

القاهرة - تقول أوساط سياسية فلسطينية إن الاجتماع المنتظر عقده بين الفصائل الفلسطينية الأحد في مصر محكوم عليه مسبقا بالفشل في ظل مقاطعة عدد من التنظيمات ومنها حركة الجهاد الإسلامي، فضلا عن أن التجارب السابقة لمثل هذه الحوارات لا تفسح مجالا للتفاؤل.

وتوضح الأوساط أن الدوافع التي قادت إلى هذا الحوار الجديد تحول دون بناء توقعات كبيرة عليه، حيث أن الرئيس عباس يريد من خلاله تحسين صورته لدى الرأي العام المحلي، فيما تسعى حركة حماس لإظهار أنها طرف أساسي في المعادلة في الضفة، فيما آخر اهتمام كليهما التوصل إلى توافق ينهي الانقسام الجاري بينهما.

ويأتي اجتماع الفصائل بعد أيام قليلة من احتضان تركيا للقاء بين الرئيس الفلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.

ووجه الرئيس الفلسطيني في العاشر من يوليو الجاري دعوة إلى الأمناء العامين للفصائل لعقد اجتماع طارئ، وبحث المخاطر في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية استمرت نحو 48 ساعة في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية أسفرت عن مقتل 12 فلسطينيا، ودمار هائل طال نحو 80 في المئة من المباني والبنى التحتية.

خضر حبيب: في تقديري لن تكون هناك نتائج ذات قيمة في الاجتماع
خضر حبيب: في تقديري لن تكون هناك نتائج ذات قيمة في الاجتماع

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد حينها إن “الدعوات التي وجهها الرئيس عباس لحضور اللقاء الذي سيعقد بالقاهرة في 30 يوليو الجاري، سلمت لكافة الفصائل دون استثناء، وتمت بعد التشاور مع الأشقاء في مصر”.

ولئن وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى القاهرة السبت لحضور الاجتماع، إلا أن حركة الجهاد الإسلامي أعلنت عن عدم المشاركة على خلفية رفض السلطة الفلسطينية إطلاق سراح معتقلين سياسيين.

وقال خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد في تصريح “في تقديري لن تكون هناك نتائج ذات قيمة في الاجتماع لأنه حكم على نفسه بالفشل منذ اللحظات الأولى لعدم استجابة السلطة الفلسطينية لإطلاق سراح المعتقلين”، على حد تعبيره.

وفي 17 يوليو الجاري كشف محافظ جنين أكرم الرجوب أن اعتقالات طالت “مجموعة من الخارجين عن القانون اعتدوا على مركز شرطة بلدة جبع وأحرقوا جزءا كبيرا منه، إضافة إلى مركبة شرطة، مستغلين انشغال الحالة العامة بما تتعرض له جنين ومخيمها”.

وأفاد الرجوب في بيان حينها بأن “الأمن اعتقل عددا من المتورطين والمشتبه فيهم دون اعتبار لأي دوافع سياسية أو انتماءات تنظيمية، فالمتورطون ينتمون إلى عدة تنظيمات منها الجهاد وحماس، وأول معتقل متورط كان من حركة فتح”، دون تحديد عددهم الإجمالي. وأوضح حبيب “كان لا بد لإنجاح المؤتمر أن تتم تهيئة أجواء مناسبة وإيجابية بإطلاق سراح المعتقلين، لكن للأسف لم يتم ذلك”.

وإلى جانب حركة الجهاد الإسلامي، من المرجح أن يشهد الاجتماع مقاطعة كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، وحزب الصاعقة.

وأشار مصدر مطلع إلى أن الاتصالات مستمرة لاسيما من مسؤولين مصريين لمحاولة التوصل إلى حلول وسط لضمان حضور الفصائل الثلاثة للاجتماع، لكنه أفاد بأن الأمر يعد مستبعدا.

ويسود أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) انقسام سياسي منذ يونيو 2007، بسبب الخلافات الحادة بين حركتي فتح وحماس، فيما لم تفلح الوساطات الإقليمية والدولية في إنهائه.

وأثارت مدة حوار القاهرة المتمثلة فقط في يوم واحد انتقاد المحللين السياسيين كونها فترة غير كافية للتوصل إلى صيغ مشتركة حول القضايا الوطنية.

واتفق المحللون على أن “الملفات التي سيتم بحثها في القاهرة كبيرة ولا يمكن أن يتم التوصل إلى توافق بشأنها في يوم واحد فقط، خاصة وأن الاجتماع بلا أجندة أعمال”.

إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي، من المرجح أن يشهد الاجتماع مقاطعة كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، وحزب الصاعقة

وقالوا “ربما لا يكون هذا اليوم كافيا لإدارة الحوارات بين الفصائل، إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق بين الأطراف، خاصة حماس وفتح”. وأضافوا “إذا كانت اللقاءات ستعقد من أجل التوصل إلى صيغ مشتركة قد لا يكون اليوم الواحد كافيا للوصول إلى النتائج المرغوبة”.

وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني فهمي شاهين إن “ثلاث قضايا رئيسية مدرجة على جدول أعمال الاجتماع وهي تعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية وتوسيعها، والدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، وإستراتيجية المجابهة والمقاومة الموحدة للاحتلال وجرائمه التي تستهدف النيل من إرادة وصمود شعبنا”.

وأعرب شاهين عن أمله في أن يجري التوافق في ما يتعلق بالقضايا الثلاث وعلى الاستحقاقات الوطنية المتعلقة بها “وأقل ما يمكن فعله أن ينتهي الانقسام، وإذا لم ينته تعزيز الوحدة الوطنية كحد أدنى، وتوحيد جهود وطاقات شعبنا في مواجهة الاحتلال”.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن “المتوقع من هذا الحوار إعادة إنتاج ما تم التوصل إليه في الحوارات السابقة، والتي كان آخرها حوار الجزائر في أكتوبر 2022”.

وتوقع إبراهيم أن “ينتهي الحوار ببيان ختامي شكلي، يضم جملا فضفاضة ومطاطية ويكتنفها الغموض كما حدث في مجمل اللقاءات السابقة”. واعتبر أن أي مخرجات ترجى من حوار القاهرة يجب أن “تكون مرتبطة بسقف زمني، من أجل وضع الأسس الحقيقية لها”.

بدوره قال سليمان بشارات مدير مركز يبوس للدراسات (غير حكومي) إن لقاء القاهرة ناتج عن تصاعد المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. ولفت إلى أن اللقاء يأتي في إطار الترتيبات السياسية في ما يتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

هناك أطراف دولية وإقليمية كمصر تحاول سحب فتيل المواجهة في المنطقة لتعزيز دورها

ويرى بشارات ثلاثة سيناريوهات متوقعة للقاء الرئيس عباس بالأمناء العامين للفصائل، أولها السيناريو المتفائل. وعن ذلك يقول “قد تكون هناك مخرجات قوية، بمعنى أن تكون أشبه ببعض الترتيبات للمرحلة المقبلة، أي تشكيل حكومة جديدة، وقد تكون توافقات بين الفصائل على رئيس الحكومة وبعض الشخصيات، بالإضافة إلى الحديث عن انتخابات رئاسية وتشريعية”.

ويعتبر بشارات أن هذا السيناريو “ضعيف جراء تمترس قطبي الانقسام خلف مواقف سياسية، لكنه ممكن”.

ويتمثل السيناريو الثاني بحسب مدير مركز يبوس للدراسات في “فشل اللقاء، وأن يكون عبارة عن لقاء بروتوكولي لالتقاط الصور الجماعية ولا يحمل أي مخرجات يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الانقسام، وتكون تكرارا لأكثر من لقاء وحوار واتفاقيات سابقة”. ويقول بشارات إن الثالث و”هو السيناريو الواقعي، أي أن لكل طرف رؤية معينة ويحتاج إلى تعزيز مواقفه ومساره”.

وتابع “السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح بحاجة إلى قبول دولي وإقليمي لكي تستطيع التحرك في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة حجمت دورها، إلى جانب ضعف الثقة الشعبية بالسلطة بعد أحداث مخيم جنين”.

وأشار إلى أن “فتح تريد تقليص حجم الخسائر، ووجدت في لقاء القاهرة فرصة لترميم وتعزيز صورتها”. أما بشأن حماس، فيقول بشارات “هي الأخرى بحاجة إلى حضور سياسي وتعزيز وضعها كلاعب أساسي في التطورات بالضفة الغربية والمنطقة”.

ويرى الخبير الفلسطيني أن هناك أطرافا دولية وإقليمية كمصر تحاول سحب فتيل المواجهة في المنطقة لتعزيز دورها. وسبق وأن احتضنت القاهرة العديد من الحوارات بين الفصائل الفلسطينية على مر السنوات الماضية، لكن لم تحقق تلك الحوارات أيّا من أهدافها.

3