اجتماعات البنك المركزي وصندوق النقد محل اهتمام المصريين

عبدالفتاح السيسي يوقّع قانونا يفتح اعتمادا إضافيا للموازنة المالية.
الأحد 2023/04/02
مخاوف من تعويم جديد للجنيه

القاهرة - كانت النكتة التي تداولها المصريون مع عقد اجتماع لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي وتأخره في إصدار توصياته معبّرة عن حالهم مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، حيث سأل شاب صديق له عن سر اهتمامه المبالغ فيه بالاجتماع وهو الذي يستدين لشحن هاتفه الجوال، وتوالت التعليقات الساخرة، وذهب إحداها إلى أن ما سيتمخض عن الاجتماع سيحدد ما إذا كان يستطيع الاستدانة أم لا بعده؟

وبدأت اجتماعات البنك المركزي تشد انتباه شريحة كبيرة من المصريين بعد أن كانت تعقد وتمرّ ولا أحد يشعر بها، فمنذ حدوث تعويم وراء آخر للجنيه لم يعد الاهتمام قاصرا على رجال الأعمال والمستثمرين، فتأثر المواطن البسيط بما ينجم عن مرات التعويم الثلاث السابقة ما انعكس سلبا على حياته المعيشية.

وكذلك الأمر مع كل اجتماع يعقده صندوق النقد الدولي بشأن الحالة الاقتصادية في مصر، حيث يشعر الناس أن ضغوطا اقتصادية ستمارسها الحكومة عليهم من خلال رفع الدعم عمّا تبقّى من سلع كي تسترضي صندوق “النكد”، وهو الاسم الشائع لدى فئة من المصريين الذين يعتبرون كل اجتماع عن حالة بلدهم ينذر بمصيبة جديدة.

مجدي شرارة: رفع أسعار الفائدة من القرارات الصعبة، لكنه حتمي
مجدي شرارة: رفع أسعار الفائدة من القرارات الصعبة، لكنه حتمي

واطمأن البعض من المصريين عندما انفض اجتماع البنك المركزي في ساعة متأخرة من يوم الخميس دون حدوث تعويم جديد، وارتاح كل من يستدين لشحن هاتفه الجوال إلى أن التسعيرة ستظل على حالها حتى إشعار آخر، حيث بات ارتفاع الدولار مقابل الجنيه مبررا لرفع أسعار السلع، بصرف النظر عمّا إذا كانت مستوردة أم مصنعة محليا.

ومنح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هذه الشريحة أملا وأنقذهم مؤقتا من قرارات لجنة السياسات النقدية لعلاج الانفلات في مستوى التضخم من خلال رفع سعر الفائدة.

وذكرت تقارير مصرية الجمعة أن السيسي وقّع قانونا بفتح اعتماد إضافي بالموازنة للسنة المالية التي تنتهي في يونيو المقبل بقيمة 5.4 مليار دولار، موزعة على بنود الأجور وتعويضات العاملين والفوائد والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية.

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة لأجل ليلة واحدة 200 نقطة أساس الخميس بهدف السعي نحو إبقاء التضخم تحت السيطرة، وحدد سعر فائدة الإقراض عند 19.25 في المئة وفائدة الإيداع عند 18.25 في المئة.

وقفز المعدل السنوي للتضخم في المدن إلى أعلى مستوى في خمسة أعوام ونصف العام ليبلغ 31.9 في المئة مقارنة مع 25.8 في المئة في يناير، وارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في فبراير إلى مستوى قياسي عند 40.3 في المئة.

ويرجع ارتفاع التضخم إلى اختلال في سلاسل الإمداد محليا، وتقلّبات سعر صرف الجنيه، وضغوط من جانب الطلب والظاهرة في تطورات النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بطاقته الإنتاجية القصوى، والارتفاع في معدل نمو السيولة المحلية.

وانخفض سعر الصرف الرسمي للجنيه بنحو نصف قيمته إلى حوالي 30.87 جنيه للدولار بعد أن كشف غزو روسيا لأوكرانيا نقاط الضعف في المالية العامة البلاد، ما تسبب في خروج بعض المستثمرين الأجانب من سوق أدوات الخزانة المصرية.

من المتوقع أن يتدخل البنك المركزي المصري في تحديد سعر العملة في الإطار المسموح له، بما لا يتعارض مع سياسة سعر الصرف المرن

وقال الخبير الاقتصادي المصري مجدي شرارة إن رفع أسعار الفائدة من القرارات الصعبة، لكنه حتمي بعد انتهاء شهادات الاستثمار ذات العائد 18 في المئة في مارس الماضي وبلغت حصيلتها نحو750 مليار جنيه (نحو 25 مليار دولار).

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أنه مع ارتفاع معدلات التضخم بشكل قياسي بأكثر من 40 في المئة، كان لزامًا سحب السيولة من السوق برفع العائد بالمصارف، متوقعًا أن ينخفض التضخم مع انتهاء شهر رمضان الذي ازداد فيه استهلاك الأفراد.

وأوضح أن الحكومة تتضرر بشدة جراء رفع أسعار الفائدة لأنها أكبر مقترض عبر أذون الخزانة التي تطرحها للوفاء بمصروفاتها، لافتا إلى أن البنك المركزي يريد الحفاظ على تدفق الأموال الساخنة عبر الاستثمار في السندات وأذون الخزانة مع اتجاه أسعار الفائدة العالمية نحو الارتفاع بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

ومن المتوقع أن يتدخل البنك المركزي المصري في تحديد سعر العملة في الإطار المسموح له، بما لا يتعارض مع سياسة سعر الصرف المرن، بالتحريك نحو خفض نسبي للجنيه ثم معاودة خفض الدولار في البنوك مرة ثانية الأيام المقبلة، مع طرح شهادات استثمار جديدة لمواجهة شبح الدولرة الذي يتزايد من استمرار عدم الاستقرار في أسعار صرف العملات الأجنبية التي تدفع البعض لاستبدال الجنيه بالدولار.

وأبقى البنك المركزي في اجتماعه السابق الذي عقد في الثاني من فبراير الماضي أسعار الفائدة بلا تغيير، موضحا أن رفع أسعار الفائدة بواقع 800 نقطة أساس في العام الماضي من شأنه المساعدة في السيطرة على التضخم الذي قفز في ديسمبر الماضي إلى أعلى مستوى في خمسة أعوام عند 21.3 في المئة.

3