اتهام وزير الإسكان للقضاء بإصدار أحكام "جائرة" يخلف جدلا في موريتانيا

نواكشوط - أحدثت تصريحات لوزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيد أحمد ولد محمد، انتقد فيها القضاء، ووصف بعض الأحكام القضائية بـ”الجائرة” جدلا واسعا على الساحة الموريتانية، وسط مطالبات بإقالته.
وهذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها شخصية أو جهة حكومية انتقادها للقضاء الموريتاني، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الهجمة التي يتعرض لها القضاء متعمدة وذات أهداف سياسية، في علاقة برغبة في إخضاع هذه السلطة.
وقال وزير الإسكان الموريتاني، في مقابلة مصورة مع عدد من الناشطين الموريتانيين في الولايات المتحدة وكندا، إن أحكام القضاء تنفذ حينما تكون صائبة.
القضاء الموريتاني سبق وتعرض للكثير من الانتقادات من جهات حكومية تصف النشاط والأداء المهني للقضاة بالسلبي
وشدد ولد محمد على أن “الدولة” لا تنفذ أحكام القضاء ما لم تكن مقنعة بالنسبة إليها، معتبرا أن “القضاء ليس هو الدولة”. وأشار الوزير الموريتاني إلى حصول بعض الأمور التي “للأسف لا يمكن قولها هنا، لأن القضاء محترم، وبعض القضايا لا يمكن أن توجه إليه علنا”.
واستفزت تصريحات ولد محمد القضاة الذين اعتبروا أن ما جاء به ينتهك “مبادئ الدستور ودولة القانون والمبادئ المكرسة بالمواثيق والعهود الدولية”. وطالب المكتب التنفيذي لنادي القضاة الموريتانيين، الأربعاء، بإقالة سيدي أحمد محمد، وزير الإسكان في الحكومة الموريتانية.
وأكد النادي في بيان “أن وزير الإسكان (وهو أحد الوزراء القلائل الذين لم يغادروا الحكومة منذ 2019)، انتهك الدستور عندما أكد عدم تنفيذ الدولة للقرارات القضائية، وأن ذلك هو دأب الحكومة التي ينتمي إليها، وأنها تمارس الرقابة على أحكام القضاء: فتلغي منها ما تراه جائراً، فلا تطبقه! ولا يهم، من وجهة نظره، صدور تلك الأحكام والقرارات من جهة قضائية، لأن ‘القضاء ليس هو الدولة’، على حد زعمه، ملمحاً في خرجته إلى أمور قال إنه لا يمكن الإفصاح عنها في العلن، في أسلوب من الغمز والهمز واللمز لا يناسب وظيفته السامية”.
وأضاف بيان نادي القضاة “كنا نظن أن الوزير، بعد هذه السقطة الشنيعة، والانتهاك الصارخ لقواعد الدستور ومبادئ دولة القانون والاستهزاء العلني بأحكام القضاء والافتراء عليه ونشر معلومات كاذبة ومضللة سوف يتأسى بنظرائه في العالم، ويعتذر علناً، ثم يستقيل؛ رفعاً للحرج عن الحكومة الموقرة، وعن رئيس الجمهورية الذي منحه ثقته من أجل بناء الدولة، لا لتقويض أهم دعائمها!”.
ولفت إلى أن هذه “ليست المرة الأولى التي يتهجم فيها الوزير على القضاء ويقلل من هيبته ويلمز السادة القضاة، فقد فعل ذلك خلال اجتماع ضم مسؤولين في السلطة القضائية، وبعض أعضاء الحكومة، وقادة الأجهزة الأمنية”.
نادي القضاة يجدد استنكاره "للتصريحات المسيئة التي صدرت عن وزير الإسكان
وجدد نادي القضاة الموريتانيين استنكاره “للتصريحات المسيئة التي صدرت عن وزير الإسكان، وطالب رئيس الجمهورية والوزير الأول بإقالته فوراً، لأن تصريحاته تسيء إلى الدولة وتشوه سمعة البلاد، وإقالة هذا الوزير هي أقل ما يمكن فعله، انتصاراً للدستور ودولة القانون. كما نبلغ النيابة العامة الموقرة بالجنايات والجنح التلبّسية التي ارتكبها وزير الإسكان على الملأ، ونطلب منها البدء فوراً بإجراءات متابعته على تلك الجرائم المشهودة، ونذكرها بأن لا حصانة مع التلبّس”.
وأكد النادي “أن الجرائم التي ارتكبها الوزير هي، علاوة على خرق المادة 89 من الدستور المتعلقة بفصل السلطات، العمل بصفة الموظف العمومي ضد تنفيذ أوامر وقرارات القضاء، وإعطاء أوامر ضد تنفيذ قرارات القضاء، والتقليل علناً من أهمية القرارات القضائية، وإهانة القضاة بقصد المساس بشرفهم والاحترام الواجب لسلطتهم”.
وسبق وأن تعرض القضاء الموريتاني للكثير من الانتقادات من جهات حكومية من بينها ما ورد في تقرير صادر عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في موريتانيا (حكومية)، تضمن ملاحظات جد سلبية على النشاط والأداء المهني للقضاة.