اتفاق سعودي – عراقي لإتمام الربط الكهربائي خلال عامين

الرياض - اكتسبت العلاقات الاقتصادية بين السعودية والعراق زخما كبيرا الثلاثاء بتوقيع البلدين على اتفاقية لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين الجارين خلال عامين، في ظل تأكيد البلدين عزمهما على تذليل كافة العقبات أمام دعم التعاون المشترك.
وجاءت الاتفاقية التي وقعها من الجانب العراقي وزير الكهرباء عادل كريم ومن السعودية وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن طريق تقنية الاتصال المرئي في وقت تعاني فيه بغداد من تراجع حاد في إمدادات الكهرباء ناجم عن تراجع الغاز الواصل إلى محطات التوليد.
وتعود هذه الخطط إلى العام 2017 حينما كشفت هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي للمرة الأولى أنها تدرس مع السلطات العراقية ربطا كهربائيا عبر محافظة البصرة في جنوب العراق.
وقال كريم في تصريحات صحافية إن “الربط مع السعودية سينجز خلال عامين”، مشيرا إلى أن السوق العراقية مفتوحة أمام الشركات السعودية، وأن مشروع الربط يعد الخطوة الأولى للتعاون.
وتعد أزمة الكهرباء في العراق من الأزمات المزمنة التي تطل في كل صيف بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض ساعات التجهيز بشبكة الكهرباء، لكنها تبدو دافعا لأن تتحرك حكومة مصطفى الكاظمي باتجاه توسيع الشراكات مع السعودية بهدف إنهاء الارتهان لإيران.
ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد الغزي خلال زيارته إلى الرياض قوله إن بلاده “في أمس الحاجة إلى الكهرباء، وإن المشروع يعد من أولويات الحكومة لحل أزمة الكهرباء”.
وأوضح أن الربط الكهربائي مع السعودية له العديد من العوائد الاقتصادية على البلدين، متوقعا أن يلمس المواطنون ذلك مع دخول المشروع حيز التنفيذ.
وأضاف “آمل أن يتم الربط الكهربائي مع السعودية في أسرع وقت”.
وينتج العراق بين 19 و21 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، بينما يتجاوز الاحتياج الفعلي 30 ألفا، ما يؤدي إلى انقطاع متكرر للتيار وسط احتجاج من السكان.
وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال مؤتمر صحافي عقب توقيع الاتفاقية إن “هذه المذكرة جاءت وفق دراسة كاملة بين البلدين”، متوقعا تحقيق مردودات اقتصادية كبيرة مع دخول الطاقة المتجددة.
وأوضح أن الربط الكهربائي مع العراق يعزز إنشاء سوق إقليمية لتجارة الكهرباء.
ويسعى العراق لتعدد مصادر استيراد الكهرباء بعد أن كان يعتمد على إيران وحدها خلال السنوات الماضية باستيراد قرابة 1200 ميغاواط من الكهرباء، وكذلك وقود الغاز لتغذية محطات الطاقة الكهربائية المحلية.

وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية السبت الماضي في بيان عن فقدان 7600 ميغاواط من إنتاج الكهرباء جراء نقص إمدادات الغاز الإيراني والمحلي وكذلك قطع طهران لإمدادات الكهرباء عن العراق.
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن قطاع الكهرباء العراقي يفقد ما بين 40 و50 في المئة من قدرته بسبب تهالك الشبكة، وهذا هو الفرق بين ما يتم إنتاجه وما يتم تسليمه للمستهلكين.
وتحدث هذه الخسارة لأسباب فنية في أغلب الأحيان وعلى سبيل المثال معدات نقل الكهرباء التالفة أو ضعيفة الأداء أو التي عفا عليها الزمن، وكذلك لأسباب غير فنية مثل السرقة أو تعرضها للتخريب.
وفي ديسمبر 2020 أعلنت لجنة تحقيقية برلمانية عراقية أنه تم إنفاق 81 مليار دولار على القطاع بين عامي 2005 و2019 دون تحسن يذكر على الخدمة.
ووقع العراق في منتصف سبتمبر 2019 اتفاقية إطارية مع مجلس التعاون الخليجي للربط الكهربائي مع الشبكة الخليجية، في وقت كانت تتصاعد فيه ضغوط الولايات المتحدة على بغداد للتخلي عن الإمدادات الإيرانية.
ويبلغ إجمالي طول خط الربط الكهربائي العراقي – الخليجي حوالي 300 كيلومتر. وهذا الخط الاستراتيجي سيتكفل بربط محطة الزور الكويتية بمنطقة الفاو العراقية.
وكشفت وزارة الكهرباء العراقية في شهر أغسطس الماضي أن الحكومة الاتحادية دخلت في مفاوضات للحصول على تمويل من البنك الدولي من أجل تنفيذ مشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج.
وقال أحمد العبادي المتحدث باسم الوزارة حينها إن “الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية في المنطقة الجنوبية تسعى للتباحث مع البنك الدولي لتمويل ما هو مناط بالجانب العراقي من تنفيذ خط الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج الذي يمتد إلى 80 كيلومترا داخل الأراضي العراقية”.
وأكد أن هذا التمويل سيمكن العراق من الإيفاء بجميع التزاماته وأن يدشن هذا الخط داخل الأراضي العراقية بتمويل من البنك الدولي بنسبة مئة في المئة.
ومن المفترض أن ينجز هذا الخط في مرحلته الأولى في صيف عام 2022 بطاقة إنتاج تصل إلى 500 ميغاواط لمحافظة البصرة ويبدو أن هناك جدية من الطرفين لإنجاز هذا المشروع الحيوي.
وتوقع أن يمتد مشروع الربط الكهربائي مستقبلا عبر العراق إلى تركيا، وهو ما سيجعل دول مجلس التعاون الخليجي ترتبط بالشبكة الأوروبية في نهاية المطاف.
وكانت شركة سيمنز الألمانية قد قدمت في عام 2018 إلى الحكومة العراقية خطة شاملة لسد حاجة البلاد من الكهرباء وتطوير شبكة التوزيع في تكرار لتجربتها الناجحة في مصر.