اتفاق حلب خطوة لتعزيز الثقة بين الأكراد ودمشق

الاتفاق يمهد الطريق لتفاهمات أخرى تنهي معاناة عفرين.
الخميس 2025/04/03
حيا الشيخ مقصود والأشرفية بأيدي قوات الأمن الداخلي السورية

يشكل الاتفاق الذي أبرم بين الحكومة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية بشأن حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، خطوة لتعزيز الثقة بين الجانبين، والتوصل إلى اتفاق أشمل.

دمشق- أبرمت الحكومة السورية اتفاقا مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) يقضي بانسحاب تدريجي للأخيرة من حيي الشيخ مقصود والأشرفية في محافظة حلب شمالي سوريا.

وتأتي الخطوة في سياق مسار يستهدف تفكيك العقد التي تحول دون التوصل إلى اتفاق شامل بين دمشق والأكراد.

ووقع الرئيس السوري أحمد الشرع، في مارس الماضي، اتفاقا وصف بـ”التاريخي” مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، لكن محللين قالوا إن الاتفاق منقوص ولم يتطرق للتفاصيل حيث يكمن جوهر الخلاف.

ونص الاتفاق آنذاك على دمج قسد والمؤسسات العسكرية والمدنية التابعة لها بالدولة السورية، من دون أن يشير إلى كيفية هذا الدمج، خصوصا وأن قوات سوريا الديمقراطية سبق وأعلنت استعدادها للدمج في الجيش السوري الجديد ككتلة واحدة، وهو ما ترفضه الإدارة السورية الجديدة التي تصر على أن يكون بشكل فردي.

بدران جيا كرد: خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار والتعايش المشترك

وعلق مستشار الإدارة الذاتية الكردية بدران جيا كرد على الاتفاق الجديد بخصوص حلب، معتبرا أنها “خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار والتعايش المشترك.”

وأكد أن الاتفاق ينص على بقاء قوات الأمن الداخلي وحواجزها كما هي، وفق آلية محددة مع وزارة الداخلية، دون تدخل من أي فصيل أو مجموعة مسلحة أخرى.

وحمّل جيان كرد في منشور على منصة “إكس”، السلطة في دمشق، مسؤولية أي تهديد قد يواجهه الحيان. واعتبر أن الاتفاقية هي المرحلة الأولى من خطة أشمل تهدف إلى ضمان عودة آمنة لأهالي عفرين، مؤكدًا أن المفاوضات لا تزال مستمرة لتحقيق هذا الهدف.

ويقطن في حيي الشيخ مقصود والأشرفية نحو 60 ألف كردي، وقد سيطرت القوات الكردية على الحيين منذ العام 2011، بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وخلال العملية العسكرية المباغتة التي قادتها هيئة تحرير الشام وأفضت إلى سقوط حكم الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، جرت محاولات من فصائل سورية موالية لتركيا لوضع يدها على الحيين لكنها قوبلت بمقاومة من القوات الكردية، أعقبتها مفاوضات للتهدئة.

ويرى متابعون أن الاتفاق بشأن الحيين تشكل خطوة جديدة لبناء الثقة بين السلطة الجديدة في دمشق والأكراد، الأمر الذي يفسح المجال لتفاهمات أوسع وأكثر تفصيلا تهم المناطق ذات الغالبية الكردية ومنها عفرين التابعة لمحافظة حلب.

وتخضع عفرين إلى سيطرة الفصائل السورية الموالية لتركيا منذ العام 2018، وواجهت المدينة على مدى السنوات الماضية عمليات تهجير ممنهجة لسكانها، من خلال افتكاك أراضيهم، وفرض ضرائب مجحفة بحقهم من قبل تلك الفصائل، إلى جانب عمليات الاعتقال والتنكيل بشبابها.

ويتضمّن الاتفاق مجموعة من البنود تهدف إلى “تعزيز السلم المجتمعي والتعايش المشترك، بالإضافة إلى تنظيم الشؤون الإدارية والأمنية في حيّي الشيخ مقصود والأشرفية،” حيث يُعتبر الحيان جزءًا إداريًا من مدينة حلب، مع التأكيد على احترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية لأهاليهما، وذلك في سياق تعزيز العيش المشترك بين مختلف فئات المجتمع. كما يُلزم الاتفاق وزارة الداخلية، بالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي، بحماية سكان الحيين ومنع أي انتهاكات أو اعتداءات ضدهم.

ويحظر الاتفاق أي مظاهر مسلحة داخل الحيين، مع تقييد السلاح بيد قوات الأمن الداخلي التابعة للوزارة، وانسحاب القوات العسكرية التابعة لـ”قسد” إلى مناطق شرق الفرات. كما ستتم إزالة المتاريس الترابية من الطرق العامة، مع الإبقاء على الحواجز الأمنية الرئيسية تحت إشراف الأمن الداخلي حتى تحقيق الاستقرار الكامل في المنطقة.

وسيتم إنشاء مركزين للأمن الداخلي، أحدهما في الأشرفية والآخر في الشيخ مقصود، لضمان تنفيذ بنود الاتفاق وفرض النظام.

كما يكفل الاتفاق حرية تنقل السكان، وتُحظر ملاحقة أي شخص كان مطلوبًا قبل توقيع الاتفاق ما لم يكن متورطًا في جرائم قتل.

ولتحسين حركة التنقل، ستُشكَّل لجنة تنسيقية لتسهيل المرور بين حلب ومناطق شمال وشرق سوريا. كما ستتعاون المؤسسات المدنية في الحيين مع الجهات الرسمية لتقديم الخدمات للسكان على قدم المساواة مع باقي أحياء حلب، مع استمرار عمل فروع البلدية القائمة فيهما.

وينص الاتفاق على “إفراغ السجون” في محافظة حلب من المعتقلين لدى الطرفين، وتبادل جميع الأسرى الذين أُخذوا بعد سقوط نظام بشار الأسد، في خطوة تهدف إلى تخفيف التوتر وإنهاء الملفات العالقة.

ويمنح الاتفاق، سكان الحيين تمثيلًا عادلًا في مجلس محافظة حلب وغرف التجارة والصناعة والمؤسسات الأخرى وفقًا للقوانين.

ويُحافظ الاتفاق على المؤسسات الخدمية والتعليمية والإدارية في الحيين، بما في ذلك البلديات والمجالس المحلية، لحين التوصل إلى حل دائم عبر اللجان المركزية المشتركة.

 

2