اتفاق تركيا وليبيا للتنقيب عن الطاقة يواجه معارضة مصر واليونان

طرابلس – أثار توقيع الحكومة الليبية في طرابلس اتفاقا مبدئيا مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية، عقب مرور ثلاث سنوات على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل، معارضة شديدة في الداخل والخارج، وخاصة اليونان ومصر اللتين ترفضان أي نشاط في المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش من العاصمة طرابلس، توقيع "مذكرة تفاهم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية وعلى الأراضي الليبية، من قبل شركات تركية - ليبية مشتركة".
وقال وزير الخارجية التركي ونظيرته الليبية في حفل أُقيم في طرابلس إن الصفقة واحدة من عدة اتفاقات ضمن مذكرة تفاهم حول قضايا اقتصادية تهدف إلى استفادة البلدين.
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت ستظهر أي مشروعات في الواقع تتضمن أعمال تنقيب في "المنطقة الاقتصادية الخالصة"، التي اتفقت عليها تركيا وحكومة سابقة في طرابلس في عام 2019، مما أثار غضب دول شرق البحر المتوسط الأخرى.
ومن منظور تلك المنطقة الاقتصادية الخالصة، فإن البلدين يتشاركان في حدود بحرية، وهو ما رفضته اليونان وقبرص وانتقدته مصر وإسرائيل.
وردّا على سؤال حول مخاوف أعربت عنها دول أخرى من هذه الاتفاقية، قال أوغلو إنّ "هذه المذكرات هي مسألة بين دولتين تتمتعان بالسيادة، وهي مكسب للطرفين وليس للدول الأخرى الحقّ في التدخّل في هذه الأمور".
ورحّبت وزيرة الخارجية الليبية بهذا الاتفاق "المهم"، والذي وقّع "في ظلّ الأزمة الأوكرانية وتداعياتها".
وردّا على الاتفاقية، قالت وزارة الخارجية اليونانية الاثنين إن لليونان حقوقا سيادية في المنطقة تنوي الدفاع عنها "بكل الوسائل القانونية مع الاحترام الكامل للقانون الدولي للبحار".
وأشارت إلى اتفاق في عام 2020 بين أثينا ومصر يحدد منطقتيهما الاقتصاديتين الخالصتين في شرق البحر المتوسط، وقال دبلوماسيون يونانيون إن هذا الاتفاق ألغى فعليا اتفاق 2019 بين تركيا وليبيا.
وقالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان "أي إشارة أو تحرك لتطبيق 'المذكرة' المذكورة سيكون بحكم الواقع غير شرعي، واعتمادا على حجمه، سيكون هناك رد فعل على المستوى الثنائي وفي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".
وأفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية الاثنين بأن وزير الخارجية سامح شكري تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره اليوناني نيكوس دندياس، حيث بحثا تطورات الأوضاع في ليبيا.
وشدد الجانبان على أن "حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم".
وكتب دندياس على تويتر عن مكالمته الهاتفية مع شكري، أن الجانبين طعنا في "شرعية توقيع حكومة الوحدة الوطنية الليبية مذكرة التفاهم المذكورة".
وكشف دندياس أنه سيتوجّه إلى القاهرة الأحد لإجراء "مشاورات" حول هذا الملف.
وأبرمت أنقرة اتفاقية تعاون عسكري وأمني واتفاق ترسيم بحري مثيرا للجدل في نوفمبر 2019 مع حكومة الوفاق الوطني السابقة ومقرّها طرابلس. وفي أغسطس 2020 ردّت مصر واليونان على الخطوة باتفاق لترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.
ويسمح الاتفاق البحري لأنقرة بتأكيد حقوقها في مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي يثير استياء اليونان والاتحاد الأوروبي.
في المقابل، ساعدت تركيا عسكريا حكومة طرابلس السابقة في صد هجوم منتصف عام 2020 على العاصمة، شنه رجل الشرق القوي المشير خليفة حفتر.
وفي نهاية 2020، وافق البرلمان التركي على اقتراح بتمديد الإذن بنشر الجيش في ليبيا لمدة 18 شهرا، حيث تواصل أنقرة ممارسة نفوذ كبير في جميع أنحاء الجزء الغربي.
وقوبل الاتفاق أيضا برفض من البرلمان الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرا له ويدعم إدارة بديلة.
وقال رئيس البرلمان عقيلة صالح، الذي يُنظر إليه على أنه حليف لمصر، إنّ "أيّ اتفاقية أو معاهدة أو مذكّرة تفاهم، مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مرفوضة وغير قانونية".
وأشار صالح إلى أنّ أيّ مذكرة تبرم يجب أن تتمّ عبر رئيس الدولة أو البرلمان، أو عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان، ممثلة في حكومة فتحي باشاغا.
ورفضت الحكومة المعينة من البرلمان الاتفاقية التركية - الليبية.
وقالت حكومة باشاغا في بيان إنّها "ستبدأ التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين، للردّ بشكل مناسب على هذه التجاوزات التي تهدّد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا والمنطقة".
ونوّهت بحقها في اللجوء إلى القضاء لوقف الاتفاقية، وفقا للبيان.
وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا منذ مارس، الأولى هي حكومة عبدالحميد الدبيبة ومقرها طرابلس تأسست عام 2021 كجزء من عملية سلام برعاية الأمم المتحدة، والثانية يقودها منذ مارس وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وبدعم من جانب حفتر.
وفي هذا الصراع على السلطة الذي تصاعد في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن أنقرة انحازت إلى حكومة طرابلس، رغم أنها لم تعلن عن ذلك بشكل صريح.