اتفاق بين دمشق وقسد ينهي التوتر في حيي الشيخ مقصود والأشرفية

دمشق - توصلت اللجنة المكلفة من الرئاسة السورية المؤقتة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) الثلاثاء لاتفاق إداري وأمني وخدمي، بما يخص إدارة حيي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب شمال سوريا، وذلك خطوة هامة نحو تهدئة الأوضاع.
ووصف مستشار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بدران جيا كرد، عبر حسابه على منصتي إكس وفيسبوك الاتفاق الموقع بين مجلس أحياء حلب الكردية، واللجنة المكلفة من قبل الحكومة السورية بأنه "خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار والتعايش المشترك".
وقال جيا كرد "توصل مجلسا حيي الأشرفية والشيخ مقصود إلى اتفاق مع اللجنة المعنية من السلطة السورية ينص على الحفاظ الكامل على خصوصية الحيين، بما يشمل أمنهما وإدارتهما وخدماتهما وثقافتهما وممارسة حياتها السياسية، وذلك بالتنسيق مع المؤسسات الخدمية والأمنية المعنية في مدينة حلب، مع إنشاء آليات خاصة لتحقيق ذلك".
وأضاف "كما يؤكد الاتفاق على بقاء قوات الامن الداخلي وحواجزها كما هي ” في الحيين، وستعمل وفق آلية محددة مع وزارة الداخلية مع تعزيز دورها في حماية السكان دون تدخل من أي فصيل أو مجموعة مسلحة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على تبادل جميع الأسرى بين الطرفين، والإبقاء على النظام التعليمي كما هو حتى يتم اتخاذ قرار شامل في شمال وشرق سوريا."
وتابع تتحمل السلطة السورية في حلب مسؤولية أي تهديد قد يواجهه الحيان، مع ضمان جهود مشتركة للحد من هذه المخاطر. كما يضمن الاتفاق حرية التنقل لسكان الحيين داخل المدينة وخارجها دون أي مضايقات، إلى جانب منح الحيين حق التمثيل الكامل في مجلس المحافظة وغرفة التجارة وغيرها من المؤسسات، مع تقديم الدعم من قبل المحافظة دون أي تمييز".
وأوضح أن الاتفاق يبدأ بتنفيذ المرحلة الأولى، من خطة أشمل تهدف إلى ضمان عودة آمنة لأهالي عفرين، حيث لا تزال المفاوضات مستمرة.
وأكد أن عفرين، بوصفها وحدة سياسية وجغرافية وقومية متكاملة مع روج آفا، ستحتل مكانة بارزة في المفاوضات المستقبلية.
وجاء الاتفاق وفقاً لنصه، "انطلاقا من الحرص على تعزيز العيش المشترك، والحفاظ على السلم الأهلي، وتحقيق أهداف الثورة السورية في الحرية والكرامة، وانطلاقاً من الإيمان بأن التوافق بين مختلف مكونات الشعب السوري هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الراهنة".
وتبعاً للنص، يعتبر حيا الشيخ مقصود والأشرفية، ذات الغالبية الكردية، من أحياء مدينة حلب ويتبعان لها إدارياً، ويعد حماية واحترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية لقاطني هذين الحيين أمراً ضرورياً لتعزيز التعايش السلمي.
كما تسري أحكام هذه الاتفاقية المرحلية إلى حين توافق اللجان المركزية المشتركة على حل مستدام، وتتحمل وزارة الداخلية بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، مسؤولية حماية سكان الحيين، ومنع أي اعتداءات أو تعرض بحقهم.
و"تمنع المظاهر المسلحة في الحيين، ويكون السلاح حكرًا على قوات الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية في الحيين، حفاظاً على السلم الأهلي وسلامة المدنيين".
ونص أيضاً على "إزالة السواتر الترابية من الطرق العامة، مع الإبقاء على الحواجز الرئيسية تحت إشراف الأمن الداخلي التابعة الوزارة الداخلية، إلى حين استتباب الأمن والاستقرار في الحيين، مع انسحاب القوات العسكرية، بأسلحتها، من الحيين إلى منطقة شرق الفرات".
كما اتفقت الأطراف المعنية، على تنظيم مركزين "للأمن الداخلي في كل من حيي الأشرفية والشيخ مقصود، ومنع ملاحقة أي شخص كان ملاحقاً قبل الاتفاق، ولم تكن يده قد تلطخت بدماء السوريين، وتشكيل لجنة تنسيقية لتسهيل الحركة والتنقل بين مدينة حلب ومناطق شمال وشرق سوريا، وتشكيل لجان في الحيين لتطبيق الاتفاقية على أرض الواقع".
ونص الاتفاق أيضا على تبييض السجون من قبل الطرفين في محافظة حلب، وتبادل جميع الأسرى الذين تم أسرهم بعد التحرير، وضمان عمل المؤسسات المدنية في الحيين بالتنسيق مع المؤسسات المدينة، وتقدم الخدمات لهما دون تمييز عن بقية أحياء حلب، من خلال فرعي البلدية الموجودين في الحيين، كما يمنح الحيان حق التمثيل الكامل والعادل في مجلس محافظة حلب، وكذلك في غرف التجارة والصناعة وسائر المجالات، وفقا للقوانين الناظمة. والمحافظة على المؤسسات الخدمية والإدارية والتعليمية والبلديات والمجالس المحلية القائمة في الحيين، إلى حين توافق اللجان المركزية المشتركة على حل مستدام.
ويعكس الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين اللجنة المكلفة من الرئاسة السورية المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) رغبة واضحة من الأطراف المعنية في تحقيق الاستقرار والتعايش المشترك في منطقة تشهد توترات متصاعدة. هذا التطور يفتح الباب أمام مزيد من المفاوضات لحل القضايا العالقة في شمال وشرق سوريا، ويشير إلى تحولات محتملة في السياسات على الأرض السورية.
ويعد هذا الاتفاق خطوة إيجابية نحو تهدئة الأوضاع وتخفيف التوترات في حيي الأشرفية والشيخ مقصود، خاصة مع ضمان خصوصية الحيين واحترام حقوق السكان. من المتوقع أن يسهم هذا التطور في تعزيز الثقة بين الأطراف، وأن يشكل نموذجاً يحتذى به في مناطق أخرى تشهد نزاعات مماثلة، ولكنه يظل جزءًا من عملية أوسع تتطلب مزيدًا من الجهود والتفاوض لتحقيق حلول شاملة ومستدامة.
وأتى هذا الاتفاق بعد أقل من شهر على توقيع اتفاق بين قائد "قسد" مظلوم عبدي والرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، من أجل دمج القوات الكردية ضمن الجيش السوري الجديد على الرغم من انتقاد مجلس سوريا الديمقراطية، المظلّة السياسية لقسد، بعض توجهات وقرارات القيادة السورية، منها الحكومة التي شكلت مؤخراً، والإعلان الدستوري، معتبرة أنها لا تراعي التنوع في البلاد.