اتفاق بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على انتخاب محافظ كردي لكركوك

أربيل (إقليم كردستان العراق) - اتفق الحزبان الرئيسان في إقليم كردستان العراق (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، اليوم الأحد، على ضرورة أن يكون المحافظ الجديد لكركوك من القومية الكردية، وهو ما يشير إلى وجود صفقة بين الطرفين يتولى بمقتضاها شخصية من أحد الحزبين على المنصب في المحافظة التي تعد إحدى أثرى مناطق العراق بمخزونات النفط.
وأعلن الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بيانا مشتركا من ثلاث نقاط عقب اجتماع انعقد بين وفدين رفيعي المستوى من الجانبين، اتفقا فيه، بالإضافة إلى مناقشة الموازنة وسبل العيش ورواتب الموظفين، على حماية كيان الإقليم وحل المشاكل والقضايا العالقة مع الحكومة الاتحادية في بغداد إلى جانب تعيين محافظ كردي على محافظة كركوك.
وقال الحزبان في بيان مشترك "في المرحلة الحالية وبما يصب بمصلحة مواطني محافظة كركوك بكل مكوناتها، ينبغي تعيين محافظ كردي من لخدمة أهالي المدن والبلدات".
ووفقا للبيان فإن الجانبين اتفقا على أن من واجب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وجميع الأحزاب الكردية حماية كيان إقليم كردستان، والمحافظة على مكتسبات الثورة والنضال ودماء شهداء كردستان".
وأكد البيان على ضرورة السعي لحل الخلافات والقضايا العالقة مع الحكومة الاتحادية، مشيرا إلى أنه "على مستوى عالٍ، يتعين على الجانبين محاولة حل المشاكل بشكل عام، وتأمين سبل العيش والخدمات والموازنة والرواتب بشكل خاص".
وكان وفد رفيع من المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة القيادي فاضل ميراني قد اجتمع صباح اليوم الأحد مع وفد مماثل من الاتحاد الوطني برئاسة بافل طالباني في منطقة "دباشان" في محافظة السليمانية.
وتتجه محافظة كركوك، الغنية بالنفط وذات الخليط القومي العربي والتركماني والكردي، إلى مفاوضات صعبة لتسمية المحافظ الجديد لها، بسبب تقارب نتائج القوى السياسية القومية التي حققتها في انتخابات ديسمبر الماضي الخاصة بمجالس المحافظات.
وبحسب نتائج الانتخابات الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة، فقد حصل الاتحاد الوطني الكردستاني (يتزعمه بافل الطالباني) على 5 مقاعد، بينما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني (يتزعمه مسعود البارزاني) على مقعدين اثنين، فيما حصل "التحالف العربي" الذي يتزعمه خميس الخنجر على 3 مقاعد.
أما تحالف القيادة بزعامة وزير التخطيط الحالي محمد تميم والذي يتبع لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، فحصل على 3 مقاعد أيضاً، والجبهة التركمانية على مقعدين، فيما فاز المرشح (اميل بطرس قسطنطين ابراهيم اغا) بمقعد كوتا المسيحيين.
وتجعل هذه القسمة الانتخابية مجلس المحافظة الجديد أمام خريطة قومية، تتضمن 7 مقاعد للأكراد، و6 للعرب واثنان للتركمان مقابل مقعد للمسيحيين حصلت عليه حركة "بابليون" المسيحية المتقاطعة مع القوى الكردية، ما يجعل التركمان بيضة القبان في القضية إذا تم حسم منصب المحافظ وفقاً للأغلبية العددية، وليس بالتوافق.
وكان نائب رئيس مجلس النواب العراقي، شاخوان عبدالله قد أكد في تصريح صحفي في ديسمبر الماضي رغم عدم فوز الكرد بأغلبية مقاعد مجلس محافظة كركوك، إلا أنهم حصدوا غالبية الأصوات في المحافظة، لذلك فإن منصب المحافظ من حقّهم.
وأشار إلى أنه على "الكرد التفاوض مع كافة المكونات والأطراف الأخرى للمشاركة في عملية انتخاب محافظ جديد، بغرض استمرار التعايش في كركوك".
ويرى نائب رئيس مجلس النواب العراقي أنه "من الضروري أن تبدأ الأطراف السياسية في أسرعٍ وقت ممكن بالمحادثات لانتخاب محافظٍ جديد لكركوك يتصف بالنزاهة لخدمة هذه المدينة".
وشهدت كركوك أعلى نسب مشاركة على مستوى العراق في انتخابات مجالس المحافظات، التي جرت في 18 ديسمبر الماضي، بلغت 69 في المائة.
ولم تشهد كركوك عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 سوى انتخابات محلية واحدة في 2005، كانت مثار جدل بين مكونات المحافظة التي يسكنها خليط من العرب والتركمان والأكراد إضافة إلى أقلية مسيحية.
وتعد كركوك ثاني أغنى مدن العراق نفطيا، بعد البصرة، المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل ضمن ما عُرف بعد الغزو الأميركي للعراق بالمادة 140 من الدستور الذي تم إقراره عام 2005، التي تنص على إجراء استفتاء لسكانها، وتخييرهم بين البقاء مع بغداد أو الانضمام إلى إقليم كردستان العراق. وتشهد المحافظة تشددا أمنيا منذ أسابيع خوفا من أي ارتدادات قد تسفر عن اختيار المحافظ.
وتبعد كركوك 298 كيلومترا إلى الشمال من بغداد، ويبلغ عدد سكان المحافظة قرابة 1.6 مليون نسمة، وفق آخر الإحصاءات الرسمية، وتضم مزيجا سكانيا من مختلف المكونات العراقية، ومن بينها الأقليات.
وتتسم كركوك بخصوصية من بين المحافظات العراقية، فضلا عن أنها تضم 6 حقول نفطية عملاقة تقدر احتياطاتها بنحو 13 مليار برميل.
وفيما سيطرت القوات الكردية البشمركة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 على مركز مدينة كركوك، إلا أن علميات فرض القانون -التي شنتها حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي في أكتوبر 2017 بعد الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق- حولت السيطرة الأمنية في المحافظة لقوات الجيش العراقي مع انسحاب قوات البشمركة من مركز المدينة.
ومنذ ذلك الحين تشهد كركوك أحداث عنف وهجمات تنسب لداعش، لكنّ أطرافا عراقية منافسة للأكراد كثيرا ما تثير شبهة تدبير تلك الأحداث من قبل أطراف كردية ساعية لإعادة السيطرة على المحافظة.