اتفاق أردوغان والدبيبة يضع ليبيا تحت الوصاية التركية

طرابلس – كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي الجمعة عن تقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمذكرة تفاهم إلى البرلمان بشأن وضع القوات التركية المتمركزة حاليا في ليبيا.
ووفقا للتقرير تمنح الاتفاقية، الذي تؤكد "تعميق التعاون العسكري بين البلدين"، القوات التركية حماية قانونية واسعة ودعمًا لوجستيًا أثناء عملها على الأراضي الليبية.
وتستند مذكرة التفاهم، التي تقدم بها أردوغان في 12 أغسطس الجاري، وجرى توقيعها في الأول من مارس، إلى تفاهمات سابقة، بما في ذلك مذكرة التعاون في مجال التدريب العسكري الموقعة في العام 2012، ومذكرة التعاون الأمني والعسكري الموقعة في العام 2019. بحسب الموقع السويدي.
وفي حين ستدعم تركيا إعادة هيكلة وتدريب القوات المسلحة وقوات الأمن الليبية، تستجيب هذه المبادرة بشكل مباشر لطلب ليبيا للمساعدة، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد.
ومن أبرز جوانب مذكرة التفاهم الحصانة القانونية الواسعة التي توفرها للقوات التركية العاملة في ليبيا.
وذكر الموقع المادة 11 التي تنص على أن أي جرائم يرتكبها أفراد عسكريون أتراك في أثناء أداء واجباتهم الرسمية أو في نطاق مسؤولياتهم ستخضع للقانون التركي حصريا، ما يعني أن الأفراد الأتراك محميون فعليًا من النظام القانوني الليبي في الأمور المتعلقة بواجباتهم الرسمية، مما يعزز السلطة القضائية التركية على قواتها في الخارج.
بينما تخضع الجرائم المرتكبة خارج نطاق الواجبات الرسمية للولاية القضائية الليبية، مع أحكام خاصة تضمن أن أي أحكام تتماشى مع الأطر القانونية لكلا البلدين، بحسب الوثائق التي نشرها "نورديك مونيتور".
وأشار الموقع السويدي إلى أن الاتفاق يمنح القوات التركية حريات عملياتية كبيرة في ليبيا، حيث تسمح المادة 12 للأفراد الأتراك بحمل الأسلحة الشخصية والعسكرية وارتداء زيهم الرسمي أثناء تأدية واجبهم، مما يعكس مستوى عالٍ من الاستقلالية في عملياتهم.
وعلاوة على ذلك، توفر المادة 7 للقوات التركية إمكانية الوصول غير المقيد إلى المجال الجوي والمياه الإقليمية الليبية، مما يعفيها من الاستيلاء أو أي اتهامات محلية، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الحرية العملياتية الممنوحة للقوات التركية.
كما تسهل مذكرة التفاهم الكفاءة اللوجستية والعملياتية من خلال السماح للقوات التركية بإنشاء وإدارة أنظمة الاتصالات الخاصة بها، على النحو المفصل في المادة 9. وتسمح هذه المادة بتثبيت أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية، مما يضمن التنسيق السلس بين الوحدات التركية ومراكز القيادة في تركيا، بالإضافة إلى ذلك، يُسمح للقوات التركية بإنشاء مكاتب بريد وفروع بنوك ومرافق ترفيهية داخل المناطق المخصصة لها، وفق المادة 16 من مذكرة التفاهم.
وقال مركز الأبحاث السويدي إن الحكومة الليبية التزمت بتقديم دعم لوجستي واسع النطاق للقوات التركية، وهو أحد أهم بنود مذكرة التفاهم، حيث تُلزم المادة التاسعة ليبيا بتغطية تكاليف الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي والإنترنت، في المرافق التي تستخدمها القوات التركية، وكل ذلك مجانا، وذلك في وقت تنص فيه المادة السابعة على توفير الوقود وغيره من المتطلبات اللوجستية للمركبات التركية، سواء على البر أو البحر أو الجو، دون أي تكلفة على تركيا.
وبالإضافة إلى الدعم اللوجستي، تقدم مذكرة التفاهم إعفاءات مالية كبيرة للقوات التركية، حيث تعفي المادة 14 جميع الواردات والصادرات المتعلقة بأنشطة الجيش التركي من أي ضرائب أو رسوم أو واجبات ليبية. ويضمن هذا البند أن تتمكن تركيا من إمداد قواتها دون الأعباء المالية المرتبطة عادة بالانتشار الدولي. وتنص المادة 8 على أن تكاليف العقود والمشتريات التي تقوم بها القوات التركية في ليبيا، سواء محليا أو من الخارج، ستغطيها الحكومة الليبية، بعد التشاور مع السلطات الليبية، وفق الموقع السويدي.
ومن المقرر أن تظل مذكرة التفاهم سارية المفعول ثلاث سنوات، مع إمكان التجديد التلقائي عاما واحدا ما لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته إنهاء الاتفاق.
وجرى توقيع مذكرة التفاهم من قِبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، ووزير الدفاع التركي، يشار غولر، بأنطاليا في 1 مارس 2024.
وترافقت علاقات تركيا الوثيقة مع الحكومة الليبية في طرابلس مع تزايد الوجود العسكري التركي في البلاد على مر السنين، ففي نهاية العام 2023، وافق البرلمان التركي على اقتراح رئاسي بتمديد مهمة الجيش التركي في ليبيا 24 شهرًا.
وسلط أردوغان الضوء على أهمية وجود البحرية التركية في المنطقة، وقال إن هدف الحكومة هو ضمان الأمن القومي ضد التهديدات المحتملة، بما في ذلك الهجرة الجماعية والإرهاب، من خلال القرار الذي تمت الموافقة عليه.
بدعم مالي من قطر، انخرطت تركيا بشكل نشط في تسليح وتدريب ودعم الفصائل المتحالفة مع حكومة أردوغان في ليبيا منذ عام 2011.
وذهبت تركيا إلى حد إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا كمرتزقة، ودفعت لهم رواتب شهرية، ووعدت المقاتلين وعائلاتهم بالجنسية التركية. وتمت عملية اختيار هؤلاء المقاتلين من قبل وكالة المخابرات التركية، التي تعاونت مع الجماعات الجهادية في سوريا منذ عام 2011 بهدف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ولعبت تركيا دورا حاسما في النجاح العسكري لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة، حيث زودت تركيا حكومة الوفاق بالأسلحة والذخيرة والطائرات بدون طيار واستقدمت المرتزقة والجهاديين السوريين لمحاربة حفتر.
وبالإضافة إلى ذلك، في 2 يناير 2020، أذن البرلمان التركي للحكومة بنشر قوات عسكرية في ليبيا بعد اتفاق تعاون أمني.
وتوقفت محاولة حفتر للسيطرة على طرابلس بشكل مفاجئ بعد تدخل تركيا بتزويد طائرات بدون طيار متعددة الأغراض من طراز بيرقدار TB2، من تصنيع شركة بايكار ماكينا التركية، التي يرأسها صهر أردوغان، سلجوق بيرقدار.
وبعيداً عن الدعم الأيديولوجي، فقد اعترف أردوغان علناً بالأهمية الاستراتيجية لموارد النفط والغاز الليبية بالنسبة إلى تركيا، إذ كشف ، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الليبي السابق فايز السراج في أنقرة، في 4 يونيو 2020، عن خطط لتوسيع التعاون، بما في ذلك عمليات التنقيب والحفر، لاستغلال الموارد الطبيعية للأراضي الليبية.
وفي نوفمبر 2020، وقعت تركيا وحكومة الوفاق الوطني اتفاقية تعاون عسكري واتفاقية ترسيم الحدود البحرية. وفي حين تحدد الاتفاقية البحرية، التي لم تعترف بها أي دولة أخرى في البحر الأبيض المتوسط، بالجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة بين تركيا وليبيا، فإن الاتفاقية الأمنية تمكن الحكومة التركية من نشر قواتها في ليبيا.
وفي 24 مايو 2022، قدم مجلس الأمن الدولي تقريرا مفصلا عن نتائج تحقيقات محققي الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الحكومة التركية استمرت في انتهاك عقوبات الأمم المتحدة بإرسال معدات وتوفير التدريب لفصائل مختلفة في ليبيا.
وخلص تقييم الأمم المتحدة إلى أن جزءاً كبيراً من التدريب العسكري الذي تقدمه تركيا يقع ضمن نظام العقوبات، وبالتالي يتعارض مع قرار الأمم المتحدة رقم 1970 (2011). وأوضح التقرير أن الإعفاء المحتمل الوحيد ينطبق على أنواع معينة من التدريب، مثل التخلص من الذخائر، التي يمكن تصنيفها على أنها تدريب إنساني. مع ذلك، حظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صراحة التدريب على القتال للقوات الخاصة والقناصة.