اتصالات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لحل الملف النووي

واشنطن – كشفت الولايات المتحدة استمرار اتصالاتها الدبلوماسية مع إيران، لكن بطريقة غير مباشرة من خلال أوروبيين وآخرين ينقلون الرسائل بين البلدين، في محاولة لتقريب وجهات النظر التي ستمكن من استئناف الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.
وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان الجمعة إن "الدبلوماسية مع إيران مستمرة، لكن ليست بطريقة مباشرة في الوقت الراهن، إذ هناك قنوات اتصال عن طريق الأوروبيين وآخرين تمكننا من أن نوضح للإيرانيين موقفنا، في ما يخصّ منهج الالتزام مقابل الامتثال للاتفاق وأن نستمع إلى موقفهم (هم أيضا)".
ورفضت الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي جو بايدن منح طهران محفزات أحادية الجانب لبدء المحادثات، لكنها أكدت على إمكانية أن يتخذ الجانبان خطوات تبادلية لاستئناف تنفيذ الاتفاق، وهو نهج تصفه واشنطن بأنه "الامتثال المتبادل".
وقال سوليفان "عند هذه المرحلة ننتظر أن نسمع أكثر من الإيرانيين عن الطريقة التي يرغبون من خلالها في المضي قدما. ولن يكون ذلك سهلا لكننا نؤمن بأننا نمر الآن بعملية دبلوماسية وأنه يمكننا المضي قدما وأن نضمن في نهاية المطاف تحقيق هدفنا، وهو أن نمنع إيران من الحصول على سلاح نووي من خلال الدبلوماسية".
وكانت الولايات المتحدة قالت في 18 فبراير إنها مستعدة للحديث مع إيران عن استئناف كلا البلدين الامتثال للاتفاق، الذي يهدف إلى منع طهران من امتلاك أسلحة نووية، في مسعى لإعادة إحياء اتفاق كانت واشنطن قد انسحبت منه عام 2018.
ووافقت واشنطن على المشاركة في محادثات تحضرها إيران لبحث سُبل إحياء الاتفاق النووي الإيراني، بدعوة من الاتحاد الأوروبي. وأعلنت أنها خففت القيود على تنقلات الدبلوماسيين الإيرانيين في نيويورك، وأبطلت إجراء اتخذه ترامب وذلك عبر إقرارها رسميا في مجلس الأمن بأن العقوبات المفروضة على طهران التي أُلغيت بموجب الاتفاق النووي "لا تزال مرفوعة".
وبدأت إيران انتهاك الاتفاق عام 2019، بعد نحو عام من انسحاب الإدارة السابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب منه وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية. وسرعت طهران من وتيرة انتهاكها للاتفاق خلال الأشهر الأخيرة.
وأصر كل جانب على أن يبادر الآخر بالعودة إلى الاتفاق، حيث طالبت طهران واشنطن بأن ترفع عنها العقوبات الاقتصادية، في حين طالبت الولايات المتحدة بدورها طهران بأن تعود للالتزام بالقيود المفروضة على برنامجها النووي.
وتسعى طهران لحيازة أسلحة نووية تشكل خطرا حقيقيا على أمن المنطقة واستقرارها، فيما يتوجس المجتمع من ذلك، وتهدد إسرائيل بشنّ هجمات على مواقع إيرانية لثنيها عن حيازة سلاح نووي.
وترفض الحكومة الإسرائيلية سياسة تخفيف الضغوط التي تمارسها إدارة بايدن، مشيرة إلى أن إيران تقابل تلك السياسات بتصعيد انتهاكها للاتفاق النووي.
وفي يناير 2020 أعلنت إيران تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق النووي، ردا على اغتيال واشنطن قبلها بأيام قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، بغارة جوية في بغداد.
وكانت إيران قد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الأعضاء فيها، بأنها بدأت تخصيب اليورانيوم في سلسلة ثالثة من أجهزة الطرد المركزي "آي.آر-2إم" المتطورة في منشأتها تحت الأرض بنطنز.
وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن إيران اتخذت مؤخرا عدة خطوات قد تسمح لها بأن تختصر بشكل كبير الوقت الذي سيستغرقه تطوير سلاح نووي إذا قرر النظام الاندفاع إليه، رغم إعلانها رغبتها في التفاوض على اتفاق نووي جديد.
وأشارت التقارير إلى أن تحركات إيران الأخيرة، بما في ذلك تكديس اليورانيوم المخصب منخفض الدرجة، وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة وتوسيع العديد من المنشآت النووية ومتابعة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المئة، ومؤخرا الإعلان عن خطط لإنتاج معدن اليورانيوم لوقود المفاعل، تعني أن توجّه إيران نحو الأصول النووية آخذ في الازدياد.
والأسبوع الماضي، ذكرت الوكالة الدولية أن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم بسلسلة ثالثة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة "آي.آر-2أم"، في منشأة نطنز النووية.
ويعتبر هذا الإجراء خطوة جديدة من قبل إيران في إطار ما تصفه بـ"خفض التزاماتها" ضمن الاتفاق المبرم مع كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ورغم التصعيد الإيراني أبقى الأوروبيون الباب مفتوحا لعودة طهران إلى الاتفاق وإنهاء التوتر، حيث عدلت الجهات الأوروبية مؤخرا عن طرح مشروع قرار ينتقد إيران على مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في مسعى لحملها على العودة إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، في قرار لقي كذلك ترحيبا إيرانيا.