اتساع نطاق الحرب في الشرق الأوسط يهدد الاقتصاد العالمي

أطلق البنك الدولي أكثر تحذيراته المقلقة، منذ اندلاع الحرب في غزة قبل عام، من تزايد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بشكل أكبر، ما قد يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال يعاني من التداعيات الوخيمة للحرب في شرق أوروبا.
واشنطن - اعتبر رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في أحدث ظهور أن الحرب في الشرق الأوسط لها تأثير صغير نسبيا حتى الآن، لكن اتساعها من شأنه أن يجذب دولا أخرى تساهم بشكل أكبر في النمو العالمي، بما في ذلك الدول المصدرة للسلع الأولية.
وأوضح في مقابلة مع رويترز نيكست نيوزميكر الثلاثاء الماضي أن التأثير الاقتصادي لهذه الحرب يعتمد بشكل كبير على مدى انتشارها. وقال “إذا انتشرت إقليميا، فإنها ستصبح مسألة مختلفة تماما”.
وأضاف “ستبدأ في الانتقال إلى أماكن تسهم بشكل أكبر بكثير في الاقتصاد العالمي، سواء على صعيد الدولارات أو من حيث المعادن والنفط وما شابه ذلك”.
وقدر بانغا أن الأضرار المادية جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة تتراوح بين 14 و20 مليار دولار، وأن الدمار الناجم عن القصف على جنوب لبنان سيزيد من هذه الكلفة.
وقدمت المؤسسة الدولية المانحة 300 مليون دولار، أي ستة أمثال ما كانت تقدمه عادة، إلى السلطة الفلسطينية لمساعدتها في إدارة الأزمة، لكن هذا الرقم صغير مقارنة مع “المبلغ الكبير” الذي ستحتاجه في نهاية المطاف.
وقبل أربعة أشهر كانت توقعات نمو الاقتصاد العالمي متفائلة في عام 2024 وستكون مستقرة للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات ولكن عند مستويات ضعيفة بالمقاييس التاريخية الحديثة.
وتشير الترجيحات إلى أن النمو العالمي سيظل ثابتا عند 2.6 في المئة هذا العام قبل أن يرتفع إلى 2.7 في المئة في المتوسط خلال الفترة بين عامي 2025 و2026، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1 في المئة في العقد السابق لتفشي جائحة كورونا.
وتؤكد هذه المعطيات أنه على مدار الفترة بين 2024 و2026 ستواصل البلدان التي تشكل مجتمعة أكثر من 80 في المئة من سكان العالم وإجمالي الناتج المحلي العالمي، النمو بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقد السابق للجائحة.
وفي خضم الأوضاع الراهنة صوت البنك الثلاثاء لصالح تغيير إرشاداته الداخلية للإقراض، ما سيوفر 30 مليار دولار من قدرة الإقراض الإضافية على مدى العقد المقبل لمساعدة البلدان النامية والأسواق الناشئة على التصدي لتغير المناخ والتحديات الأخرى.
وقال بانغا إن ذراع البنك للإنشاء والتعمير “سيخفض نسبة حقوق الملكية إلى الإقراض بمقدار نقطة مئوية واحدة إلى 18 في المئة، ما سيترتب عليه قدر أكبر من المخاطر”.
ويأتي ذلك مع استمراره في تنفيذ الإصلاحات المبينة في تقرير مستقل تم إعداده لمجموعة العشرين من الاقتصادات الكبرى ويطالب بها مساهموها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وقال رئيس البنك إن “الخطوة، إلى جانب التغييرات في سياسات التسعير للبنك، تعني أنه سيزيد قدرته على الإقراض بما مجموعه 150 مليار دولار على مدى السنوات السبع إلى العشر القادمة من خلال تعديلات على ميزانيته العمومية”.
وتأتي التغييرات في وقت تتزايد فيه التحديات العالمية مثل الحرب في أوكرانيا، وتصاعد العنف في الشرق الأوسط، وتفاقم الكوارث المناخية، ومستويات الديون الحكومية الهائلة.
ويشير بانغا إلى أن إحدى أكبر الأزمات التي تلوح في الأفق هي الفجوة المتوقعة بنحو 800 مليون وظيفة لنحو 1.2 مليار شخص سيصلون إلى سن العمل خلال السنوات العشر المقبلة.
ويقدر بعض الخبراء أن البلدان النامية والأسواق الناشئة ستحتاج إلى ما لا يقل عن 3 تريليونات دولار من التمويل سنويا لمعالجة الأوبئة وتغير المناخ وغير ذلك من التحديات في المستقبل.
وقام بنك الإنشاء والتعمير بتغيير نسبة حقوق الملكية إلى الإقراض آخر مرة في عام 2023، حيث انخفضت إلى 19 في المئة من 20 في المئة.
2.6
في المئة نمو الاقتصاد العالمي في 2024 وهو أقل من متوسط العقد الماضي البالغ 3.1 في المئة
وقال بانغا “لقد حصلنا على موافقة مجلس الإدارة على تغيير نسبة حقوق الملكية إلى القروض لدينا بمقدار نقطة مئوية واحدة أخرى، ما يعني أنه يحرر قدرة ميزانيتنا العمومية على تقديم المزيد من القروض”.
وردا على سؤال عما إذا كان من الممكن إجراء المزيد من التعديلات، قال بانغا إن البنك سيواصل النظر في أدوات جديدة مثل رأس المال المختلط وطرق تحسين ميزانيته العمومية.
وتمكنت المؤسسة الدولية المانحة من خفض النسبة مع الحفاظ على التصنيف عند درجة أي.أي.أي من خلال تعزيز نظام مراقبة التصنيف الائتماني وإضافة تدابير طوارئ في حالة حدوث “حدث ضغط”.
ووافق المجلس أيضا على تغييرات في هيكل الرسوم لتسهيل حصول البلدان المقترضة على القروض ثم جعل سدادها أرخص، بما في ذلك التسعير المخفض لفترات الاستحقاق القصيرة، والقروض لمدة سبع سنوات، وتوسيع نطاق أدنى أسعار بنك الإنشاء والتعمير لتشمل الدول الصغيرة الأكثر ضعفًا.
ويسعى البنك الدولي أيضا إلى تجديد صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع لأفقر دول العالم بأكثر من 100 مليار دولار، مضيفا أنه من الواقعي استهداف 120 مليار دولار.
وقال بانغا “إذا وصلنا إلى 120 مليار دولار، فسيكون ذلك رائعا، وهذا ما نعمل عليه”.
وللوصول إلى هذا المجموع سيتعين على المساهمين في البنك والبلدان المانحة زيادة مساهماتهم من 24 مليار دولار إلى 30 مليار دولار، وهو ما يمثل تحديا نظرا لارتفاع الدولار الأميركي والتحديات المالية المحلية.
وأضاف “إننا نكافح بشدة من أجل تجاوز ذلك”، مشيراً إلى أن الدنمارك قد أعلنت بالفعل عن زيادة بنسبة 40 في المئة في مساهمتها وأن دولاً أخرى، بما في ذلك بريطانيا وإسبانيا، تدرس الزيادات.
وذكر رئيس البنك الدولي أن الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، ستساهم أيضًا “بعدد جيد”، لكنه لم يذكر تفاصيل.
وسيجتمع بانغا مع وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين التي قادت الدعوات الموجهة للبنك الدولي لتطوير عمله بهدف تلبية الاحتياجات الحالية قبل وصول بانغا إلى البنك.
وقال “بشكل عام، إنها تدعم كثيرا الأشياء التي قمنا بها في إطار التطوير كفريق واحد”، مشيرا إلى أن البنك كان يعمل أيضًا على تقليل الوقت الذي يستغرقه الانتقال من الاقتراح إلى موافقة مجلس الإدارة على المشاريع الجديدة.