اتساع رهانات السعودية على زيادة زخم التقنيات المالية

اتسعت رهانات السعودية على التكنولوجيا المالية مع تأكيد المسؤولين بأن بلدهم يمضي في تثبيت أقدامه ليكون مركزا رائدا للقطاع على مستوى الشرق الأوسط والعالم، ضمن أحد محاور التنويع في أجندة 2030، التي تشكل فيها الرقمنة حجرا أساسيا في التحول.
الرياض - تندفع السعودية لتعزيز دور التقنيات المالية (فنتيك) مدعومة بما تضمنته رؤية التحول وخطة التعافي الاقتصادي، التي تركز على تنويع مصادر الدخل وتولي قطاع الخدمات المالية اهتماما محوريا باعتباره من ضمن المجالات ذات الأولوية الإستراتيجية.
وتتسلح الحكومة بترسانة من القوانين، التي ستعزز مكانتها في طليعة دول الشرق الأوسط التي توفر أفضل الخدمات والبنية التحتية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، ووضعت أطر تنظيمية وهيأت مناخ الأعمال المساند، وأيضا تدريب الكفاءات والمهارات المحلية.
وإلى جانب ذلك، تعول الرياض على تنظيم الفعاليات الجاذبة للاعبين المحليين والعالميين لتبادل الخبرات ودراسة الشراكات، وصولا إلى جذب الاستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية.
وقبل نحو عشر سنوات، لم تتجاوز المدفوعات الإلكترونية في البلاد داخل أسواق التجزئة 5 في المئة من مجمل المدفوعات، لكنها اليوم تطورت بشكل لافت.
وتحول أكبر منتج للنفط في العالم إلى قبلة إقليمية لشركات المدفوعات الإلكترونية والرقمية، مع تخصيص استثمارات بمليارات الدولارات في صناعة تكنولوجيا الخدمات المالية.
وتحتضن العاصمة الرياض منذ الثلاثاء الماضي، أعمال النسخة الأولى من مؤتمر التقنية المالية “فنتيك 24” التي تختتم الخميس، في استجابة لتحول السعودية إلى أنظمة متقدمة في مجال المدفوعات والتحويلات المالية المحلية والعابرة للحدود.
وفي كلمة له خلال الافتتاح، قال وزير المالية محمد الجدعان إن بلاده “تطمح إلى زيادة عدد الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية، لتصل إلى حوالي 525 شركة بحلول 2030”.
ووفق بيانات وزارة المالية، تنشط في السوق المحلية حاليا 224 شركة مختصة بصناعة التكنولوجيا المالية، وهو رقم يفوق المستهدف في برنامج القطاع البالغ 168 شركة.
ويؤكد الجدعان أن حصة المدفوعات الإلكترونية في قطاع التجزئة بلغت نحو 70 في المئة من إجمالي عمليات الدفع في البلاد خلال 2023، و”نسعى لزيادة حصتها لتصل إلى 80 في المئة بحلول 2030″.
ومن المتوقع أن تتجاوز إيرادات القطاع عالميا 1.5 تريليون دولار سنويا، مع تعاظم أهمية النمو المستدام فيه، بتعزيز ثقافة الابتكار، وتحسين البيئة التنظيمية والتشريعية، وتطوير البنية التحتية الرقمية واستقطاب الكفاءات المتميزة وتنمية مهاراتها، وجذب الاستثمار.
وتبدو السعودية في سباق مع الوقت من أجل تعزيز التنافسية مع جيرانها وخاصة الإمارات والبحرين اللتين تركزان بشكل كبير على رقمنة التعاملات المالية، بما يستجيب لمتطلبات التحول التكنولوجي في العالم.
وترى الشركات العاملة في المجال أن السعودية التي تحصي أكثر من 36 مليون نسمة، وناتجها المحلي يتجاوز التريليون دولار، ستكون بيئة صاعدة للسنوات المقبلة في صناعة الفنتيك.
ففي أولى النسخ للمؤتمر، يتوقع أن تشارك أكثر من 300 جهة عارضة، وما يزيد عن 350 مستثمرا، وبحضور يتجاوز 26 ألف زائر بحلول اليوم الثالث.
وتظهر بيانات رؤية 2030 أن تطوير التكنولوجيا المالية في السعودية من شأنه رفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من مليار ريال (267 مليون دولار) في 2016 إلى أكثر من 13.3 مليار ريال (3.54 مليار دولار) بحلول 2030.
وباعتباره استثمارا حديثا، يعود لأقل من عقدين من الزمن، فإن التكنولوجيا المالية تدخل في خانة الاستثمار الجريء، والذي بلغت قيمته في السعودية بنهاية الربع الثاني الماضي 1.9 مليار دولار.
وأكد محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري أن عدد شركات التكنولوجيا المالية العاملة في البلاد ارتفع بنسبة 57 في المئة منذ بداية عام 2023 ليصل إلى 230 شركة بحلول نهاية الربع الثاني من هذا العام.
وأشار إلى أن التكنولوجيا المالية تتمتع بإمكانيات كبيرة لزيادة دورها في إعادة تشكيل المشهد المستقبلي للقطاع المالي السعودي، متوقعا أن تصبح محركا للنمو الاقتصادي مع تحولها إلى جزء أكبر من النظام المالي.
وفي عام 2018، لم يكن عدد الشركات العاملة في السعودية بمجال التكنولوجيا المالية يتجاوز 10، ثم تضاعف إلى 20 شركة بنهاية 2019، مع المضي قدما في رؤية 2030.
وقفزت خلال عام الوباء إلى 60 شركة، قبل أن تسجل 82 شركة نهاية 2021، وفق وزارة المالية السعودية، و147 شركة في 2022، وإلى 216 شركة بنهاية 2023.
وتضمنت رؤية 2030، مبادرة فنتيك السعودية الهادفة إلى إطلاق إمكانات المملكة بوصفها وجهة رائدة في مجال التقنية المالية، ودعم البنية التحتية، وتطوير المواهب التي تتطلبها شركات التقنية المالية وتمكين رواد الأعمال.
وقبل ست سنوات أطلق البنك المركزي بالتعاون مع هيئة السوق المالية المبادرة، هذه المبادرة التي تعمل على تحويل البلد إلى مركز رائد في تقنيات القطاع المالي من أجل بناء نظام قوي ومسؤول، يشمل البنوك والمستثمرين والشركات والمؤسسات الحكومية.
ونجحت المبادرة بعد 6 سنوات، في تدريب وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجال التقنية المالية من خلال تقديم ورش عمل وتأهيل الطلاب والمستثمرين والشركات والبنوك داخل البلاد، ليبلغ عدد المستفيدين 100 ألف مشترك.
ومنذ إطلاق المبادرة التابعة لبرنامج أوسع للتطوير المالي، أصبح السوق المالي السعودي من بين أكبر 10 أسواق على مستوى العالم، وانضم إلى مؤشرات عالمية رائدة مثل أم.أس.سي.آي وآس آند بي داو جونز وفتسي روسال. وتملك السعودية ودائع مصرفية للعملات تتجاوز 720 مليار دولار، وفق بيانات البنك المركزي.