اتحاد الشغل يلوّح بالتحرك ضدّ "السياسة الليبرالية المتوحشة" للحكومة

تونس – لوّح الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية في البلاد الجمعة، بأنه لن يقف مكتوف الأيدي إزاء ما اعتبره "سياسة ليبرالية متوحشة" للحكومة، على خلفية زيادات في الأسعار تمهيدا لإصلاحات تشمل أساسا خفض الدعم.
وقال الأمين العام المساعد في الاتحاد سمير الشفي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إن الاتحاد طرف أساسي ولن يبقى مكتوف الأيدي إزاء "السياسة الليبرالية المتوحشة"، مشددا على أن "معالجة تدهور المالية العمومية لا يجب أن تمر عبر جيوب الفقراء".
وأقرت الحكومة التونسية خلال الأسبوع الحالي زيادات في مادة السكر المدعم وفي استهلاك المياه وفي النقل العمومي، وقبل ذلك قررت زيادات في مادة الحليب وفي المحروقات والحديد.
وتأتي الزيادات في أعقاب محادثات أجراها وفد حكومي في واشنطن قبل شهر مع ممثلي مؤسسات مالية دولية ومع صندوق النقد الدولي بالخصوص، من أجل الاتفاق على قرض لتمويل خطة إصلاحات عرضتها الحكومة، يتوقع أن تشمل خفضا تدريجيا للدعم وتحكما في كتلة الرواتب وإصلاح المؤسسات العمومية المتعثرة.
وتقول الحكومة إن الإصلاحات ضرورية لإنقاذ المالية العمومية وإنعاش الاقتصاد المتهاوي تحت وطأة وباء كورونا، بعد أن عرف انكماشا غير مسبوق فاق 8 في المئة في 2020 مع عجز مالي في حدود 11.5 في المئة.
وتشير بيانات حكومية وخاصة إلى أن قرابة 80 في المئة من مخصصات الدعم لا تذهب إلى مستحقيها في نهاية المطاف، وهذه النسبة العالية تجعل فاعلية هذه المنظومة محدودة وتزيد من الشكوك حولها، لكن رفع الدعم يحتاج استعدادا لوجستيا كبيرا من أجل إعادة توجيهه لمستحقيه.
وقال الشفي "نحن غير ملزمين بهذه الالتزامات الانفرادية. لا نقبل بأي شكل المساس بحياة الناس وممتلكاتهم في المرفق العام".
ووصف اتحاد الشغل الذي يتمتع بنفوذ لا يستهان به في الشارع في بيان له، سياسة الحكومة "بالتدمير الممنهج للقدرة الشرائية للمواطن"، مطالبا بزيادات في المنح الموجهة للعائلات المعوزة ومراجعة فورية للراتب الأدنى المضمون.
وأوضح الشفي أن موقف الاتحاد كان موقفا طبيعيا من منظمة تقدر أن الإجراءات الحكومية من شأنها أن تثقل كاهل الطبقات الهشة والمتوسطة والعمال وتعمق آلامهم.
وبدل الخطط الإصلاحية المعلنة من دوائر حكومية، يطالب الاتحاد بإصلاحات تشمل أولا النظام الضريبي غير العادل وفق تقديره، ومكافحة التهريب والاقتصاد الموازي الذي يكلف الدولة المليارات من الدولارات سنويا.
وتبنت تونس ميزانية السنة الحالية بنقص مالي لا يقلّ عن 8 مليارات دينار تونسي (نحو 2.86 مليار دولار)، ويمثل هذا العجز نحو 7 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي.
وتواجه تونس ضغطا من المقرضين الدوليين لخفض فاتورة الرواتب التي تضاعفت حاليا إلى ما يزيد على 17 مليار دينار، مقابل 7.6 مليار دينار في عام 2010.
لكن اتحاد الشغل يقول إن معدل رواتب الموظفين في تونس من أقل المعدلات في العالم ولا يفي بالاحتياجات، خاصة في ظل ارتفاع التضخم إلى نحو 5 في المئة الشهر الماضي.