اتحاد الشغل يلوي ذراع الحكومة التونسية

بعد لقاء الشاهد بالطبوبي، اتحاد الشغل يواصل الإشراف على اجتماعات نقابية بمختلف محافظات تونس لحشد منظوريه استعدادا لتنفيذ الإضراب العام.
الأحد 2018/10/14
اتحاد الشغل يعود إلى المربع النقابي

  تونس - التقى رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بأمين عام اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي وتبادلا وجهات النظر بشأن كل النقاط والمطالب النقابية الواردة في برقية التنبيه بالإضراب العام في مؤسسات القطاع والمقرر تنفيذه على مرحلتين يوم 24 أكتوبر الجاري في ما يخص القطاع العام وإضراب عام آخر يوم 22 نوفمبر القادم في قطاع الوظيفة العمومية.

وعقب اللقاء، أكّد بيان صادر عن المنظمة النقابية أن رئيس الحكومة دعا خلال الاجتماع إلى وجوب ترك جلسات التفاوض مفتوحة للمزيد من التواصل وتعميق التشاور بين مختلف الأطراف المعنية، وذلك قصد إيجاد الحلول الملائمة لتجنّب تنفيذ الإضراب العام.

وتأتي هذه المشاورات بين الطرفين الحكومي والنقابي، بعد أن أصدر اتحاد الشغل منذ أيام برقية بالإضراب في القطاع العام الذي ينوي تنفيذه كامل يوم الأربعاء 24 أكتوبر الجاري، مؤكدا أن قرار الإضراب المتخذ من قبل الهيئة الإدارية للقطاع العام يأتي بسبب “تعثر المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام نتيجة عدم جدّية الوفد الحكومي في الحرص على إيجاد الحلول الملائمة للتوصل إلى اتفاق بخصوص ترميم ما تدهور من المقدرة الشرائية للأجراء العاملين في المؤسسات والمنشآت العمومية”.

ويؤكّد اتحاد الشغل أن الإضراب تقرر بسبب “حزمة الإجراءات المتخذة من جانب واحد” من قبل الحكومة الساعية لخوصصة المؤسسات كليّا أو جزئيا رغم وجود اتفاق بين الحكومة والاتحاد حول إصلاحها، بحسب ما جاء في نص برقية التنبيه بالإضراب في القطاع العام الموجهة لمختلف الوزارات والهياكل المعنية.

ورغم أن بيان اتحاد الشغل التوضيحي للقاء الطبوبي بالشاهد جاء مقتضبا، فيما لم تفسر الحكومة عما تم الاتفاق بشأنه، إلا أن العديد من المراقبين اعتبروا أن الجلسة باءت بالفشل ولم ينتج عنها حدوث أي تقارب بين تصورات الطرفين النقابي والحكومي.

ويستدل العديد من المتابعين للشأن النقابي في تونس بمواصلة قيادات الاتحاد وفي مقدمتهم أعضاء المكتب التنفيذي الإشراف على اجتماعات تعبئة وتحشيد لمنظوري الاتحاد بتعلة أنه لا وجود لأي حلحلة للمسائل الخلافية العالقة بين الحكومة ومنظمة العمال.

عبدالكريم جراد: ترك جلسات المفاوضات بين الطرفين مفتوحة يعني في مفاهيم العمل النقابي أن هناك العديد من الفرص للتفاهم والتوافق على العديد من النقاط
عبدالكريم جراد: ترك جلسات المفاوضات بين الطرفين مفتوحة يعني في مفاهيم العمل النقابي أن هناك العديد من الفرص للتفاهم والتوافق على العديد من النقاط

وفي إطار تواصل تحركات الحشد النقابي، أعلن اتحاد الشغل بعد يوم فقط بعد لقاء أمينه العام الطبوبي برئيس الحكومة يوسف الشاهد عن انعقاد ثلاث هيئات إدارية جهوية السبت بكل من محافظات قابس (جنوب البلاد) والكاف (شمال شرق البلاد)، وقبلي (جنوب غرب البلاد) لتأطير وهيكلة أنصاره قبل تنفيذ الإضراب العام.

وقال عبدالكريم جراد، الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، إن مواصلة قيادة الاتحاد حشد منظوري المنظمة للاستعداد لخوض الإضراب العام، لا تعبّر صراحة عن عدم حصول أي تقدم عقب اجتماع رئيس الحكومة والأمين العام لاتحاد الشغل.

وشدّد في تصريح لـ”العرب” على أن ترك جلسات المفاوضات بين الطرفين مفتوحة يعني في مفاهيم العمل النقابي أن هناك العديد من الفرص للتفاهم والتوافق على العديد من النقاط والمطالب التي يعتبرها اتحاد الشغل خطوطا حمراء لا يمكن المساس بها.

وأضاف “اتحاد الشغل لا يرغب في تنفيذ إضراب عام لغاية الاستعراض أو إظهار آلته البشرية المنتشرة في مختلف محافظات البلاد. المنظمة الآن قامت بما يجب فعله بمنحها رئيس الحكومة يوسف الشاهد ‘البندقية وغصن الزيتون”.

وتابع “إذا كفّت الحكومة عن سياسات المماطلة التي تنتهجها، فلن تجد من اتحاد الشغل سوى السلم الاجتماعي، أما إذا قررت مواصلة الهروب إلى الأمام، فإن للمنظمة النقابية بندقية اسمها هياكلها ومنخرطوها القادرون على اتخاذ كافة الأشكال النضالية للدفاع عن أنفسهم وعن قطاعهم العام”.

وشدّد جراد على أن أهم شروط الاتحاد لإلغاء الإضراب “عقد جلسات جديدة مع الحكومة والتوصل خلالها إلى اتفاقات ترضي الطرف النقابي وتستجيب لمطالبه المتمثلة في الزيادة في أجور القطاع العام وتحسين القدرة الشرائية للمواطن ومقاومة سياسة الاحتكار والتهريب”.

وأكّد أيضا على وجوب تراجع الحكومة، الخاضعة لإملاءات صندوق النقد الدولي وفق تعبيره، عن التفكير في التفريط في أي من المؤسسات العمومية للقطاع الخاص.

وعلى عكس توجهات اتحاد الشغل، يربط العديد من المراقبين تصعيد المنظمة النقابية بتطورات المشهد السياسي خاصة بعد أن عجزت منظمة العمال التي تطالب منذ مطلع عام 2018 بإسقاط الحكومة الشاهد الذي تمكّن من قلب المعادلة وتحصين نفسه بحزام سياسي جديد قوامه الاستقواء بالكتلتين البرلمانيتين لحركة النهضة الإسلامية وكتلة الائتلاف الوطني التي تم تشكيلها حديثا والمتهمة بالنطق باسم رئيس يوسف الشاهد.

وفنّد عبدالكريم جراد ربط تحركات المنظمة النقابية بما يعتبره كثيرون أن القضية تحوّلت إلى خصومة شخصية بين اتحاد الشغل والحكومة أو بين نورالدين الطبوبي ويوسف الشاهد.

وشددّ على أن اتحاد الشغل لا يخضع لمثل هذه الحسابات الضيقة وأن مصلحته الوحيدة هي الوطن عبر حماية الأجراء والموظفين بالقطاع العام من الإجراءات الحكومية المجحفة بحقهم والتي أدت إلى تقهقر أوضاعهم الاجتماعية في ظل وضع اقتصادي صعب زاد في حدة تأزمه ارتفاع التضخم بنسب كبرى وغير مسبوقة.

وفي المقابل، يرجّح العديد من المتابعين أن تكون للإضراب العام في الوظيفة العمومية، إن تم تنفيذه، تداعيات كبرى على مستقبل البلاد التي تعيش أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية متراكمة خاصة خلال نهاية العام الجاري، حيث تستعد الحكومة لمناقشة قانون الموازنة المالية بعد أن أحاطت نفسها بحزام برلماني يمكنها من تمرير أي مشروع قانون بأريحية تامة.

2