اتحاد الشغل يركب موجة الجدل حول الإيقافات في تونس

الرئيس التونسي يحذر: نحن نعيش مرحلة دقيقة وخطيرة.
الخميس 2023/02/16
الرئيس سعيد: مهمتنا الأساسية إنقاذ البلاد

يحاول الاتحاد العام التونسي للشغل استغلال الإيقافات التي جرت في تونس، والجدل الكبير المثار حولها وتوظيفها في إطار المعركة المفتوحة بينه وبين الرئيس قيس سعيد، ويرى مراقبون أن تحرك الاتحاد وتوجهه للتصعيد لا يخلو من انتهازية، لتحقيق مآرب سياسية.

تونس - سارع الاتحاد العام التونسي للشغل إلى ركوب موجة الجدل الجارية في تونس بشأن حملة الإيقافات التي جرت مؤخرا، في محاولة من قبله لزيادة الضغوط على الرئيس قيس سعيد، الذي يخوض معه مواجهة مفتوحة لا يعرف مآلاتها.

وبدت قيادة اتحاد الشغل متماهية إلى حد بعيد مع خطاب جبهة الخلاص التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، لاسيما من حيث المفردات، لكن الاتحاد كان حريصا في الآن ذاته على عدم الظهور في ثوب المدافع عن الشخصيات والقيادات السياسية التي جرى إيقافها مؤخرا بتهم من بينها “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.

واستنكر الاتحاد العام التونسي للشغل الأربعاء ما أسماه بحملات الاعتقال العشوائية التي استهدفت نقابيين ومحاصرة الإعلام، ودعا أعضاءه وهياكله إلى التعبئة للدفاع عن الحريات والحق النقابي، في إشارة إلى سلسلة احتجاجات متوقعة.

ومنذ السبت، اعتقلت الشرطة عددا من الشخصيات البارزة في المشهد التونسي، بمن في ذلك سياسيون مقربون من حركة النهضة ورجل أعمال نافذ ومدير إذاعة موزاييك إف.إم واسعة الانتشار.

الرئيس التونسي يؤكد أن الشخصيات والقيادات السياسية التي تم إيقافها مؤخرا "إرهابية ولا بد من محاسبتها"

وأكد الرئيس التونسي سعيّد أن الشخصيات والقيادات السياسية التي تم إيقافها “إرهابية ولا بد من محاسبتها”، متهما إياها بـ”التآمر على أمن الدولة”.

وقال أثناء لقائه عددا من القيادات الأمنية بمقر وزارة الداخلية في العاصمة تونس “نحن نعيش مرحلة دقيقة وخطيرة.. لن نترك تونس لقمة سائغة في أيدي الوحوش والكواسر”.

وتابع “نحن نحترم حقوق الإنسان، ولكن هذه تهم تآمر على أمن الدولة، ومهمّتنا الأساسية اليوم هي إنقاذ البلاد وشعبها”، مضيفا “الأمر يتعلّق بحياة الدولة ومستقبل الشعب، ولن نسمح لهم بالعبث بالدولة وشعبها”.

وصرح الرئيس التونسي في وقت سابق بأن عددا من الموقوفين مؤخرا “يقفون وراء الأزمات المتصلة بتوزيع السلع وبالترفيع في الأسعار”.

ويرى متابعون أن مهمة الرئيس التونسي تبدو صعبة في مواجهة جبهات متعددة، وتحمل كل منها أجندات خاصة.

ويشيرون إلى أن اتحاد الشغل يحاول استغلال الضغط المسلط على الرئيس سعيد، لانتزاع مكاسب منه، وهذا ما يفسر مسارعته للالتحاق بقافلة المنددين بالإيقافات، مع التجنب في الآن ذاته الظهور في ثوب المدافع عن البعض ممن لهم انتماءات حزبية.

وقال الاتحاد إنه مع “المحاسبة الحقيقية”، لكن يجب أن تتم “على قاعدة احترام القانون وضمان الحق في محاكمة عادلة وشفافة” ورفض ما أسماها بـ”تصفية الحسابات السياسية عبر توظيف القضاء والتنكيل بالخصوم”.

وأضاف في بيان أن اعتقال مدير إذاعة موزاييك إف.إم “واستجوابه بشأن الخط التحريري للراديو يبطن رغبة جامحة لخنق أي صوت حر أو معارض وإسكات الأفواه”.

الاتحاد يناور ويدخل على خلفية الإيقافات
الاتحاد يناور ويدخل على خلفية الإيقافات

والشهر الماضي ألقت الشرطة القبض على نقابي بارز بسبب إضراب لعمال تحصيل الرسوم على الطرق السريعة. كما يواجه عدد من كبار مسؤولي النقل الآخرين في النقابة استجوابات.

ودعا اتحاد الشغل الأربعاء “النقابيين والهياكل إلى مواصلة التعبئة والاستعداد للدفاع عن حق التونسيين، ورفض استهداف حق الإضراب والحريات العامة والفردية بكل أشكال النضال المشروعة”.

وقال مسؤولون من الاتحاد العام التونسي للشغل إنه من المتوقع أن ينظم الاتحاد احتجاجات في عدة مدن تبدأ السبت باحتجاج كبير في مدينة صفاقس دفاعا عن العمل النقابي ورفض خطط الرئيس سعيد الاقتصادية والسياسية.

وتحوّل اتحاد الشغل في الأشهر الأخيرة إلى تصدر جبهة المعارضة في تونس، بعد استشعار خطر تآكل نفوذه السياسي الذي اكتسبه خلال السنوات التي أعقبت سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.

وتتخذ المنظمة الشغيلة من قدرتها على شل الحركة الاقتصادية في البلاد، أداة للضغط على السلطة السياسية، وهو الأمر الذي يحاول الرئيس سعيد التصدي له.

اتحاد الشغل يستنكر حملات الاعتقال العشوائية التي استهدفت نقابيين ودعا أعضاءه وهياكله إلى التعبئة للدفاع عن الحريات والحق النقابي

وسبق وأن صرح سعيد بأن الحق النقابي مكفول لكنه لن يقبل بتوظيفه لأغراض سياسية كما هو جار اليوم.

ويرى نشطاء تونسيون أن اتحاد الشغل يتصرف بانتهازية شديدة، فهو سبق وأن شدد خلال الفترة الأولى التي أعقبت إعلان التدابير الاستثنائية، على مبدأ المحاسبة في تماه مع أحد أبرز المطالب الشعبية، لكنه اليوم ينقلب على هذا الاستحقاق، من خلال كيل الاتهامات للسلطة السياسية، دون انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية.

ويشير النشطاء إلى أن الشغل الشاغل لقيادة الاتحاد الحالية هو كيفية إخضاع السلطة السياسية، دون أي اهتمام بما قد يقود إليه المزيد من شحن الأوضاع المأزومة بطبعها.

ويقول الرئيس سعيد، الذي أعلن التدابير الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021 بينها حل البرلمان ووضع خارطة طريق سياسية أفضت إلى مؤسسات دستورية بديلة، إنه يعمل على مكافحة الفساد وتعقب المتورطين في ذلك.

وغالبا ما يلمح في خطاباته إلى وجود “مؤامرات تحاك ضد الدولة”، وقد سبق حملة الإيقافات الأخيرة لقاء بينه وبين وزيرة العدل ليلى جفال تم خلاله بعث جملة من الملفات في مقدمتها ملف المحاسبة.

وشدد الرئيس التونسي خلال ذلك اللقاء على أنه “من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن”.

 

• اقرأ أيضا:

           كيف تستعيد صورة تونس بريقها

4