اتحاد الشغل يرفض أي وصفات خارجية لدعم تونس

الاتحاد الأوروبي يخشى من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها تونس.
الاثنين 2023/06/19
تسجيل موقف أم مقدمة للتصعيد

تونس - أطلّ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي الأحد بعد غياب عن المشهد طيلة الأسابيع الماضية، ملمحا إلى رفض المنظمة الشغيلة لأي وصفات خارجية لمساعدة تونس.

وتأتي إطلالة الطبوبي في خضم أنباء عن اعتزام الحكومة التونسية تقديم نسخة معدّلة عن الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي في سبتمبر الماضي، والذي عارضه لاحقا الرئيس التونسي قيس سعيد لتضمنه شروطا اعتبر أنها تهدد السلم الأهلي في البلاد.

وقال الطبوبي مستلهما خطابه من مفردات للرئيس التونسي “علينا التعويل على الذات، وعدم انتظار أي مساعدات خارجية”.

وأضاف أن البلاد تواجه معركة اقتصادية واجتماعية وهي تخوض معركة وجود، موجها خطابه إلى الحكومة “إلى السادة مسؤولي الدولة، نحن تحمّلنا نقص الأدوية ونقص الغذاء ولكن لن نقبل أن تتحول بلادنا إلى محتشد متعدد الجنسيات.. نعم نحن نحترم حقوق الإنسان ولكن نتمسّك بسيادتنا الوطنية على ترابنا”، في إشارة إلى زيارة المسؤولين الأوروبيين إلى البلاد، وما يدور من حديث عن توطين المهاجرين، وهو موضوع أعلن الرئيس سعيد عن رفضه مرارا.

سامي الطاهري: التكتّم على فحوى التعديلات يندرج في خانة التآمر
سامي الطاهري: التكتّم على فحوى التعديلات يندرج في خانة التآمر

وتشهد تونس في الفترة الأخيرة حراكا أوروبيا لافتا تجاهها ترجم في الزيارات المتتالية للقادة والمسؤولين الأوروبيين وآخرها الزيارة الجارية لوزيري داخلية ألمانيا وفرنسا، والتي ستركز على ملف الهجرة غير النظامية.

ويخشى الاتحاد الأوروبي من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها تونس، الأمر الذي قد يقود إلى فقدان السيطرة على عمليات مكافحة الهجرة غير النظامية التي بلغت في الأشهر الماضية مستويات قياسية نحو الأراضي الإيطالية، ما دفع روما إلى تكثيف ضغوطها على شركائها الأوروبيين للتحرك من أجل مساعدة تونس.

وتأتي هذه المساعدة ضمن سلّة متكاملة أحد مرتكزاتها توصل تونس إلى اتفاق معدل مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يبدو أنه يجري العمل عليه حاليا.

ويرى مراقبون أن الاتفاق مع الصندوق أمر لا مفر منه بالنسبة إلى تونس، وهذا ما يدركه حتى الرئيس سعيد نفسه، لكن يبقى السؤال مرتبطا بشكل هذا الاتفاق ومضامين بنوده، حيث أن الرئيس سعيد كان واضحا لجهة رفضه الاقتراب من ملف الدعم وأيضا من المؤسسات العمومية.

وقال المتحدّث الرسمي باسم اتّحاد الشغل سامي الطاهري الأحد، إنّ الاتحاد بلغ إلى علمه أنّ “صندوق النقد الدولي طلب من الحكومة التونسية إجراء تعديلات على المقترحات المقدمة بعنوان إصلاحات اقتصادية”.

وأضاف الطاهري أن الاتحاد يستنكر التكتّم حول فحوى هذه الإصلاحات التي ستقوم بها الحكومة. واعتبر أنّ الشفافية تقتضي إطلاع الشعب التونسي على ما ينتظر واقعه الاقتصادي من تطورات.

واعتبر المسؤول النقابي في تصريحات لإذاعة موزاييك واسعة الانتشار في تونس، أن التكتّم حول ملف المالية العمومية وما لحقه من تعطيلات ساهم في مضاعفة الأزمة المالية، مؤكّدا أنّ المالية العمومية “تشكو اليوم من فجوة تناهز 20 ألف مليار والمفاوضات غير متكافئة وغير واضحة المعالم أو البرامج أو التبّعات الاجتماعية على الشعب التونسي، وهي تعد في الغرف المظلمة”.

وقال الطاهري “التكتّم على فحوى التعديلات المزمع تقديمها أمر غير مقبول والمواصلة فيه هو من قبيل التآمر على قوت التونسيين، بل هذا هو التآمر الحقيقي أن تعد مشاريع كالاتفاق حول الهجرة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهي مشاريع تهم تفاصيل عيش التونسيين ولكن يتم إعدادها في تكتم ودون إطلاع الشعب التونسي، بل نرفع شعارات فضفاضة من قبيل الشعب يريد”.

الحكومة التونسية تعتزم تقديم نسخة معدّلة عن الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي والذي عارضه الرئيس التونسي قيس سعيد

ولفت الطاهري إلى أن اتحاد الشغل يستنكر عدم نشر الحكومة التونسية فحوى ما يدور من محادثات مع ممثلي الجانب الأوروبي وممثلي الدولة بخصوص مصير البلاد في ما يتعلّق بالاتفاق المزمع إمضاؤه موفى يونيو الحالي.

ووفق الطاهري، فإنّ الاتحاد يرفض مقايضة غذاء التونسيين باتفاق “توطين المهاجرين في تونس”، معتبرا أنّ “الدولة التونسية التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية لم تتمكن من إعاشة 12 مليون تونسي فما بالك بأعداد مضاعفة بفعل منع المهاجرين من الوصول إلى الجانب الأوروبي وفتح المجال التونسي لتوطينهم”.

وتمسّك الطاهري بالقول “هذا اتفاق لا يمكن إبرامه بحجب تفاصيله عن الشعب التونسي ولم لا يطرح على الاستفتاء الشعبي؟”.

ويرى متابعون أن المواقف الصادرة الأحد عن اتحاد الشغل هي محاولة من قبله لإيصال رسالة للقيادة السياسية على أنه ما يزال مؤثرا في المشهد، بالرغم من أنه عمليا استنزف كل السبل لفرض نفسه في المعادلة القائمة، مستدلين في ذلك بتردده حتى اللحظة في إعلان مبادرة كان سبق وأن طرحها وقوبلت برفض مسبق من سعيد.

وقال الطبوبي إن المبادرة جاهزة، وسيعلن عنها في الإبان ومتى يحتاج الشعب والدولة والمجتمع المدني إلى هذه المبادرة بعيدا عن المناكفات السياسية والمزايدات.

4